المقالات

أمية الثقافة وأمية القراءة


 

عندما نقول فلان امي او شعب تتفشى به الامية يتبادر الى الذهب انعدام القراءة والكتابة وهذه الامية هنالك من يقرنها بالتخلف الثقافي اي ان الثقافة تتاثر بالقراءة والكتابة ، وحقيقة ان القراءة والكتابة هي عصب النهوض العلمي ولكنها ليست الوحيدة .

المجتمع العراقي بين عهد الملوكية والجمهورية وتحديدا حكم البعث تعتبر الامية نسبتها عالية جدا في زمن الملوكية واقل نسبة او ربما شبه منعدمة زمن حكومة البعث التي قادت حملة القضاء على الامية ، ولكن الشعب العراقي زمن الملوكية كان مثقفا اكثر من زمن حكومة البعث واستدلالنا هذا جاء من خلال قراءة مذكرات الجواهري .

الشاعر محمد مهدي الجواهري عاصر كل الحكومات منذ فيصل الملك وحتى حكومة البعث ، وعاصرها بل عاش في وسطها وكان عنصر فعال في اروقتها ومكانته هذه جاءت من شاعريته وشعره وبلاغته التي كانت قمة في الروعة حتى ان نجدة فتحي صفوة الاديب والدبلوماسي العراق ايام الملوكية وبعض من الجمهورية وصف الجواهري انه محل اهتمام كل الوزارات في العراق بسبب قوة شعره وكان كل رئيس حكومة يعمل على كسبه اليه بسبب شعره المؤثر في المجتمع العراقي وبالفعل كانت الصحف التي يصدرها الجواهري ـ الراي العام ، الانقلاب ، الفرات ـ قد تكون الاكثر مبيعا وهذا يعني الاكثر قراءة بل حتى من لايقراها يتابعها من خلال من يقراها ، وعندما تصدر تحدث اثرا في الشارع العراقي ، وهذا يدل دلالة قاطعة على الثقافة الوطنية التي يتمتع بها الشعب العراقي في ظل حكومات اغلبها مستبدة مع الفقر الفاحش الذي يعيشه العراق .

بينما في فترة الجمهوريات لاسيما جمهورية الخوف كانت الصحف تباع بسعر رمزي وفي بعض الاحيان تمنح مجانا لاسيما كراسات الحزب والثورة وبالرغم من ذلك كانت ثقافة المواطن العراقي في اسوء حالاتها بسبب التعسف الذي يعيشه العراق ، لان اصلا المواطن لا يستطيع ان يطرح رايه في الشارع العراقي ، وهذا بالتالي نتج عنه ثقافة يرثى لها ، وبدات تظهر نتائجها بعد سقوط نظام الحكم البعثي من حيث المستجد من التصرفات التخلفية التي ظهرت على الثقافة العراقية

فالثقافة كلمة وجراة وهذا ما كانت عليه حكومات الملكية في الاغلب الاعم بينما في جمهورية الخوف اختفت الكلمة التي تتماشى مع الجراة وبقيت الكلمة التي تتماشى مع الخوف او النفاق او التملق .

وهنا لابد لنا ان نؤكد ان الحوزة العلمية في النجف كان لها الاثر في النهوض التعليمي والثقافي في العراق بل حتى ان الجواهري انطلق من النجف وبالتالي ان التعليم الحوزوي رفد المجتمع العراقي بالمتعلمين وان كان تخصصه الدين لكن الشعراء الذين انجبتهم النجف وبقية المدن المقدسة كان لهم الاثر في امتاع ثقافة المجتمع العراقي .

اضف الى ذلك كان للكتاب دوره المؤثر في سابق العهد من حيث الافكار التي يطرحها لدرجة ان من يؤلف يؤلف الجيد لكي يتنافس ولا يؤلف السفاسف حتى يطبع اسمه على غلاف الكتاب ، الكاتب كان حريصا في النصف الاول من القرن العشرين على ان تكون كتاباته مؤثرة وليس عادية وفي نفس الوقت ان يكون حريصا بان لا يخطئ حتى لا ينتقد اضف الى ذلك بلاغة الكلمة وضبط اللغة والنحو ، واعتقد ان كلفة الطباعة وصعوبتها تجعل الكاتب حريص على اختيار الكلمة والفكرة حتى لا تذهب جهوده سدى

اما اليوم كل شيء متوفر الا الذوق والرقابة فانها اي الكتابة اصبحت سطحية وضربة حظ ، وحقيقة هذا جعل الامية الثقافية تؤثر على امية القراءة والكتابة .

الى الان في المكتبات تعرض كتب صدرت في الثلاثينيات والاربعينيات وعشرات الطبعات وتنفد بل وعملوا عليها التحقيقات على عكس ما يصدر اليوم .طبعا الكتب بمختلف التوجهات سواء كانت كتب تاريخ اسلامي او كتب علي الوردي ومن على شاكلته

سابقا الكاتب يعيش السعادة مع كتابه والقارئ يتذوق القراءة بطعم العسل والكتاب كنز لدى الكاتب ولدى القارئ ، بخلاف اليوم التي اصبحت الكتابة تجارة او سهم لهدم فكرة اخرى .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك