المقالات

لماذا تغيظهم الزيارة الأربعينية؟ الأربعينية: مدرسة التوحيد العملي

643 2023-09-03

 

د.أمل الأسدي

 

نعيش هذه الأيام موسم الزيارة الأربعينية، الزيارة المليونية العالمية التي تجسد عمليا قول الرسول الأعظم (صلی الله عليه وآله): ((حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَّ اللهُ من أحبَّ حسينا)) وبما أنها مظهر جماليٌّ فريد، مُعجِز؛ انبری أغلب العراقيين لنشر ما يلتقطونه من لوحات رائعة ومدهشة، تلقائية عفوية، محملة بالدلالات الإيجابية، فكفی بالأربعينية وسيلة لبناء الذات  ومحاربة الاستلاب، ومواجهة التغريب، وكنت من الذين خصص صفحته للمقالات والمنشورات التي توثق تلك المظاهر الروحية، فنشرت قبل يومين منشورا تحت عنوان" الخلاصة في الأربعينية" تحدثت فيه بشكل مقتضب عن لحظات الطفولة، حيث كُنا نسمع من أمهاتنا وجداتنا قصصا عن المواكب والزيارة الأربعينية، فنندهش وكأنه حديث عن الفضاء والنجوم، ودارت الأيام ورأينا تلك القصص متحققة ولكن بشكل يفوق الخيال،  واختتمت المنشور قائلة:

"الخلاصة:

نحن حتی مع الحنونة والبصل، نحلم بالمحبة والاجتماع والإمام الحسين!!

وهم؛ مع لحم الغزال المهيل يحلمون بعراق بلا حسين!

ومع الجكسارة والچارجر والترف والسفرات والحفلات والشقق التركية؛ يحلمون بعراق بلا حسين!!!!

 

شرعتنا الحب، والحب دوما منتصر"

وقُدِّر لهذا المنشور أن ينتشر  وكأنه ممول، ومنذ يومين تشهد صفحتي (د.أمل الأسدي) هجوما من حسابات عربية، من ( الأردن، مصر، سوريا، تونس، جزائر، مغرب،ليبيا) هذا غير الحسابات العراقية، يعلقون بحقد وكراهية رهيبة،  ويشتمون الشيعة ويتعدون عليهم ويكفرونهم، مع أن أغلبهم ـ ربماـ لم يقرأ المنشور أو لم يفهمه؛ ولكن الذي حركهم الصورة التي أرفقتها مع المنشور، صورة الكرم العراقي المتفرد، فهولاء يريدون للعراق أن يعيش الحرب والجوع والفقر والحرمان، يصعب عليهم  رؤية هذا الكرم المهول، وهذا الإنفاق المدهش، وهذه الحرية، فقد انتهی عصر حامي البوابة الشرقية الوهمية، وانتهی زمن تقاتل الشيعة الذي أسعدهم لثمانية أعوام، وانتهی عهد الحصار والحرمان وموت أطفال الوسط والجنوب!!

وانتهی عصر التشرد بين الدول بحثا عن مأوی آمن بعيدا عن حكومة البعث!!

انتهی ذاك الزمن بينما هم يعيشون ما بين الفقر المدقع وهدر الكرامة، والملاحقة  وفقدان الحرية،  وما بين  الحياة القطيعية التي   تقودها الحكومات وتوجهها كما تشاء!!

نحن نعيش عصر الحرية، إذ رفع العراق رأسه عاليا مصرحا بهويته، هويته الغالبة التي كانت ملاحقة علی مر العصور!! 

نعيش حياة الخير والرفاهية، فمن بين الدول العربية يتصدر العراق قوائم المسافرين للعمرة والمسافرين للسياحة، يتصدر قوائم الاستيراد، نعم؛ لدينا مشكلات كثيرة وهذا طبيعي ولكننا أفضل منكم إلی اللامقارنة!!

أقلها؛ نفتح حنفية الماء ولانحسب قطراته ونخزنه لأيام!!

نأكل ما لذ وطاب، ونسافر في كل عام علی الأقل مرة!!

وشوراعنا مليئة بأحدث السيارات، نتحدث كما نشاء ولايلاحقنا أحد، ونستقبل ضيوفنا من كل مكان ولايداهمنا أمنٌ ويهين كرامتنا!!

بغداد عاصمتنا مليئة بأماكن التبضع والتسوق، مليئة بالجامعات والكليات، وتجد  الكثير من الطلبة يدخلونها بسياراتهم الحديثة، وتقود بناتنا السيارات وتقف في محطة التعبئة ولاتنزل، فهي مبجلة محترمة فيملأ لها العامل سيارتها وهي جالسة.

 وحتی الفقراء أغنياء؛ ينفقون في الزيارة الأربعينية ويعود عليهم ما ينفقونه مضاعفا، وهذا يعني  قبول ما قدموه بدلالة قوله تعالی:((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))  وغير ذلك كله؛ فإن العراق لديه مواسم  التوحيد  وتظاهرات التوحيد، ومن أكبرها الزيارة الأربعينية، فالإمام الحسين خرج للدفاع عن دين جده المصطفی، دين التوحيد، دين لا إله إلا الله محمد رسول الله" ونحن إذ نسير في طريقه؛ نحافظ علی ماحققه ونحييه، نحافظ علی كلمة التوحيد محافظةً عمليةً!!

هذا وأغلب الدول  العربية تنظم مواسم الطرب وحفلات الرقص، ومسابقات الميسر وجلسات الخمور، أو تهتم ببناء دور العبادة الجديدة التي تحارب هوية الإسلام!!

لهذا تقطر قلوب بعضهم قبل ألسنتهم حقدا وغيظا  وحسرةً!!

وغيرةً من العراق وحسدا له!!

ولهذا نرد عليكم ردين؛ الأول:((وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا))

والآخر:((هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))

وهناك رد ثالث، أضفته تماشيا مع كرم  الزيارة الأربعينية وهو :((... فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))

إذن؛ فالزيارة الأربعينية أضحت هويةً إسلامية عالمية، تتجلی فيها أبهی الصور القرآنية وأسمی القيم الأخلاقية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك