المقالات

      دروس من عاشوراء؛ الدرس التاسع : التغيير الاجتماعي عملية تكاملية تحتاج إلى عدة عوامل.


الشيخ الدكتور عبدالرضا البهادلي ||

 

📍عملية التغيير الاجتماعي وحدوثها في الواقع تحتاج الى عدة عوامل ،فالتغيير عملية تكاملية فلا يمكن ان يتغير واقع الامة بدون ان تتكامل ووتوفر هذه العوامل في الواقع الخارجي ،فالتغيير لا يحدث صدفة او يحدث عشوائيا او نتيجة توفر احد العوامل بل التغيير الاجتماعي هو عملية تكاملية ياتي ضمن شروط موضوعية في الواقع .

📍ومن اهم هذه الشروط والعوامل .

اولا : المنهج الصحيح والمتكامل في بناء الانسان .؟

ثانيا : المحرك للمنهج وهو الانسان والذي استوعب المنهج على مستوى النظرية وعلى مستوى السلوك .

ثالثا : وجود النخبة الواعية والصالحة المحيطة بالقائد وهم الحلقة الوسطى بين القائد والامة .

ثالثا : تفاعل الامة والقاعدة مع عملية التغيير ،بحيث تكون القاعدة مستعدة لعملية التغيير الاجتماعي وتعطي وتبذل كل ما يمكن من اجل التغيير . 

📍ومن عاشوراء العطاء نستفيد درسا تاريخيا كبيرا للاجيال ،وهو على الرغم من توفر العوامل المهمة في عملية التغيير وهو

1- وجود المنهج والفكر الصحيح للتغيير وهو منهج الاسلام والقران والرسالة الخاتمة للاديان والتي فيها سعادة الانسان في الدنيا والاخرة .

2- ووجود القائد المعصوم والانسان الكامل وهو الامام الحسين عليه السلام الذي هو عدل القران .

3- ولكن يوجد خلل في العنصر والعامل الثالث وهو القاعدة الجماهيرية ومادة التغيير فهم (اهل الكوفة) بالرغم من انهم كتبوا للامام الحسين وطلبوا منه المجيء للعراق ولكن خذلوه ولم ينصروه ،وهذا نص من بعض رسائلهم ( بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن علي من سليمان بن صرّد والمسيب بن نجية ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. "سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتـزى على هذه الأمة فابتـزها وغصبها فيأها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبعداً له كما بعدت ثمود. إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله، والسلام ورحمة الله عليك ).

📍وقد اجابهم الامام الحسين عليه السلام (بسم الله الرحمن الرحيم. من حسين بن علي الي الملأ من المؤمنين و المسلمين؛ أما بعد، فان هانئا و سعيدا قدما علي بكتبكم، و كانا آخر من قدم علي من رسلكم، و قد فهمت كل الذي اقتصصتم و ذكرتم، و مقالة جلكم: انه ليس علينا امام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الهدي و الحق. و قد بعثت اليكم أخي و ابن عمي و ثقتي من أهل بيتي، و أمرته أن يكتب الي بحالكم و أمركم و رأيكم، فان كتب الي، أنه قد أجمع رأي ملئكم و ذوي الفضل و الحجي منكم علي مثل ما قدمت علي به رسلكم، و قرأت في كتبكم، أقدم عليكم و شيكا ان شاء الله؛ فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب، و الآخذ بالقسط، و الدائن بالحق ، الحابس نفسه علي ذات الله، و السلام.)

📍ولذلك لما وصل مسلم بن عقيل عليه السلام كتب الى الامام الحسين عليه السلام ، ناقلا اليه صورةً حيّة للأحداث والوقائع التي تجري أمام عينيه في الكوفة، وقيّم له الموقف وأعرب عن تفاؤلهِ وسأله القدوم وقد جاء في رسالة مسلم للإمام عليه السلام ، ( أَمّا بعد، فإن الرائد لايكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشَر ألفاً، فعجّل حين يأتيك كتابي، فإنّ الناس كلَّهُم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوىً ).

