باقر الجبوري ||
في هذا اليوم وعند قرائتي لوصايا النبي الاعظم والرسول الاكرم ( صل الله عليه وأله وسلم ) والتي أوصى بها لأباذر الغفاري ( الصحابي الحقيقي )!
أستوقفتني الجملة الأولى من تلك الوصايا وكأنها نزلت على قلبي كالصاعقة لدرجة انها أبكتني بدون شعور مع أنعا أقل من سطر واحد !
فكانت كالتالي : ( يا أباذر انت منا أهل البيت )!!
حقيقة .. ان هذا المقطع يعصر القلب ويقطع نياطه ويدعونا للحسرة كوننا لم نكن من أبناء ذلك الزمان فلعلنا كنا سننال عشر معشار ماناله هذا الصحابي من المقام العظيم والمكانة الرفيعة عند محمد وال محمد ( صل الله عليهم أجمعين ) لو كنا قوماً صالحين !!!
ثم تعال فتخيّل معي ( أم المصائب ) خين يكون شخص يحمل كل هذه المواصفات والخصائص ويصل الى هذا المستوى من القرب من ( نبي الامة ) تنتهي حياته وجهاده ( بالنفي ) الى صحراء ( الربذة ) كما ينفى القتلة والمجرمون وقطاع الطرق وليس له من ذنب سوى أنه قال كلمة الحق بوجه ( سلطان جائر ) أكل أموال المسلمين وتقاسمها مع المقربين منه !
كلنا نعلم أن هذا الصحابي لم يأت بشيء جديد من نفسه وإن كان للرجل سابقة على هذا الطريق عندما وقف أمام كفار قريش كلهم وفي وسط مكة وأشهر إسلامه بدون خوف من جلاوزتها وكبرائها !!
ألم تكن دولة إسلامية يحكمها خليفة مسلم يسير بنهج الاسلام وسنة الرسول الاكرم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر !
هي كذلك ! أم ماذا !!
ويدعمه في ذلك قول رسول الله فيه (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر)!
فكأنما كان رسول الله صل الله عليه واله يصفه في هذه الرواية بالعصمة أو التأييد الالهي بالسير في طريق الحق !
ومع ذلك نقراء ان الرجل قد انتهى به المطاف وحيداً وسط الصحراء فلا تجد ابنته التي بقيت معه من يعينها بعد وفاته على حمله وتغسيله وتكفينه ودفنه !!
في رواية كنا قد سمعناها مراراً وتكراراً ان ( عثمان ابن عفان ) وعو الذي أصدر الامر بالنفي قد حاول بعد ذلك إستمالته اليه فارسل اليه الهدايا والأموال ( رشوة )!
فقال ( أبا ذر ) لرسول عثمان ( قل لهم اني تركت لاهلي ما هو خير من ذلك ) فلما ساله الرسول عما تركه لاهله فقال ( تركت لهم سورة الواقعة ) !!
فصبر الرجل على الاذى حتى الرمق الاخير وبقي كالجبل الشامخ ولم يتزحزح عن موقفه !
نعم ... هذه هي البصيرة !!
علم مع عمل !!!
ولعل التاريخ أوصل لنا أسماء العشرات والمئات من الشخصيات التي جاهدت وصبرت على الاذى في سبيل الله من أمثال ( أبا ذر ) ومنهم الصحابي ( عدي من حاتم الطائي - وهو ابن حاتم الطائي - اهو سفانة ) والذي قضى عمره كله في الدفاع عن الاسلام وعن علي ابن طالب ( عليه السلام ) وعن محبتهم والولاء لهم !
للرجل قصة طويلة في اسلامه وجهاده في نصرة النبي والامام علي عليه السلام من بعده وفي أقل ماذكره لنا التاريخ عنه هذا الرجل وولائه لمحمد وال محمد انه له ثلاثة من ابنائه قد أستشهدوا في حروب الامام عليه السلام ضد معاوية !!
وفي احد الايام أراد معاوية أن يستمله اليه فبعث اليه ( أن أقدم الينا )!
فلما التقى به سأله معاوية ( مستفزاً له ) عن أبنائه الثلاثة وهم كلٌ من ( طُرفة وطُريفة وطُرافة ) وكيف هي أحوالهم ( مع ان الخبيث يعلم انهم قتلوا في الحرب ضده )!
فاجابه عدي قائلاً ( انهم قتلوا وهم في جيش علي ابن ابي طالب عليه السلام )
فقال له معاوية ( فما انصفك صاحبك ويقصد ( الامام علي ع ) إذ قدم أبنائك للقتل ولم يقدم ابنائه )
فقال له عدي ( والله ما انصفته أنا حين قدمت اولادي للقتل ولم اقدم نفسي معهم او قبلهم )
فكانما لطمه بالف نعل على وجهه !!
فاين نحن اليوم من هؤلاء !!
هولاء عرفوا الحق فذابوا فيه !
هم أبصروا مقام الولاية بالبصيرة قبل ان يدركوها بالبصر !!
وصمدوا وصبروا على تحمل مشاقها مع كل ما عرض عليهم من إغراءآت !
ومع ان معاوية كان يعلم ان ( قيمة ) هؤلاء المادية ( لو ) ارادوا الانحراف نحوا معسكره تعادل أضعاف مضاعفة لقيمة غيرهم من المتذبذين في ذلك الزمان !!
يعني مو فلس وفلسين !
الا انه كان مستعد لتحمل تكاليف تلك الصفقة .. وهذا إن قبلوا )!!
لكنهم لم ولن يقبلوا فقد ابصروا مالم يبصر به غيرهم !
فهؤلاء هم أتباع الدين ( المحمدي الاصيل وهؤلاء هم اتباع امير المؤمنين ( عليه السلام ) !
من الذين كانوا المصداق الحقيقي لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديثه عن علامات المؤمن (( وقور عند الهزائز . ثبوت عند المكاره . صبور عند البلاء . شكور عند الرخاء . قانع بما رزقه الله . لايظلم الاعداء ولايتحامل على الاصدقاء . الناس منه في راحة ونفسه منه في تعب ))
حقيقة أنا اسأل نفسي !
وأسأل الجميع !
فأين نحن من هذه الصفات ( الوقار والثبات والصبر عند البلايا أو الهزائز ) وأغلبنا اليوم يتراقص على أنغام ما تعزفه لنا الدعايات والاشاعات التي يطرحها الاعلام المعادي الكاذب والموجه لكسر معنويات أنصار أهل البيت عليهم السلام في كل الجبهات !!
الواجب علينا الان هو مراجعة وتقييم انفسنا قبل المعركة القادمة لنعرف موقعنا بين الجبهتين !
الشرقية والغربية !
هذا إن قلنا جدلا ان المعركة لم تبدأ بعد ( لان الواقع يقول اننا الان وسط المعركة )!
فهل .. نحن الان مع جبهة الحق !
يعني مع علي وعلى منهج علي ومع انصار علي عليه السلام !!
أم .. نحن مع جبهة أهل الباطل ( مع معاوية وابن العاص وترامب وجون بايدن ونتنياهوا الخ )!!
وهل سنصمد حقاً أمام الاغراءات او التهديدات التي سنتعرض لها في قادم الايام !
هنا يكمن الاختبار الحقيقي !
وحينها فقط ستنجلي الغبرة لتتضح الحقيقة بوجود البصيرة من عدمها أو العمل بما تراه البصيرة من عدمه عند الجميع !
( وفي الاختبار يُكرَمُ المرء أو يهان ) وشتان مابين الجنة والنار !
فهل نحن مستعدون لهذا الاختبار !
لو نصير مثل المثل ( يومية هزي تمر ينخلة )!
https://telegram.me/buratha