المقالات

قوة الجماهير..!


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

الجماهير المليونية (وكلمة "المليونية" كناية عن الكثرة وليس العدد الفعلي بالضرورة) اثارت في ذهني مرة اخرى الدور الذي من الممكن ان تلعبه الجماهير في التغيير في المجتمع، وبعبارة اكثر تحديدا في اقامة الدولة الحضارية الحديثة في العراق. قناعتي المبدئية هي الجماهير او المجتمع هو الذي يقيم الدولة الحضارية الحديثة، وليس حكومات المحاصصة التي تقيمها احزاب فئوية لا تملك الرؤية الصحيحة ولا النية الصادقة لاقامة الدولة الحضارية الحديثة. 

لدينا في العراق شواهد عملية على حجم حضور الجماهير في الساحة الاجتماعية، واهم هذه الشواهد كما هو معروف زيارة الاربعين، ومن ثم مناسبة نزول الجماهير تأييدا للقضية الفلسطينية مؤخرا. 

كتبت في مناسبة سابقة ما يلي:

"لكل مجتمع "طاقة حرارية" مختزنه. ويدرك وجود هذه الطاقة المفكرون والقادة، ولهذا نراهم يعملون من اجل استخراجها وتفجيرها واستخدامها لتحقيق اهدافهم. ومن هؤلاء ماوتسي تونغ (١٨٩٣-١٩٧٦) الذي قال ان الجماهير يمكن ان تتحول الى قوة مادية تغيّر التاريخ. و محمد باقر الصدر (١٩٣٥-١٩٨٠) الذي صاغ مصطلح "الطاقة الحرارية" وقال ان الجماهير قد تستكين ولكنها لا تستسلم.  والشاعر التونسي الشاب ابو القاسم الشابي (١٩٠٩-١٩٣٤) الذي قال في ١٦ ايلول عام  ١٩٣٣ "اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر". 
وكثيرا ما فكرت بطريقة ما لحساب كمية الطاقة المختزنة لدى مجتمع من المجتمعات، او شعب من الشعوب، حتى اهتديت اخيرا الى امكانية استخدام معادلة اينشتاين (١٨٧٩-١٩٥٥) الشهيرة التي تنص على ان الطاقة تساوي الكتلة مضروبا بمربع سرعة الضوء، كما يلي: 
ط = ك x مربع سرعة الضوء
واذا اردنا محاكاة هذه المعادلة، مع الاخذ بنظر الاعتبار اختلاف الموضوعين والمجالين لامكن القول ان الطاقة الحرارية المختزنة لدى اي مجتمع تساوي كتلة المجتمع (اي عدد افراده) مضروبا بعامل ثابت يمكن ان يكون ما اطلق عليه السيد الصدر  "المثل الاعلى" للمجتمع. وبسبب اختلاف المثل العليا التي تؤمن بها المجتمعات، فان كمية الطاقة المحررة في مجتمعين متساويين من حيث العدد سوف تختلف باختلاف نوعية المثل الاعلى الذي يؤمن به المجتمع."

ويمكن ان يكون نموذج الدولة الحضارية الحديثة هو العامل الثابت، او المثل الاعلى الذي يفجر طاقة الجماهير الكامنة ويحولها الى قوة مادية تستطيع تغير حركة التاريخ في المجتمع العراقي، باتجاه الدولة الحضارية الحديثة، التي هي اتجاه تاريخي عام تسير نحوه كل البشرية من اكثر من ٧ الاف سنة، وهو يمثل سنة تاريخية من النوع الثالث، حسب تقسيمات السيد الصدر للسنن التاريخية.

وفي هذا السياق، يجب ان نتخلى فكرة "العقل الجمعي" التي قال بها غوستاف لوبون (١٨٤١-١٩٣١)، ونأخذ بفكرة "رضا العامة" التي طرحها الامام علي في قوله:"فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة". وهذا يعني ان لا ننظر الى الجماهير كقطيع من الناس يُقاد بالاوامر العليا ويساق بشعارات بدون محتوى. بهذه الطريقة لا تتحول الجماهير الى قوة مادية محركة تغير التاريخ. الامر ان يكون لدى الجماهير وعي وارادة نحو هدف اعلى سامٍ. وهذان (اعني الوعي والارادة) يتحققان بالمعرفة والثقافة. وهنا تأتي مسؤولية القيادات الواعية في اي مجال كان بتثقيف الجماهير وتزويدها بالمعرفة الصحيحة اللازمة لتأسيس الوعي والارادة اللازمين لتحريك الجماهير باتجاه الهدف الاعلى او المثل الاعلى وهو في فرضيتنا الدولة الحضارية الحديثة. 

حرام ان تنزل الجماهير بكل عددها الى الشارع في زيارة الاربعين او تأييدا للقضية الفلسطينية ثم تعود ادراجها من حيث اتت وكأن شيئا لم يحصل. يجب ان يُحدث هذا النزول الجماهيري المليوني اثرا وفرقا في حياة المجتمع ويقربه خطوات ملحوظة في الطريق نحو الدولة الحضارية الحديثة. 

انني احمّل الشخص او الاشخاص الذين يملكون القدرة على تحريك الجماهير بهذا النحو مسؤولية بناء الوعي والارادة والثقافة المطلوبة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك