المقالات

المواطن بين تحمل الضرر و اليأس من  الاستجابة ؟؟ 


سعيد البدري ||

 

بعيدا عن الخوض بنوايا الاعم الاغلب من كبار  المتصدين لمواقع الخدمة العامة ، وبعيدا عن قناعتي الشخصية لكني وبحكم التجربة والاحتكاك المتواصل بالكثيرين ممن يتصفون بالجدية والنزاهة  ، اجد ان حماس بعضهم يدفعهم  للبحث عن النجاح ، وتجنب النقد والابتعاد عن مواطن الشبهة ،هذه القناعة ليست فعلا عاطفيا فارغا ، فمعظهم هولاء  مدرك تماما ما تعنيه المسؤولية وان يكون راعيا معنيا بسيادة قيم العدالة  ، ولأنه مسؤول وتطارده نظرات الرقابة ، فلا شك ان سعيه وفعله ومواقفه تبنى على اساس البحث عن المصلحة لقطاف ثمار النجاح ، فالوزير والوكيل و المدير العام وغيرهم ، موظفو خدمة عامة و واجباتهم  تنحصر بالجوانب التنفيذية المرتبطة بخدمة الشعب ،فأن ترفعوا عن هذه الخدمة ، فلا ضير انهم سيواجهون سيلا من الانتقادات ،ناهيك عن تعرضهم للمسألة والحساب بتهم شتى ،تبدأ بالاهمال الوظيفي وقد لاتنتهي بتعمد الاضرار بالمصلحة العامة ، اما اذا  لمسوا تقاعسا من مرؤوسيهم في أي موقع و مكان  مهما كان صغيرا  ،فعليهم ان يهبوا لاتخاذ موقف حازم ويتثبتوا من الحقيقة ويحاسبوا المقصرين، حين يثبت ان هولاء المرؤوسين يقومون باعمال تنافي الواجبات المناطة بهم .  

في محل  الشاهد ،كثيرا  ما نسمع عن عن سلوكيات مشينة ، ومخالفات صريحة للقوانين من قبيل طلب البعض الرشوة  ،او التغاضي عن مخالفات المتنفذين على اختلاف مسمياتهم وصفاتهم ، وترجيح اسلوب المجاملة على حساب مصالح غالبية المواطنين ،وهو ما يتسبب بمشاكل للدولة ويضر بسيادة القانون ،لان القانون  ليس شعارا للاستهلاك بقدر كونه ضابطة تحكم سلوك الجميع ،فأذا كان سلوك موظف الخدمة العامة الادنى هو تحصيل الاموال ومجاملة من يدفع اكثر ،عند ذاك يجب ان يكون للمسؤول الاعلى دور في المحاسبة ،بمنع وردع من يرأسهم لان تركهم ،يتسبب بأذية العشرات وربما المئات او الالاف من المواطنين ،فلا احد يستطيع نكران وجود هذا السلوك ،ففي بعض الحالات  تحرم  مجاميع من هولاء المواطنين من الخدمة ليستغلها موظف او فرد فقط ، لأنه يتناغم مع فساد منظومة حكومية معينة لتجيير هذه المنفعة وحصرها بشخصه  ، سؤالي هنا وهو سؤال افتراضي يطرحه الالاف يوميا ، اين يلجأ المواطن امام طاغوتية صغار موظفي الدولة ؟؟ ومن ينصف من لا يستطيع اثبات تعرضه للظلم والضرر ،بسبب المحسوبيات وتغليب مصلحة الفرد على حساب الجماعة ؟!!

  هناك الكثير من  الحالات التي لا ترقى لكونها ظاهرة ،وتعتبر خاصة وخاصة جدا ،لكن توجد العشرات غيرها وهي  تشكل بمضامينها مجموعة ظواهر يكون فيها المواطن الطرف المتردد المسلوب الحق  ،غير القادر على اتخاذ القرار ،سيما مع عدم فاعلية الرقابة ورواج حالات التعدي وتجيير الموقع والمال لاغراض شخصية ، وسبب رواجها وعدم التصدي لها كما ينبغي، هو خشية و تنصل المواطن المتضرر ، و خوفه من ردود الفعل ( من گوامات عشائرية ) يكون فيها الموظف الفاسد صاحب الحق ،لانه ( مسلكي ومرتكب في آن معا ) كما توجد تهديدات جدية انتقامية بسبب الحديث عن هذه الممارسات والافعال، او حين يقوم المواطن بتوجيه  الاتهام الصريح والواقعي للمتسببين بالفعل من قبل طبقة من الموظفين الطاغوتيين  ، نعم  الالاف من المواطنين  يفكرون بهذه الطريقة ،وهي تجنب الخوض بالمشاكل ويفضلون تحمل  الضرر والتغاضي عن حقوقهم لضمان السلامة ، بسبب هشاشة الاجراءات وعدم الجدية في تطبيق القانون ، وهو ما يفرض ان يلجأ المسؤول لاسلوب اخر ،ويفتح ابوابه لمن تمسهم الظلامة مع تطمينات ورقابة ذاتية اكثر صرامة ، فالمواطن اليوم لم يعد شريكا في مكافحة سلوكيات الفساد ، بل متفرجا عليها فينتقد ويتكلم ويرفع صوته في المجالس الخاصة والاسواق معبرأ عن نقد يائس دون مبادرة و التقدم بشكوى .

هذا التصور اليائس يدفعنا للافتراض وحسب اعتقاد  المواطن ،ان لا جدوى مما يقوم به ،لانه جرب المشاركة فوجد نفسه  بين وشاية الرقيب وعدم انصات المسؤول ،والضرر  من اتخاذه هذا الموقف كبير  ،اولا بسماحه لهولاء بهضم حقوقه ، وثانيا لأنه يفقد الرقابة فاعليتها ،فعدم الابلاغ عن مثل هذه العمليات المشبوهة، و قد يكون كل ذلك مبررا بالنسبة له ، لأنه يرى في الدولة شريكا غير موثوق فبين  البيروقراطية الادارية وعدم الجدية في المعالجة وعدم حمايته في حال تعرض للتهديد ،وهي فرجة  تلحق الضرر  بسمعة المؤسسات الخدمية والدولة كما هو معلوم ،ما يؤدي  لتكريس مفهوم ان المواطن غير معني  بمعالجة الفساد ،وان ذلك الامر مناط باجهزة الدولة ،لاثبات النزاهة وتحسين صورتها امامه ،ولأن ذلك صعب للغاية ،فلا جريمة لا اتهام واثبات، ليتعزز لديه ولدى غيره  الاعتقاد بكونه محكوم من قبل طبقة محمية لا يمكن المساس بها من المتنفذين .

في حالةينطبق عليها ما نحن بصدده سألت احدهم عن اسباب سكوته عن ضياع حقه وعدم توجهه بشكوى ،اوضح انه لايثق بمن يشتكي عنده ، وكيف انه يخشى من تسريب اسمه للمشكوى منه ، فهو يفترض ان الموظف المعني بتطبيق القانون  في هذه الحالات ينحاز للموظف الفاسد  على حسابه كمواطن وان  لاحلول لمعضلة قوم يعملون و فق مبدأ رهملي وارهملك ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك