سعيد البدري ||
تدرك تركيا الاثار السلبية التي يعانيها العراق جراء م نقص امدادات المياه في نهري دجلة والفرات ،ولعلها ومن خلال احتجازها للمياه في سدود وخزانات انطلقت بتشييدها مطلع سبيعينيات القرن الماضي ، ورغم ادراكها حجم الاثار التي يخلفها مثل هذا السعي وامتداد تأثيراته على العراق ، الذي يواجه شحة و جفاف يفاقمها ندرة في معدلات هطول الامطار وقصر موسمها، مع ارتفاع كبير بدرجات الحرارة خلال فصل الصيف ، ما يعني وجود خلل وتقصير وتهاون في علاج اصل المشكلة انذاك في وقت يبدو الخوض في المعالجات اكثر جدوى من استعراض التأريخ وبيان. الجهات المقصرة التي ادت الى جعل العراق بهذه الحالة .
موقف الجارة تركيا وبالرغم من ابرام اتفاقات سابقة معها خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات لم يتغير ،وهي لم تحرك ساكنا ازاء المطالبات العراقية بأيجاد اتفاقات دائمة وحلول جذرية ،كما لم تقم بأي اجراء جدي يؤدي الى التوصل إلى حل مقبول ومنطقي، يُنهي أزمة المياه ويراعي الاحتياج المتزايد عراقيا ،والواقع المفروض يقول أن أزمة المياه بين العراق وتركيا قانونية وطالما فسرت القوانين المتعلقة بتنظيم تقاسم عادل بين بلدان المنبع والمصب على مقاساتها ، فتركيا لا تقول بأن نهري الفرات ودجلة من الانهار الدولية ،لذا لا يمكن التسليم بكون تركيا معنية بمراعاة وضع العراق واعتباره بلدا متشاطئا معها ، ولا ندري هل يحق لأي بلد الاستحوذ على المياه واعتبارها موردا اقتصاديا ، وتشبيه الوضع ازائها بكونه مماثل لسيطرة العراق والبلدان الاخرى على الابار النفطية الواقعة ضمن اراضيها ، ما يعكس حالة الطمع التركي ومحاولات انقرة المستمرة للمساومة والابتزاز ،دون ان يكلف المجتمع الدولي نفسه شيئا لألزام تركيا بالامتثال للاعراف الدولية ،وضمان حصة ثابتة من مياه نهري دجلة والفرات للعراق وفضلا عن حصة سوريا المجاورة الشريكة في الفرات ايضا.
المخيف في الأمر ،هو كم التحذيرات التي اطلقت لتنبيه العراق للاستعداد لما هو قادم ،في حال عدم انصياع تركيا وتعميقها للاثار الكارثية واستخدمها المياه كسلاح بوجه العراق ،عبرانشائها المزيد من السدود وتقليل الاطلاقات المائية ،حيث تشير تقارير وتوقعات لمراكز متخصصة الى ان مؤشر الإجهاد المائي و ملامح الجفاف الشديد ستكون على اشدها منتصف العقد الحالي في عموم البلاد، مع موجة شبه جفاف تعصف بانهار العراق باتجاه الجنوب، ليتحول نهري الفرات و دجلة الى مجرد مجارٍ مائية ، وقد يكون لهذه التوقعات السوداوية ما يدعمها على ارض الواقع ، وهو ما يظهر بوضوح في موقف تركيا من هذا الملف الحساس والحيوي ، وحتى مع المبالغة التي يشار اليها بهذا الصدد فأن على حكومة العراق ان تبذل مساع اكبر وتبحث عن بدائل وتستعد لمواجهة اي وضع طارئ يهدد أمن الشعب العراقي .
ان أرض الرافدين العظيمين تحتاج لما هو اكثر من تأمين المياه لاغراض الشرب فتحديات التصحر واندثار الزراعة سيكون لهما تبعات وهزات يبدو أن مصاديقها الواقعية باتت اكثر وضوحا اليوم ،فالتفكير بالحلول لا ينبغي ان يقتصر على مباحثات وتبادل زيارات بل ينبغي ان يضغط العراق باتجاهات اخرى ويوظف اكثر من ملف لتجنب الوقوع في مطب التعنت التركي ،كما ينبغي العمل بعيدا عن اي مساومات مضرة ، تحت ضغط الحاجة وضعف الموقف التفاوضي ،فضلا عن التفكير جديا بحلول اخرى يمكن معها تأمين المياه لأكثر من غرض للنهوض بالزراعة والصناعة ليشعر المواطن العراقي بتحقق امنه المائي الذي لا يزال ينذر باخطار جديدة تهدد أمن بلدنا واستقراره ..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha