المقالات

ما هو تفسير  الآية 151 من سورة البقرة ؟...


د.مسعود ناجي إدريس ||

 

جواب: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَ يُزَكِّيكُمْ وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ 

قوله { كما أرسلنا } التشبيه فيه على القول الأول معناه أن النعمة في أمر القبلة كالنعمة بالرسالة لأن الله تعالى لطف لعباده بها على ما يعلم من المصلحة ومحمود العاقبة وأما على القول الثاني فمعناه أن في بعثة الرسول منكم إليكم نعمة عليكم لأنه يحصل لكم به عز الرسالة فكما أنعمت عليكم بهذه النعمة العظيمة فاذكروني واشكروا لي واعبدوني أنعم عليكم بالجزاء والثواب والخطاب للعرب على قول جميع المفسرين وقوله { رسولا } يعني محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) { منكم } بالنسب لأنه من العرب ووجه النعمة عليهم بكونه من العرب ما حصل لهم به من الشرف والذكر وأن العرب لم تكن لتتبع رسولا يبعث إليهم من غيرهم مع نخوتهم وعزتهم في نفوسهم فكون الرسول منهم يكون أدعى لهم إلى الإيمان به واتباعه وقوله { يتلو عليكم آياتنا } أراد بها القرآن { ويزكيكم } ويعرضكم لما تكونون به أزكياء من الأمر بطاعة الله واتباع مرضاته ويحتمل أن يكون معناه ينسبكم إلى أنكم أزكياء بشهادته لكم بذلك ليعرفكم الناس به { ويعلمكم الكتاب والحكمة } الكتاب القرآن والحكمة هي القرآن أيضا جمع بين الصفتين لاختلاف فائدتهما كما يقال الله العالم بالأمور كلها القادر عليها وقيل أراد بالكتاب القرآن وبالحكمة الوحي من السنة وما لا يعلم إلا من جهته من الأحكام وقوله { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } أي ما لا سبيل لكم إلى عمله إلا من جهة السمع فذكرهم الله بالنعمة فيه ويكون التعليم لما عليه دليل من جهة العقل تابعا للنعمة فيه ولا سيما إذا وقع موقع اللطف .

{ فاذكروني أذكركم } قيل معناه اذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي عن سعيد بن جبير بيانه قوله سبحانه وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون وقيل اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي عن ابن عباس وبيانه قوله والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقيل اذكروني بالشكر أذكركم بالزيادة عن ابن كيسان بيانه لئن شكرتم لأزيدنكم وقيل اذكروني على ظهر الأرض أذكركم في بطنها وقد جاء في الدعاء اذكروني عند البلاء إذا نسيني الناسون من الورى وقيل اذكروني في الدنيا أذكركم في العقبي وقيل اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء وبيانه قوله سبحانه فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون وفي الخبر تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وقيل اذكروني بالدعاء أذكركم بالإجابة بيانه قوله { ادعوني أستجب لكم } .

وروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن الملك ينزل الصحيفة من أول النهار وأول الليل يكتب فيها عمل ابن آدم فأملوا (2) في أولها خيرا وفي آخرها خيرا فإن الله يغفر لكم ما بين ذلك إن شاء الله فإن الله يقول { اذكروني أذكركم } وقال الربيع في هذه الآية إن الله عز وجل ذاكر من ذكره وزائد من شكره ومعذب من كفره وقوله { واشكروا لي } أي اشكروا نعمتي وأظهروها واعترفوا بها { ولا تكفرون } ولا تستروا نعمتي بالجحود يعني بالنعمة قوله { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } الآية .

بعد ذكر هذه النعمة يشير القرآن إلى أربع نِعَم عادت على المسلمين ببركة هذه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم):

1 ـ { يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا } ، ويتلومن التلاوة، أي من إتيان الشيء متوالياً، والإتيان بالعبارات المتوالية (وبنظام صحيح) هي التلاوة.

النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إذن يقرأ عليكم آيات الله متتالية، لتنفذ إلى قلوبكم، ولإعداد أنفسكم إلى التعليم والتربية.

2 ـ (وَيُزَكِّيكُمْ).

و «التّزكية» هو الزيادة والإنماء، أي إنّ النّبي بفضل آيات الله يزيدكم كمالا مادياً ومعنوياً، وينمّي أرواحكم، ويربّي في أنفسكم الطهر والفضيلة، ويزيل ألوان الرذائل التي كانت تغمر مجتمعكم في الجاهلية.

3 ـ { وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ } .

التعليم طبعاً مقدم بشكل طبيعي على التربية، ولكن القرآن ـ كما ذكرنا ـ يقدم التربية في مواضع تأكيداً على أنها هي الهدف النهائي.

الفرق بين «الكتاب» و«الحكمة» قد يكون بلحاظ أن الكتاب إشارة إلى آيات القرآن والوحي الإِلهي النازل على النّبي بشكل إعجازي، والحكمة حديث النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاليمه المسمّاة بالسنة.

وقد يكون الكتاب إشارة إلى أصل التعاليم الإِسلامية، والحكمة إشارة إلى أسرارها وعللها ونتائجها.

ومن المفسرين من احتمل أن «الحكمة» إشارة إلى الحالة والملكة الحاصلة من تعاليم الكتاب. وبامتلاكها يستطيع الفرد أن يضع الأُمور في نصابها(2).

صاحب «المنار» يرفض أن يكون معنى الحكمة «السنة»، ويستدل على رفضه بالآية الكريمة {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } [الإسراء: 39] .

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك