المقالات

مخاطر حل هيئة الحشد المقدس هدمٌ للوطن وعودةٌ للفوضى

1114 2024-12-20

قصي كريم الشويلي(ابو فاطمه)

 

إن الحديث عن حل هيئة الحشد المقدس، التي نشأت في زمن اشتدت فيه المحن واحتدمت فيه الأخطار، حديث ذو شجون، تنبثق منه الآهات، وتسيل معه العبرات، كأنما هو حكمٌ بالإعدام على إرثٍ عظيم خطّه الشهداء بدمائهم، وسُطّر على جبين الوطن بمداد التضحية والفداء.

إن هيئة الحشد المقدس لم تكن سوى ذراع الأمة حين ضعفت أذرعها، ودرعها حين تهشّمت دروعها. قامت هذه الهيئة من بين الركام، مثل شعلة أملٍ في ليلٍ حالك، لتقف سدًّا منيعًا في وجه العواصف الهوجاء، وتحمي الديار من شبح الإرهاب الأسود الذي حاول أن يبتلع الأرض بمن فيها. فكيف يُقال اليوم بحلّها، وكأنها لم تكن يومًا السياج الذي صان الشرف، والحصن الذي حمى الكرامة؟

وما أشدّ الفاجعة لو سلّم الأمر بعد ذلك إلى أعداء الأمس، أولئك الذين لا يزال الدم يقطر من أيديهم، ولا تزال صرخات الضحايا تُسمع في جنبات الزمن! إن تسليم مقاليد الحكم إلى تنظيم "داعش" أو من سار على دربه ليس إلا نقضًا للعدل وهدمًا لما تبقى من أركان الإنسانية. كيف يُمكن لعاقلٍ أن يتخيّل أن تُحكم البلاد بمن لا يحملون إلا معاول الهدم، ولا يعرفون إلا القتل والسلب والدمار؟

وهل يُنسى، في هذا المقام، الدور العظيم لفتوى المرجعية الدينية العليا، حين نطق السيد السيستاني (دام ظله) بكلماته التي كانت أشبه بالنداء الأخير لأمةٍ كادت أن تُباد، فأطلق "فتوى الجهاد الكفائي"، تلك التي ألهبت الأرواح وحركت السواعد، فاندفع العراقيون من كل حدبٍ وصوب، مسطرين أروع ملاحم البطولة، تاركين خلفهم الأهل والمنازل، حاملين أرواحهم على أكفهم دفاعًا عن الدين والأرض والعرض.

لقد كانت تلك الفتوى النبراس الذي أنار الطريق في أحلك اللحظات، وكان أثرها الباقي هو هذا الحشد المقدس، الذي مثّل روح الأمة حين خارت قواها، وضمّد جراحها حين نزفت دماؤها. إن الدعوة إلى حله ليست مجرد إساءة لمؤسسة وطنية، بل هي إنكارٌ لفضل المرجعية الحكيمة التي لولا رؤيتها، لكان العراق اليوم أثرًا بعد عين.

إن حل هيئة الحشد المقدس ليس مجرد قرار يُكتب على الورق، بل هو سهمٌ يُطلق نحو قلب الوطن. ذلك أن في حلّها تمزيقًا للوحدة التي اجتمعت تحت رايتها، وفي غيابها فراغًا هائلًا لا يملؤه إلا عودة الإرهاب من جديد، كوحشٍ خرج من قفصه لينتقم ممن كبّله.

يا من تفكرون في هذا الأمر، أما تدركون أنكم تطفئون نورًا أضاء طريق النجاة، وتهدمون بنيانًا قام على أكتاف الأبطال؟ أما تعلمون أن التاريخ لا يرحم من يخذل أمته، ولا يغفر لمن يفتح أبواب الجحيم بيده؟ إن هيئة الحشد المقدس ليست مجرد قوة عسكرية، بل هي رمزٌ لمعنى الانتماء والتضحية، ودرعٌ حمى الأرض حين تخلّى èـش¶ں!$‏r/ع،Eز¨à'¹©8ژگ[b´´‚Eـ‍G@€„ڈ H.€kإP3{ذ|ٌ“PًْYsخ لا يرحم من يخذل أمته، ولا يغفر لمن يفتح أبواب الجحيم بيده؟ إن هيئة الحشد المقدس ليست مجرد قوة عسكرية، بل هي رمزٌ لمعنى الانتماء والتضحية، ودرعٌ حمى الأرض حين تخلّى عنها الجميع.

فاتقوا الله في وطنكم، واذكروا أن ما بُني بالتضحيات لا يُهدم بالأهواء. اتركوا هذا الحصن قائمًا، فهو أمانة في أعناقكم، وشرفٌ لا يجوز التفريط فيه. فإن تركتموه ينهار، فإنما تتركون الوطن لقمة سائغة في أفواه الذئاب، وتكتبون في سجل التاريخ أسمى صور الخذلان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك