الدكتور فاضل حسن شريف
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ﴿الأنفال 26﴾ الاستضعاف عد الشئ ضعيفا بتوهين امره، والتخطف والخطف والاختطاف أخذ الشئ بسرعة انتزاع، والايواء جعل الانسان ذا مأوى ومسكن يرجع إليه ويأوى، والتأييد من الأيد وهو القوة. والسياق يدل على أن المراد بقوله: "إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض" الزمان الذي كان المسلمون محصورين بمكة قبل الهجرة وهم قليل مستضعفون، وبقوله: "تخافون ان يتخطفكم الناس" مشركوا العرب وصناديد قريش، وبقوله "فآواكم" أي بالمدينة وبقوله "وأيدكم بنصره" ما أسبغ عليهم من نعمة النصر ببدر، وبقوله: "ورزقكم من الطيبات" ما رزقهم من الغنائم وأحلها لهم. وما عده في الآية من أحوال المؤمنين ومننه عليهم بالايواء وإن كانت مما يختص بالمهاجرين منهم دون الأنصار إلا ان المراد الامتنان على جميعهم من المهاجرين والأنصار فإنهم أمة واحدة يوحدهم دين واحد. على أن فيما ذكره الله في الآية من مننه التأييد بالنصر والرزق من الطيبات وهما يعمان الجميع، هذا بحسب ما تقتضيه الآية من حيث وقوعها في سياق آيات بدر، ولكن هي وحدها وباعتبار نفسها تعم جميع المسلمين من حيث إنهم أمة واحدة يرجع لاحقهم إلى سابقهم فقد بدأ ظهور الاسلام فيهم وهم قليل مستضعفون بمكة يخافون ان يتخطفهم الناس فآواهم بالمدينة وكثرهم بالأنصار وأيدهم بنصره في بدر وغيره ورزقهم من جميع الطيبات الغنائم وغيرها من سائر النعم لعلهم يشكرون.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ﴿الأنفال 26﴾ يأخذ القرآن الكريم مرّة أُخرى بأيدي المسلمين ليعيدهم نحو تاريخهم، فكم كانوا في بداية الأمر ضعفاء وكيف صاروا لعلهم يدركون الدرس البليغ الذي علّمهم إيّاه في الآيات السابقة فيقول: "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ". وهذه عبارة لطيفة تشير إِلى الضعف وقلّة العدد التي كان عليها المسلمون في ذلك الزمن، وكأنّهم كانوا شيئاً صغيراً معلقاً في الهواء بحيث يمكن للأعداء أخذه متى أردوا، وهي إشارة لحال المسلمين في مكّة قبل الهجرة قبال المشركين الأقوياء. أو إشارة لحال المسلمين في المدينة بعد الهجرة في مقابل القوى الكبرى كالفرس والروم: "فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".
اء عن مركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث الاسلامية في مقالة للشيخ محمد توفيق المقداد بعنوان القلة والكثرة في القرآن الكريم: على المستوى المالي: الاستقواء والطغيان: وهذه المفسدة كثيراً ما تحققت قديماً وهي حاصلة حالياً لأن الكثرة في المال عندما تتجرد عن الإيمان بالله عزوجل تصبح وسيلة للاستقواء والطغيان والاستعباد، كما تصبح وسيلة لإشعال الحروب والتسلط والاستكبار كنتيجة لغرور المال وأصحاب الثروة. الإبتعاد عن الخط الإلهي: وذلك لأن هذا المال عندما يكثر في يد إنسان ما ويتمكن به من تأمين كل ما يريد من نعيم واحتياجات متنوعة في الحياة الدنيا، فقد يشعر مثلاً بأنه غني عن الإيمان والارتباط بالقدرة الإلهية أو أنه يستخف بأمر مثل هذا الاعتقاد ولا يقيم له وزناً في حياته، بل ينطلق مع ماله ليحقق به شهواته ونزواته وكل رغباته بأي طريق كان. وهذه بعض المفاسد التي تترتب على كل مستوى من مستويات الكثرة التي ذكرنا، ولكن هناك سبب رئيسي يجمع بين كل تلك المفاسد هو"عدم الإيمان بالله سبحانه وتعالى أوعدم الالتفات إلى دخالة هذا السبب في تنظيم الكثرة وتوازنها على مستوى الحركة في الحياة الدنيا، ومن هنا تنتج كل تلك المفاسد التي ذكرناها ولا ندعي انحصارها بما قلنا، وهذا يعني أن نظرة الإسلام إلى الكثرة هي نظرة عدم الإحترام وعدم التقديس. وأما القلة فإن الموارد المستقرأة في القرآن الكريم هي التالية: أولاً: على المستوى الإيماني: قال الله تعالى: "حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ" (هود 40)، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" (العصر 13)، و "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ" (ص 24) و "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ" (الواقعة 39-40). ثانياً: على المستوى الجهادي:قال الله تعالى: "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" (البقرة 249) و "إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ" (الانفال 65). ثالثاُ: على المستوى المعنوي: قال الله تعالى: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) و "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (الانفال 26). رابعاً: على المستوى المالي: قال الله تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"، و "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (ال عمران 186). وبالتدقيق في هذه المصاديق لمعنى القلة نجد المدح والتقدير الإلهي على كل المستويات المذكورة، وهذا عائد إلى سبب أساس أيضاً هو أن الإيمان بالله عز وجل كان المصدر الأساس لكل أولئك الذين امتدحهم الله ووعدهم بالرحمة والمغفرة والنصر والغلبة وآلهيمنة على كل الأمور. من كل ما سبق، نصل إلى النتيجة التي نتوخاها وهي أن الكثرة بما هي كثرة ليست هي المقياس للحقيقة في المجالات الإيمانية وليست هي سبب الغلبة في المجالات العسكرية وليست هي الوسيلة لإعطاء الإنسان قيمته المعنوية أو منزلته الاجتماعية وليست الكثرة في المال هي الطريق الموصل لتحقيق الأهداف الإلهية في الكثير من الحالات وإن كان كل ذلك لا يمنع من أن تكون الكثرة في بعض الأحيان على تلك المستويات محققة للأهداف الإلهية إذا توافرت فيها الشروط الموضوعية وفق النظرية الإسلامية الإلهية كما يعبر ذلك سبحانه عمن يملكون الكثرة من المال وينفقونه في سبيل الله تحصيناً للمجتمع ورفعاً للمستوى الاجتماعي للفقراء لتحقيق مجتمع العدل والكفاية الاجتماعيين كما يقول تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 261) و "لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (التوبة 88) ونفهم في المقابل أن القلة وقعت مورد المدح الإلهي خاصة في المستوى الإيماني والجهادي لأنها التعبير الصادق عن رفض الانجرار وراء الأكثرية التي توهمت أن كثرتها تجعلها محقة فيما عليه هي من الاعتقاد أو أنها طريق النصر. والقلة في هذين المستويين بالخصوص وهما اللذان تبيّن عبر التاريخ بأنهما رافقا الأنبياء والأولياء وكانوا المشاعل المضيئة التي انتصرت على كل الانحراف والحصار الذي كانت تمارسه الأكثرية وتحملت بسبب إيمانها كل أنواع البلاء وتحملت مسؤولية الجهاد المقدس في سبيل حماية إيمانها وارتباطها بالله فخلدها الله عز وجل كنماذج أمام البشرية لتهتدي بها حتى لا تنحرف مثل الأكثرية الضالة عبر العصور، فالقلة هي التي تريد الإرتباط بالله والدفاع عن أنتمائها إليه مهما كانت العراقيل والصعاب التي تقف بوجهها.
عن كتابات في الميزان بيان المرجعية للكاتب يوسف السعدي: كان للبيان الذي اصدره سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله، حول العدوان المستمر على لبنان، والاستجابة العاجلة من الشعب العراقي بكل فعالياته الدينية والمجتمعية والسياسية، أثر كبير، لأنها خبرت بأس المرجعية وتأثيرها، في أي صراع مع الباطل. ان المرجعية عندما عبرت هذه المرة عن التضامن مع الشعب اللبناني، من اجل دعمهم بمتطلبات الحياة، بما يساهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، ودعت لهم بالحماية من الخطر المحدق بهم، طالبت ببذل كل جهدٍ ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمر وحماية الشعب اللبناني من آثاره المدمرة، فانطلقت الاستجابة له بطوفان المساعدات الطبية والغذائية، متجهة صوب لبنان، في الوقت الذي تلغي فيه كل دول العالم رحلاتها، وتدعوا رعاياها لمغادرته.
عن شبكة الاعلام العراقي لعتبة العلوية المقدسة تفتح مدن الزائرين لاستقبال اللبنانيين وتجهز قافلة مساعدات في 2024-09-24 أعلنت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدّسة ،اليوم الثلاثاء، عن فتح مدن الزائرين لاستقبال اللبنانيين وتجهيز قافلة مساعدات أنسانية وطبية. وذكرت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدّسة في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه “امتثالًا لتوجيهات المرجعية الدينية العليا (أعلى الله مقامها)، وانطلاقًا من الواجب الديني والأخلاقي والإنساني، وبعد الاعتـداءات الهمجية المتواصلة، على أبناء الشعب اللبناني العزيز، وعروج المئات من الشهداء إلى ساحة رحمة الله تعالى، وإصابة الآلاف من الجرحى، وتهجير الأهالي من المدن والقرى والضواحي جرّاء هذا العدوان الوحشي، تعلن العتبة العلوية المقدّسة ممثلةً بخدمها كافّة، عن فتح جميع الفنادق ودور الضيافة ومدن الزائرين العائدة لها، لاستقبال المهجّرين من أبناء الشعب اللبناني البطل في مواجهتهِ”. وأضافت أنه “العتبة المقدّسة جهزت ايضاً قافلة (عليٌّ أبونا)، والتي ستحمل المساعدات الإنسانية واللوجستية المختلفة، متوجهةً إلى الأراضي اللبنانية المنكوبة”.
https://telegram.me/buratha