المقالات

تعسا لكم …!


 

 

كان عمرا شاقا متعبا .. فتحنا أعييننا على الدنيا والبعث يتربع على عرش الحكم يسوم الناس سوء العذاب ويحرمهم من ابسط الحقوق .. كبرنا وبقينا بصعوبة وكأنما كنا نمشي بحقل ألغام بعدما تبنينا بغض هذا النظام ومخالفته حتى وأن قال لا اله الا الله .. أنخرطنا بالعمل السري ضد النظام وفقط من بقي في البلاد يعلم ماذا يعني أن تكون في مجموعة لها عمل سري ضد الطاغية .. مات من مات وقتل من قتل وهاجر من هاجر ولكنا بقينا أحياء لنشهد سقوط دولة الجبابرة . عملنا منذ اليوم الأول في العهد الجديد وحتى قبل أن يسقط تمثال ساحة الحرية . ورفعنا يافطات الترحيب بمن كانوا في المهجر . واسسنا جماعة صالحة تنظم الحياة وتدعو الناس وتعرفهم بقادتهم .

ثم بدأ الصراع الأقسى بعدما تجمعت قطعان الوحوش الضواري تفتك بالفقراء وتحرق أجسادهم وتمزق اوصالهم في الساحات والشوارع والاسواق في أقسى صراع دموي يتعرض له شعب . هنا بدأنا مرحلة جديدة من العمل الدؤوب والنضال المرير يتمثل في مواجهة هذا العدو بالوسائل المتاحة . صرخنا عندما صمت الكثير . ورابطنا عندما هرب البعض . وواجهنا بصدور عارية عدو شرس حرفته الفتك والذبح وكان سلاحنا الكلمة والقلم . كنا نسير في الشوارع نتلفت خشية سيارة مفخخة أو اطلاقة من كاتم او طعنة من سكين غادر . اساليب القتل متعددة كثيرة . والخصوم كانوا أكثر . فالقاعدة وبقايا البعث وحتى المخالفين من أبناء جلدتنا . ولكننا لم نتوقف .. ظهرنا على الشاشات نشد من أزر اخواننا .

وكتبنا بالصحف ما يفضح زيف عدونا . والناس يلوموننا على المجازفة والبعض يعتبر ذلك رعونة وتهور .. هجرونا من ديار ابائنا وأرعبوا أطفالنا حتى صمت احد فلذات اكبادنا ولم ينطق بكلمة منذ عقدين . كان البعض يجامل ونحن نجاهر . كان البعض يختبئ ونحن على الشاشات نقاتل حتى قال قاداتنا : اليس لكم حاجة بهذا الرجل حتى تظهروه بهذا الشكل ؟ اليس لديه عيال واولاد لتقدموه في مقدمة الصراع ؟ فقلنا : لا عليكم فأن لنا موعدا لم نخلفه ..

ثم جاءت المعركة الكبرى وأطلقت الفتوى العظمى فتقدمنا الصفوف تارة كمراسلين في ساحات الوغى وتارة على الشاشات نفضح الداعمين والمتخاذلين . فأرتدينا الخاكي في المعارك فضلا عن الشاشات . ورحنا ننظم لافواج الدعم اللوجستي للمجاهدين . ثم نظمنا مجاميع تجمع التبرعات للنازحين من مناطق الصراع في مجموعة سميت بالمئة شاب .. ولما وضعت الحرب اوزارها وبانت طلائع النصر تحولنا الى اول مشروع لاسكان أيتام شهداء الحننند في بيوت تليق بهم واسمينا ذلك بمشروع وفاء وتمكنا من بناء ما يقرب من عشرين دارا بأمكانات فردية ..

ثم جاء وقت الفراق . وقت الحصاد . فحصد من كان مختبئا الثمار . وأبعد من بذر البذور وسقى الأرض عندما أينع الثمر .. فجاء للواجهة أناس لم نراهم من قبل . اعتلوا المنصات وهم يجيدون الثناء والصراخ . تقدموا الجموع وتخلفنا حياء وعفة . وبدأت الازاحة . فتداركنا الأمر فأزحنا أنفسنا قبل أن نزاح . وتركنا الساحة بعدما تسيد فيها الأبتزاز والابتذال والتملق ومن يجيد الصراخ . فشعرنا بالغربة وكأننا في غير وطننا الذي كنا نضمد جراحه وعندما تعافى تنكر لنا . فتنحينا عن الواجهة واصبحنا أحلاس بيوتنا ورضينا بذلك بعدما علمنا أن ذلك حدث ويحدث في كل حين . فابا ذر يموت في الربذة وحيدا تستجدي له أبنته كفنا وابن العاص واليا فما الغريب اليوم .. وصمتنا .. ورضينا بما حققنا لأنفسنا وبالود والاحترام والانصاف في قلوب الشرفاء الذين لم ينسونا . وقلنا لا بأس . ولكن أن يكرم من كان عدونا كبطل قومي ويمنح الاوسمة من كان يهتف بذبحنا فهذا ما يخرج المرء من صمته . رضينا بأن يتسيد المشهد من لم يرمي العدو بحجر . ولكنا لم نتحمل أن يمنح الاوسمة من كان يرمينا بحجر . وأي حجر ؟ فتعسا لكم وبعدا لزمان يقرب فيه من كان يحض على قتلكم .. وبأس المكرم والمُكرم ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك