منهل عبد الأمير المرشدي ||
اصبع على الجرح ..
ها هي السنين تمر متسارعة متهالكة غريبة عجيبة في كل شيء . ها هي الأعمار تنقضي من دون ان نعرف كيف تنقضي ومصائب الزمان لا تنقضي . ما من يومٍ يمر إلا وهو يحمل عبراً عِظاما ولكن إلى من يحملها ؟ و من يفهمها ؟ دروس مرت من دون ان نعتبر ودروس تمر كل يوم وعبر تسطرها الأيام من دون ان نفهم او نعتبر . الى المتجبرين اتحدث قبل البسطاء والى الأثرياء قبل الفقراء والى سلاطين الزمان قبل المستعبدين والمتسلطن عليهم، اقول لهم كم انتم مساكين نستحقون الشفقة بما يعتمر في ذواتكم من غرور ونفوسكم من اهواء وآمال كبيرة وعريضة واحلام لا يتسع لها الفضاء وتنسون او تتناسوا ان أحلامكم الذهبية وآمالكم الوردية وتخيلاتكم الشهية مهما كانت فلا يكون إلا القدر ولا ينزل إلا قضاء رب البشر . متى نصحوا وتصحون من غفوة طول الأمل , انه داء عضال ومزمن وخبيث واراكم قد وقعتم صرعى في سموم اورامه التي تجلت في اللهاث على الزعامة والإنصياع لمستنقع الفساد واستعباد العباد . قال تعالى (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) فاحذروا طول الأمل خصوصا اذا كان بعيد عن رأس الحكمة ومخافة الله فإنه كان سببا في هلاك كثير من الأمم وما كان قصر الأمل والزهد في الأماني إلا سبب في صلاح ذلك الجيل الطاهر من القلّة الطاهرة في صدر الرسالة من أول هذه الأمة حتى قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل) . لست بواعظ ديني لكني ابيت إلا ان اذكّر نفسي وأذكركم وللننظر لمن هم قبلنا وقبلكم وأين ذهب المتفرعنين والمتسلطنين والطواغيت بشعاراتهم الزائفة وظلمهم وفسادهم وفجور أهوائهم حتى أدركنا إن من الشقاء طول الأمل وإن من النعيم قصر الأمل . ألا تدرون أن الأجل بالمرصاد وقد يأخذكِ في أي لحظة من دون اعتبار لكل آمالك .
فكم رأينا ممن بنوا بيوتا لم يسكنوها وقصور المقبور في بغداد وتكريت وكل محافظات العراق خير شاهد ودليل ؟ وكم من منتظر قدوم قريبٍ أو صديق له من سفره فما رآه وكم من جامع للمال وما تهنأ به؟!!
"كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكمله ومنتظر غداً لا يبلغه ؟ نعم والله لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره . هي مفردات هاجت في شغاف ذاتي ونبض قلبي لأزيحها كلمات لمن يقرأ ومن يفهم ومن يقبل . ألا ترون ما في قلوبنا من قسوة وغفلة فلا الوعيد يخوفها ولا الوعيد يصلحها .
اقولها وقلتها مرارا ما قاله الله تعالى (إنك ميت وانهم ميتون) فبئس طول الأمل والرضوخ لهوى النفس والقسوة في القلب .
انا لا ادعو الى اليأس والإحباط ولكن لنكن مصداق قول الإمام علي عليه السلام بأن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا ، فرّقّة القلب وصفائه تأتي في تذكر الموت وقال تعالى ( فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) .
الموت لا يعرف الصغير ولا الكبير ولا الغني ولا الفقير ولا المريض ولا الصحيح . انه يأتي بغتة دون استئذان أو موعد . اخيرا وليس آخرا اقولهيخاف منها..!!
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha