نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الأمم المتحضرة تحترم في رقيها بالعلم والمعرفة، واحترام الحاكم لشعبه، ووجود دستور حاكم، والشخص الذي يتعرض للظلم يجد مؤسسات ومسؤولين وساسة ينصفوه ويرفعون الظلم والحيف عنه، لذلك الأمم الفاشلة، تدمر نظام التعليم، ويصبح المعلم والمدرس والأستاذ الجامعي مرتشي وفاسد ويتعامل بعنف مع طلابه، يحارب الطالب المتفوق.
بحقبة حكم صدام الجرذ، في جامعة بغداد كلية الهندسة، طالب متفوق اسمه ازهر الخفاجي من النجف، أحد الأساتذة دكتور هندسة القى محاضرة ساعة لحل مسألة رياضية، زاهر رفع يده قال له دكتور انا اختصر الحل بشكل بسيط، قال له تفضل، زاهر وقف بجانب الصبورة وبيده الطباشير كتب الحل بسطرين، كانت ردة فعل الأستاذ، ضرب السبورة بالطباشير وترك القاعة وهو عصبي أشبه بخنزير هائج، كان يفترض يشكر الطالب المتفوق ازهر الخفاجي، بعد ذلك الطالب المتفوق ازهر ذهب للدنمارك وطلب لجوء وعمل في أفضل الجامعات الدنماركية بتفوق باهر.
نظام البعث دمر الشعب العراقي من خلال اعدامه إلى عشرات آلاف طلاب الجامعات والمدارس الاعدادية والمتوسطة وقضى على النخب العلمية بإعدامات صورية، عمل على تدمير نوعية التعليم، بدأت ظاهرة الغش، أوجد نظام البعث بدعة منح الطالب الذي يرأس اللجنة الاتحادية لحزب البعث عشر درجات على المعدل، وخمس درجات لكل طالب لديه أب أو اخ قتل للدفاع عن نظام صدام الجرذ في اسم الشهيد، لذلك يتعرض المرضى لظلم طبيب فاشل نجح بالغش والحصول على عشر درجات على المعدل لكونه بعثي، اسقف منازل تنهار على يد مهندس نجح بالغش أو بالحصول على درجات لكونه بعثي، ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش، فانهيار التعليم يعني انهيار الأمة.
كان التعليم قبل مجيء نظام البعث من أجود التعليم في قارة آسيا وأصبح التعليم بالعراق يقارن بالدول الأوروبية الغربية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والدنمارك والسويد، بعد وصول البعثية للحكم وخاصة حقبة نظام صدام الجرذ قائد الزرورة جعل من الكادر التدريسي أدوات للبعث، أتذكر عام ١٩٨١ في اعدادية صناعة واسط تم اعتقال مدرس الرسم الهندسي المهندس محسن جسام واعدامه واعتقال أكثر من اربعين طالب اعدم منهم عشرين، ويوميا يتم نقل المدرسين وتبديل المدير، بالاخير تم تعين معلم مدير للاعداداية وكان الملاك المدير يجب أن يكون مهندس، اخر معلم بعثي فاشل نصبوه بزمني اسمه جليل ابو رغيف كل خميس مسدسه برفعة العلم يرمي به طلقات ويلتفت إلينا ويقول لنا نعدم كل الخونة ونفعل بكم مثل مافعلنا في الخائن محسن جسام، كان نظام البعث هدفه الأساسي تدمير نظام التعليم، وجعل النظام التعليمي ينشر فكر البعث الطائفي الشوفيني.
