عدنان علامه ||
/ عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
لخص الإمام الحسين عليه السلام أسباب ثورته فقال لأخيه محمد بن الحنفية في وصية له: «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين».
وعن أسباب رفض الإمام الحسين عليه السلام البيعة والتسليم لقيادة يزيد قال : "إنّا أهل بيت النبوَّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله".
فثورة الإمام الحسين كانت ضد الحكم الأموي الفاسد وعدم أحقية يزيد بالحكم بعد أن حنث والده معاوية بالعهد الذي وقعه للإمام الحسن عليه السلام، بأن يكون الحكم من بعده للإمام الحسين عليه السلام، وهو أول مر كرّس مبدأ "إنتقال الحكم بالوراثة".
وقد نقل الأديب عبد الرحمن الشرقاوي واقعة رفض الإمام الحسين البيعة بإسلوبه في رائعته "الكلمة"؛ وهذا مضمونها الحواري:-
الوليد : نحن لا نطلب إلا كلمة
فلتقل : " بايعت " واذهب بسلام لجموع الفقراء
فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنا للدماء
فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة
الحسين : ( منتقضا ) كبرت كلمة !
وهل البيعة إلا كلمة ؟
ما دين المرء سوى كلمة
ما شرف الرجل سوى كلمة
ما شرف الله سوى كلمة
ابن مروان : ( بغلظة ) فقل الكلمة واذهب عنا
الحسين : أتعرف ما معنى الكلمة...؟
مفتاح الجنة في كلمة
دخول النار على كلمة
وقضاء الله هو الكلمة
الكلمة لو تعرف حرمة
زاد مذخور
الكلمة نور
وبعض الكلمات قبور
بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى
الكلمة فرقان بين نبي وبغى
بالكلمة تنكشف الغمة
الكلمة نور
ودليل تتبعه الأمة
عيسى ما كان سوى كلمة
أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم !
الكلمة زلزلت الظالم
الكلمة حصن الحرية
إن الكلمة مسئولية
إن الرجل هو الكلمة
شرف الرجل هو الكلمة
شرف الله هو الكلمة
ابن الحكم : وإذن ؟!
الحسين : لا رد لدى لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة
الوليد : قد بايع كل الناس يزيدا
إلا أنت.. فبايعه
الحسين : ولو وضعوا بيدي الشمس.. !
ابن مروان : فلتقتله.. اقتله بقول الله تعالى..
ابحث عن آية..
أقتله بقول رسول الله
فيمن خرج عن الإجماع
الحسين : أتقتلني يا ابن الزرقاء بقولة جدي فيمن نافق ؟
أتزيف في كلمات رسول الله أمامي يا أحمق
أتقتلني يا شر الخلق ؟
أتؤول في كلمات الله لتجعلها سوط عذاب
تشرعه فوق امرئ صدق ؟
وقد تناقلت الأجيال طيلة 14 قرنًا روح هذه الثورة ضد الظلم والظالمين واثمرت في إيران جمهورية إسلامية تخطت كل التوقعات واحتلت المراتب العليا في كافة العلوم والإبتكارات بين الدول الكبرى، وأصبحت بفضل الله تعالى وروح ثورة الإمام الحسين قوة إقليمية ودولية في آن. وبفضل روح هذه الثورة الحسينية إنتصرت المقاومة الإسلامية في لبنان؛ ففرضت نتيجة لتراكم جهود وعمليات فصائل المقاومة إنسحابَا مذلًا على الصهاينة من طرف واحد وبدون أي قيد أو شرط في 25 أيار/مايو 2000. وقد تم تسجيل نصر إلهي جديد على الصهاينة في العام 2006. ويحتفل اللبنانيون في هذه الأيام أجواء ذلك الإنتصار؛ كما ساهمت روح الثورة الحسينية في هزيمة المشروع التكفيري في لبنان وسوريا في آب من العام 2017.
وقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم عن أزلية روح الثورة الحسينية؛ فنقلا من كتاب الأنوار لأبي علي محمد بن همام، حدثنا أحمد بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأحمري قال: حدثنا حماد بن إسحاق الأنصاري، عن ابن سنان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال:. نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، ثم قال (عليه السلام) بأبي قتيل كل عبرة، قيل: وما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى.
وإن غدًا لناظره قريب
19 تموز/يوليو 2023
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha