علي هاشم الركابي ||
كان عابس رحمه الله من زعماء وكبار الشيعة، وكان تقياً عابداً خطيباً شجاعاً، وقد كان شديد الإخلاص والولاء لأمير المؤمنين عليه السلام ولأبناءه.
لما أجتمع الشيعة حول مسلم في منزل المختار الثقفي، قرأ عليهم مسلم بن عقيل كتاب الإمام الحسين عليه السلام، فنهض عابس خطيباً وقال:
اما بعد فاني لا أخبرك عن الناس، ولا اعلم ما في أنفسهم، وما أغرك منهم، والله أحدثك عما انا موطن نفسي عليه، والله لأجيبنكم إذا دعوتم، ولا قاتلن معكم عدوكم ولا ضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك الا ما عند الله.
وفي يوم العاشر كان لعابس مولى (خادم) يدعى شوذب، قد حضر معه في كربلاء، فلم يخرج عابس للقتال قبله، بل قدم مولاه شوذب أولاً ليراه شهيداً أمامه، ويحتسبه عند الله، وقد حصل ذلك بالفعل.
وقبل أن يخرج عابس للقتال، سلم على الإمام الحسين ثم قال:
يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعز علي ولا أحب إلي منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشئ أعز علي من نفسي ودمي لفعلت، السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أني على هداك وهدى أبيك.
وخرج وقاتل قتالاً شديداً، وقد كانت المئة والمئتين تهرب منه ولا تقف أمامه، حتى قتلوه بغدرهم ومكرهم، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.
إن عابس رضوان بتقديم مولاه شوذب ليقتل أمامه دون الحسين، وكذا كلامه مع الإمام الحسين ومع مسلم، يرشدنا ويعلمنا كيف يجب أن ننصر إمام زماننا بدمنا ومالنا وكل ما نملك، بل الأكثر من ذلك، كان عابس كما يدل عليه كلامه مع الإمام الحسين، كان يتمنى أن يملك أكثر من روحه وماله ومولاه شوذب ليقدمه بين يدي الحسين، فرضوان الله عليه من شهيد مخلص متفان في إمام زمانه.
https://telegram.me/buratha