واجب المعلم يعمل اجتماعات حزبية وبجمع بدل الاشتراك لحزب البعث، التضييق على المعلمين وخاصة بزمن الحصار الجائر، أصبح المعلم يأخذ رشوة بحيث أصبح الطالب ينجح بسلة بيض او دجاجة وربما بسطل حليب، لم يبني نظام البعث مدارس، بقينا بالمدارس التي بناها الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم، بل انا درست في مدارس طينية في مدرسة العقابية في قضاء الحي، تصوروا لا توجد مراحيض في متوسطة الحي والمدارس الابتدائية، كنت اضطر اجلب ماء معي في حقيبتي استعملها في التواليت، لأن نظام البعث واضع احجار بدل المياه للطهارة، عندما يصبح راتب المعلم والمدرس دولارين اكيد لم يبقى مجال أمام المعلم والمدرس طريق سوى قبول الرشوة، عمل المعلمين بالإكراه على تدريب الطلائع وأشبال صدام على كيفية الغناء إلى البعث، وعلى استخدام السلاح وزرع فيهم روح القتل والاجرام بدل من زرع روح الدراسة والمثابرة، أبناء الرفاق البعثيين من عضو فرقة فما فوق ينجح ولا يرسب ولا يجوز الاعتراض عليه، كان نسبة عالية من الطلاب يذهبون للمدرسة ويرسبون أنفسهم للتهرب من الخدمة العسكرية.
أتذكر كان معنا طالب ابن مسؤول فرع الكوت عندما يأتي إلى قاعة الامتحان يأتي معه ضابط أمن، رغم أنف المراقبين يسمحون له بالغش بالعلن، اغرب نكته أحد الإخوة نقل لي ان مدرس المادة الإسلامية يأخذ مائة دينار مقابل ان ينجحك في مادة التربية الاسلامية، بحقبة المقبور البكر وبسبب تبني العراق شعار الاشتراكية تم فرض محو الأمية لثلاث سنوات لكن بالاخير تم ايقاف برنامج محو الأمية، بعد تولي صدام جرذ العوجة واعلانه الحرب في الثمانينيات ضد ايران.
بحقبة نظام البعث كانت البنى التحتية للتدريس صفر، جودة التعليم في العراق أيضا كانت محطمة، المستوى التعليمي منخفض جدا، اغلب الطلبة الذين أهلهم يملكون أموال يتجهون إلى التعليم الخاص.
تدمير التعليم سيعطي شعبًا جاهلًا يركع ويسجد للبشر ويقبل الضيم، ويمجد ما قاله الزعيم الأوحد، تفكير المواطن وطاقته وهمه هو توفير رغيف الخبز ليسد رمق جوعه وجوع أطفاله، بات الحصول على وظيفة الحلم الشاغل للشباب.
بعد سقوط نظام البعث تم المباشرة في فتح مزيدا من الجامعات والكليات، تم بناء آلاف المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية، أنا حاليا بقضاء الحي، في المدينة بجزئها الشمالي بالقرب من المستشفى الجمهوري الذي بناه الشهيد عبدالكريم قاسم اشاهد شركة صينية تبني في أربع مدارس تم بناء الأساس واشاهد عمليات بناء في هياكل المدارس، يوجد مشروع لبناء ١٠٠٠ مدرسة ورأيت بناء مدارس يالبصرة والناصرية والكوت وفي بغداد.
رأيت جامعات جديدة بل حتى رأيت بمدينة الحي كلية طب بيطري، وعلى طريق الحي كوت جامعة تضم تخصصات طب بشري واسنان وهندسة، ورأيت جامعة بالجانب الشرقي لمدينة الكوت اسم الجامعة جامعة واسط، هذا لم يكن بحقبة نظام البعث، كانت اعدادية صناعة واحدة بالكوت تقبل الطلاب من الصويرة والعزيزية والنعمانية وبدرة وجصان والحي، الوضع الآن جيد، رغم إرهاب الشريك البعثي السني الطائفي، الشيخ عدي الغريري خطاباته كلها تحريض وكان في ساحات الذل من أكثر المحرضين بشهادة الشيخ حميد الهايس، فلول البعث واجبهم تقبيح كل جميل بظل حكومة يشارك بها الشيعي والكوردي، كل مصائبنا من الشريك البعثي السني بالدرجة الأولى.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
4/7/2023
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha