إيمان عبد الرحمن الدشتي
أنظروا للحادثة بعين البصيرة، وعوها بحكمة السماء، واستنتجوا بعدالة الميزان، وستدركون الجواب!
كم منا كان يعرف قادة النصر؟ لا شك أن نسبة كبيرة منا لم يكونوا متفاعلين معهم، ولم يتعمقوا في حيثيات عملهم، ولم يكونوا ليعطوهم عنواناً أبعد من عنوانهم الرُتَبيِّ العسكري، لكن الأمر اختلف بعد شهادتهما!
كان حتفهم أمراً طبيعياً لصراع بين جبهتين طال بينهما العداء وما زال ولن يتوقف! لأن الجبهتين تعاديا في الله؛ قالت جبهة الشهيدين صدق الله، وقالت جبهة عدوهما كذب الله!
الشهيدان المهندس وسليماني رضوان الله تعالى عليهما، كانا يترقبان موعد الشهادة وعلى يديِّ أخس خلق الله؛ كحقٍّ سيتوسمان به يوماً ما من لدن رب رحيم حكيم عادل، بعد أن أفنيا ذاتيهما في محبته ومجهادة أعدائه، والتمهيد لمن هو أحق بخلافة الأرض!
لقد توذرت أشلاؤهما الطاهرة (في تلك القتلة التي أحيتهما! فكانت بحقٍّ مُشرِّفة لهما ومُذلَّة لأعدائهما) لسببين:
الأول؛ أنها توذرت وتناثرت لتتحول إلى سهام فقأت عيون المستكبرين، والظَلَمة، والمتجبرين، والخونة، وكل مدلِّس، وناقم، وناكر للجميل وحاقد، وفضحت ما استبطنه كل صغير تابع، وزادت المتبوعين عماً على عماهم، وتخبطاً أفقدهم جبروت سلطانهم وسطوتهم، وراحوا ما أن يخططون لعمل حتى ينقلب عليهم ذلَّة وصَغاراً.
السبب الآخر؛ أنها أصبحت بذاراً تناثر على الأرض الوسيعة فنما في عروق الأحرار، والنبلاء، والأوفياء؛ فأنبت "أمة" بنباتٍ حسن، أمة تستمد منهم الإلهام والقوة والإرادة، أمة نزعت لباس الذلة والمسكنة وأرتدت جلباب العزة والصمود والمنعة، أمة تستصغر شأن المستكبرين وتعظم هيبة المؤمنين، أمة تكر ولا تفر، أمة تكمل المسير لتهيئة الأرض للقسط والعدل، بعد ما طال أنينها من الظلم والجور.
لقد صارا رضوان الله تعالى عليهما رعباً يقض مضاجع أعدائهم، فيهابونهم إسماً ورسماً ومجسماً! في حين اصبحا لأمة الانتظار كسيد الشهداء عليه السلام، عِبرة وعَبرة ومنهجاً، ليحثوا خطى الاستعداد لنصرة سلطان العصر والزمان، روحي وأرواح العالمين له الفدى.
من يريد الموعظة فمدرسة قادة النصر قد فتحت باعيها لذلك، لتقدم دروساً لن تجدها عند المُنظِّرين المتقاعسين، بل عند القادة العظام وأمثالهم ممن باعوا راحة الدنيا، ليشتروا بها نعيم الآخرة، والخلود في الدارين.
https://telegram.me/buratha