علي الزبيدي
الكاتب والباحث في الشأن السياسي
2023/08/22
تطل علينا قوات الاحتلال ومع حلف الناتو كل مرة تدخل فيها قواتها بذرائع وحجج لاتمت للواقع باي صلة كتغير مواقع بعض القطع العسكرية من قاعدة لاخرى او عملية انتشار الحلف للتصدي لداعش وهذا يعتبر تسويقًا إعلاميًا مكشوفًا للعالم والمنطقة وفي هذا السياق أعلن حلف شمال الأطلسي “الناتو”في الاسبوع الماضي، توليه مهمات إضافية في العراق، بينها أدوار استشارية وبناء قدرات، دعماً لقوات وزارة الداخلية العراقية وقيادة الشرطة الاتحادية، يأتي ذلك وسط غموض يكتنف الأسباب التي دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز قواتها العسكرية على الحدود العراقية – السورية، في ظل معلومات تشير إلى معركة محتملة في المنطقة.
واستقدمت القوات الأميركية خلال الأيام الفائتة تعزيزات عسكرية، تضم آليات وجنود على الحدود السورية، قادمة من الجانب العراقي باتجاه مدينة القائم بالقرب من مدينة البوكمال الحدودية على امتداد نهر الفرات.
كما أجرت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تدريبات عسكرية شاركت بها الطائرات الحربية، في قاعدة “كونيكو” بريف دير الزور الشمالي.
وذكر الحلف في بيان له ترجمته وكالة شفق نيوز، أن “بناء على طلب السلطات العراقية، وبقرار من مجلس الحلف الخميس، فإن نطاق مهمة الحلف في العراق ستشمل أيضاً مهمات استشارية وبناء القدرات لدعم وزارة الداخلية العراقية وقيادة الشرطة الاتحادية”، وأوضح “الناتو” أن “هذا النشاط الإضافي، سيجري بالتكامل مع الدعم الذي توفره أيضاً دول ومنظمات دولية أخرى”، مؤكدا في الوقت نفسه أن أنشطة الناتو كافة تنفذ “بناء على طلب العراق وفي ظل الاحترام الكامل لسيادة البلاد وسلامة أراضيها”.
وأشار حلف شمال الأطلسي، إلى أن “بعثته في العراق تأسست في العام 2018، وهي مكلفة بتقديم المشورة لمسؤولي الدفاع والأمن في وزارة الدفاع، ومكتب مستشار الأمن القومي، ومركز العمليات التابع لرئيس الوزراء، والآن ستشمل أيضا وزارة الداخلية وقيادة الشرطة الاتحادية”، وخلص بيان الناتو، إلى أن “بعثته في العراق ستقدم الاستشارات لمؤسسات التعليم العسكري المهنية في منطقة بغداد الكبرى”، وكان قائد عملية “العزم الصلب” في قيادة قوة المهام المشتركة في العراق وسوريا، الجنرال الأمريكي ماثيو ماكفارلين، كشف عن مراقبة التحالف لـ”تهديدات” تقودها جماعات في العراق على منصّات التواصل الاجتماعي، تفيد باستهداف قواعد البعثة العسكرية الدولية.
مؤامرة أمريكية جديدة للبقاء في العراقبينما تدعي السلطات الأمريكية أن سبب استمرار وجودها العسكري في العراق هو للمساعدة في استقرار وتأمين هذا البلد، إلا أن تصرفات واشنطن تثبت عكس هذا الادعاء، وفي آخر الأنباء عن خطط واشنطن المشبوهة، حذر عدد من المحلليين السياسيين العراقيين من تحركات السفيرة الأمريكية في بغداد إيلينا رومانوفسكي، واجتماعاتها مع كبار المسؤولين، وقالوا بالاتفاق إن واشنطن تحاول إعادة إرهابيي “داعش” من مخيم الهول في سوريا إلى العراق لزعزعة استقرار هذا البلد من جديد، وحسب هذا التحليل الجيوسياسي فإن تحركات السفيرة الأمريكية ولقاءها بعدد من الشخصيات المؤثرة آخرهم وزيرة الهجرة قد يأتي لخدمة الإرهاب وتوفير بيئة جديدة ومراكز نمو لعناصر “داعش” الإجرامية.