📍والخلاصة ؛ ان عملية التغيير الاجتماعي وان توفر فيها العامل الاول (وجود المنهج) والعامل الثاني وهو (وجود القائد والانسان الكامل) ،ولكن يجب توفر العامل الثالث وهو وجود القاعدة الصالحة والمخلصة من اجل عملية التغيير ،فبدون العامل الثالث لا يمكن التغيير الاجتماعي ،ولذلك اهل الكوفة كانوا وراء عدم انتصار الامام الحسين عليه السلام على دولة الظلم والفساد التي يقودها يزيد بن معاوية ،لان القاعدة كانت تعيش حالة عدم الوعي وانعدام الارادة والانهزامية وعدم التضحية من اجل المباديء والقيم . والنتيجة رضوا بالذل والهوان والظلم والفساد وخذلوا الامام الحسين وحركته الاصلاحية في الامة .؟.

📍ولقد جاء في الاثر ان الامام الحسين كلمهم يوم عاشوراء وذكرهم بما كتبوه له عليه السلام

" يا شبث‌ بن‌ ربعيّ ! ويا حجّار بن‌ أبجر! ويا قيس‌ بن‌ الاشعث‌ ! ويا يزيد بن‌ الحارث‌ ! ألم‌ تكتبوا إليّ : أنْ قدْ أينعت‌ الثمارُ واخضرَّ الجنابُ ، وإنّما تَقْدَمُ عَلي‌ جُندٍ لَكَ مُجَنَّدَةٍ ؟!

📍 فقال‌ له‌ قيسُ بن‌ الاشعثِ : ما ندري‌ ما تقول‌ ؛ ولكن‌ انْزِل‌ علي‌ حُكم‌ بَني‌ عمّكَ ، فَإنّهم‌ لن‌ يُرُوك‌ إلاّ ما تحبّ .

فَقَالَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي‌ إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ   ؛ ثُمَّ نَادَي‌: يَا عِبَادَ اللَهِ ! إِنِّي‌ عُذْتُ بِرَبِّي‌ وَرَبِّكُمْ أَن‌تَرْجُمُونِ ؛ وَأَعُوذُ بِرَبِّي‌ وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَيُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ( ).

📍وكذلك ما نراه جليا عندما قرع الامام زين العبدين اهل الكوفة (ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم. أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولاتراث، أنا ابن من انتُهِكَ حريمُهُ، وسُلِبَ نعيمُهُ، وانتُهبَ مالُهُ، وسُبِيَّ عياله، أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا، ايها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون إنكم كتبتم الى أبي وخدعتموه،وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة ثم قاتلتموه وخذلتموه، فتبا لكم لما قدمتم لإنفسكم،وسوأةً لرأيكم،بأية عين تنظرون الى رسول الله صلى الله عليه واله إذ يقول لكم:قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي،فلستم من أمتي ، فإرتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية، ويقول بعضهم لبعض:هلكتم وماتعلمون)؟

📍وكذلك السيدة زينب عليها السلام كذلك قامت بتقريعهم عندما قالت لهم ( أما بعد : يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر !! أتبكون ؟ فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنة. إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم. ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف ؟ والصدر الشنف ؟ وملق الإماء ؟ وغمز الأعداء ؟ أو كمرعى على دمنة ؟ أو كفضة على ملحودة ؟ لا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون ؟ وتنتحبون ؟ إي والله ، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً. فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً. وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ؟ ومعدن الرسالة ، وسيد شباب أهلا الجنة ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجتكم ، ومدرة سنتكم ؟ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. وَيلكم يا أهل الكوفة ! أتدرون أيّ كبدٍ لرسولا لله فَرَيتُم ؟! وأيّ كريمةٍ له أبرزتم ؟! وأي دم له سفكتم ؟! وأيّ حرمةٍ له هتكتم ؟! لقد جئتم بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء ، كطِلاع الأرض وملء السماء. أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ، ولعذاب الآخرة أخزى ، وأنتم لا تُنصَرون. فلا يَستَخفّنكم المُهَل ، فإنّه لا يَحفِزُه البِدار ، ولا يَخافُ فَوتَ الثار ، وإنّ ربّكم لبالمرصاد )....

 

📍اللهم احينا حياة محمد وال محمد وامتنا ممات محمد وال محمد بحق محمد وال محمد...

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك