زيد الحسن ||
الدنيا مقلوبة على عقبيها بتشريع القوانين ذوات الصلة بحياة المراءة ، وبنفس تلك القوة يعمد الكثير لجعلها العوبة بين يديه بطريقة او باخرى ، فلا قوانين حقيقية تنصفها ولا حكومات تأخذ على عاتقها رفع الحيف عنها .
المواقع الاجتماعية تضج بمحتوى هابط ابطاله من النساء ، وهذا الامر جديد جداً على المجتمع العراقي ، بحيث اصبحت الفضائح امراً معتاداً لايشار له بالنشوز عن القاعدة ، ولايبحث له اصحاب الشأن عن الحلول ، فقط نسمع بتشريعات مغلوطة ولا تتماشى مع الواقع العراقي ، وهذه التشريعات مفروضة علينا من الغرب ، وحتى انها تحفظ في ادراج الخزن لا يعبه لها احد ، فحماية المراءة في العراق لها ثمن وعلى المراءة ( دفعه ) الى صاحب ( المعالي ) .
العراقيات من اكثر شعوب العالم وقع عليهن الظلم والاستبداد، ولمن نسي اذكره بسبايا داعش من الازيديات اللواتي مازلن الى يومنا هذا اسيرات لدى هذه الوحوش ، لكن موضوعي اليوم شيء اخر ، رأيته بأم العين واثر في نفسي واحببت التنويه عنه ، واعلم علم اليقين ان هناك الالاف من النساء في وضع اشد بؤساً و تعاسة مما رأيت .
صباحاً وانا متوجهاً الى عملي سيراً على الاقدام شد انتباهي سيدة عراقية تركن سيارتها على الرصيف وتفترش الرصيف بقناني ( بنزين ) لكي تبيعه الى اصحاب الدراجات ، وهذه المهنة لم يسبق لي ان رأيت سيدة تمتهنها ، اقتربت منها ورأيت صاحب الدراجة يفاصلها بالسعر وهو يشعر بحالة النصر من اسلوبها الضعيف في المماطلة ، كانت تجلس بجانبها طفلة صغيرة ذات العشر سنوات لم ترفع رأسها لفوق ابداً ، هنا ايقنت ان هذا هو اليوم الاول لعمل هذه السيدة ، لم تمر لحظات حتى سمعنا صوت رجل يصرخ بها ويقول هيا اذهبي من هنا ، والمراءة لم تعرف السبب ولم تبدي ادنى استعداد لمعرفته ، تدخلت انا وقلت للرجل ، رفقاً بها اخي ، ما الضرر الذي اصابك منها ؟
رد علي بطريقة علمت منها انه ثعلب وماكر ، قال لي ان بيع الوقود محرم شرعاً ولايجوز ان تعمله، تبسمت وقلت له ، هل تعرف اللهجة المصرية ؟
قال نعم اعرفها ، قلت له ؛ ( حرمت عليك عيشتك ياشيخ ) ، انزعج اكثر وحاول ان يجعل الامر شخصي بيني وبينه ، لكن تجمهر الناس جعله ينسحب .
بعد ان هدأ الشارع عادت المراءة لمكانها وهي مطمئنة نوعاً ما ان هناك من سيقف بجانبها من اصحاب المحال المجاورة ، هنا رأيت في عيونها ، رأيت ( الانكسار ) كله ، ورأيت ( الشجاعة ) كلها ، فالف تحية لكل سيدة تناضل وسط هذا المجتمع البائس .
https://telegram.me/buratha