بناءً على ذلك، سيتم توطين عائلات إرهابيي “داعش” في محافظات كركوك وديالى ومحيط بغداد، هذه مناطق بعيدة عن سيطرة الحكومة المركزية وتقع ضمن نفوذ إقليم كردستان، ويمكن لأمريكا، التي لديها المزيد من القواعد والقوات في هذه المحافظات، تقويتها بسهولة.
ونفذت مجموعات الحشد الشعبي العام الماضي عشرات العمليات للقضاء على عناصر “داعش” في كركوك وديالى، ويظهر ازدياد نشاط هذه المجموعة في الأشهر الأخيرة استمرار وجود الدعم لهذه المجموعة الإرهابية.
وحذر مسؤولون وخبراء سياسيون وعسكريون عراقيون قبل أسبوعين من مؤامرة أمريكية لمواصلة العمليات الإرهابية في العراق.
وفي هذا الصدد، قال أحمد رحيم عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، عن تحركات الجيش الأمريكي لدعم الإرهابيين: الجماعات الإرهابية لجأت إلى بعض الأماكن في ديالى، وخاصة في مرتفعات حمرين والضواحي ويستخدمونها لاستهداف قوات الأمن.
ونؤكد ان الوجود العسكري الأمريكي على حدود العراق وسوريا وإن هذا الوجود يهدد أمن البلدين وخاصة سوريا التي لا تستطيع السيطرة على حدودها بسبب الوضع الراهن.
الشريط الحدودي هو نقطة الانطلاق للجماعات الإرهابية بهدف التسلل إلى العراق بأوامر من الولايات المتحدة، حتى تتمكن هذه المجموعات من السيطرة على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا واستخدامه ضد الحكومة العراقية.
أمريكا هي مؤسس تنظيم “داعش”، وأثناء فترة احتلال التكفيريين لجزء من أراضي العراق، عرقلت الطريقة التي قاتل العراقيون بها هذه المجموعة الخطط الأمريكية، وحتى أنه نُشرت وثائق عدة مرات أظهرت أن مروحيات أمريكية أسقطت مواد غذائية وأسلحة لـ”داعش” والتي تم الاستيلاء عليها في المعركة، وحتى في المواقف الحرجة كان يتم تهريب قادة هذه المجموعة لاستخدامهم ضد العراقيين في المستقبل.
على الرغم من تدمير الجزء الأكبر من “داعش” في العراق، لم تشعر أمريكا بخيبة أمل أبدًا من هذه المجموعة، وحاولت في السنوات الماضية بطرق مختلفة تقوية العناصر المتخفية لهذه المجموعة التكفيرية.
الكشف عن خفايا التحركات العسكرية الأمريكية في العراق
ومن اخطر خفايا التحركات الأمريكية العسكرية في المحافظات العراقية وإن “واشنطن لا تكترث لمطالبات الحكومة بضرورة إخراج القوات القتالية والإبقاء على المدربين”، وأن “أمريكا افتعلت هذا المخطط من أجل السيطرة على مقاليد الإدارة والسياسة في العراق”، وإن “المناورات التي تريد أمريكا القيام بها برا وجوا وتستعد لها شمال العراق مع القوات التركية خير دليل على وجود قوات مقاتلة، وازداد عددها خلال الفترة الحالية”، وأن “استعراض الولايات المتحدة الامريكية يعود إلى محاولة محاصرة سوريا من جهة العراق وخاصة بعد إعادة دورها في المحور العربي”.
وأود الاضافة هنا إن “أحد أبرز نقاط المخطط الجديد هو إعادة توزيع عصابات “داعش” بمستوى جديد وتسليح متطور وتزويد بعض العصابات بصواريخ همر محمولة على عجلات في البادية السورية”وكما ورد في وسائل الاعلام إن “واشنطن أنشأت جسراً جوياً بين القواعد الأمريكية في شرق الفرات وقاعدة البغدادي وقاعدة حرير وبحسب خبراء عسكريون أن “المتتبع للتحركات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية عسكريا ودبلوماسيا تشير إلى وجود طبخة أمريكية جديدة لاستهداف السيادة العراقية وكذلك دول المنطقة وفي مقدمتها سوريا بعد إعادتها إلى الجامعة العربية” وأن الحكومة ووزارة الخارجية العراقية يشيرون إلى ضرورة الاستفهام عن التحركات العسكرية الأمريكية المريبة التي تحدث الآن، كما أن الاتفاقية الأمنية مع أمريكا تنص على عدم وجود حصانة للقوات المقاتلة الأجنبية على الأراضي العراقية.
الشراكة الاستراتيجية غطاء سياسي لبقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق
إن ما تسمى “الشراكة الاستراتيجية” بين “واشنطن وبغداد” ما هي إلّا غطاء سياسي لبقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق لما يمثله هذا البلد من “قلب الاستراتيجية الأمريكية” في عموم منطقة الشرق الأوسط، مستعينة في بقائها في العراق على مزاعم تواصل عمليات تدريب القوات العراقية ودعمها وتأهيلها، وفق الاتفاق الموقع بين واشنطن وبغداد، والعمل على سد الثغرات اللوجستية والاستخباراتية، والواقع أنه على الرغم مما يشاع من اكتساب القوات العراقية لخبرات قتالية إضافة للمهام التعبوية اللوجستية مع وجود قوات تدريب أمريكية، إلا أن المتتبع يلاحظ وجود ثغرات ملحوظة في الدفاع الجوي وفي عموم الاختصاصات العسكرية المهمة ما يشير إلى تعمد إبقاء معاناة التسليح العراقي وتعمد التقصير الأمريكي في هذه الجوانب الحساسة حتى يومنا، رغم ضخامة حجم القوات العراقية المسلحة وإمكانياتها الذاتية.
لماذا العراق قلب الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة؟
أعطت الولايات المتحدة الأمريكية أهمية قصوى لموضوع حماية المصالح الأمريكية في العراق الموكل للحكومة العراقية ضمن اتفاق ما يسمى “الحوار الاستراتيجي” الذي عقد في تموز (يوليو) 2021، والذي تم التأكيد من خلاله على حماية القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي والمستشارين العسكريين والقوافل العسكرية التابعة لهم من قبل الحكومة العراقية، ما يعتبر ذريعة لإبقاء قوات الاحتلال في هذا البلد كنقطة صد ودفاع أولي عن كيان الاحتلال الإسرائيلي بوجه أي تداعيات محتملة أو افتراضية واسعة تهدد بقاء الغدة السرطانية في فلسطين المحتلة.
ومن هنا يمكن اعتبار المهمة الرئيسة الأولى للوجود الأمريكي في العراق وسوريا وعموم المنطقة هي حماية ظاهرية للمصالح الأمريكية في العراق وعموم المنطقة والتي باطنها حماية الوجود الإسرائيلي المغتصب الفاقد لأي شرعية إقليمية ودولية في احتلال ارض فلسطين المغتصبة.
ومن هنا أيضا، فإن التحرك الأمريكي على الحدود العراقية السورية يعتبر تحركا استباقيا لعزل أي تداعيات محتملة قد تسببها اعتداءات إسرائيلية جديدة على لبنان تصاحبها نخوة عراقية غير متوقعة لحماية رجال المقاومة في لبنان وسوريا. وتراقب فصائل المقاومة الاسلامية في كل من لبنان والعراق وسوريا التحركات الاخيرة للناتو بحذر شديد لمعرفة مايجري بعيدًا عن الذرائع التي تسوقها امريكا إعلاميًا للعالم والمنطقة لاتحتمل مثل هذه التحركات او المناورات العسكرية الاستفزازية لدول المنطقة.
https://telegram.me/buratha