المقالات

البرلمان العراقي..جمود يُفاقم الأزمات..!

592 2025-03-06

صباح زنكنة ||

رئيس مركز اتحاد الخبراء الاستراتيجيين

في فصله التشريعي الحالي يشهد البرلمان العراقي حالة غير مسبوقة من الجمود والركود السياسي، وسط غياب واضح للدور الرقابي وتعطل فاضح لتشريع القوانين المهمة.

 

الجمود هذا لم يكن وليد الصدفة بل هو ناجم عن تداخل عوامل داخلية وخارجية جعلت المؤسسة التشريعية غير قادرة عن أداء مهامها الدستورية، ما انعكس سلبًا على الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد.

 

التوازنات السياسية الهشة التي أفرزتها تسويات ما بعد الانتخابات تعد أبرز العوامل الداخلية التي كرّست هذا الجمود ، فالبرلمان بات محكومًا بتفاهمات بين الكتل الكبرى ما جعل تقاسم النفوذ رأس أولويتها بدلًا من التنافس التشريعي الفعّال، وهذا ما دفع القوى السياسية إلى تجنب اي مواجهة، او تصعيد خوفًا من انهيار التحالفات التي يستند إليها استقرار الحكومة.

 

وفي المقابل، فإن ضعف الاداء الرقابي للمعارضة البرلمانية بعد انسحاب التيار الصدري جعل البرلمان يفتقد لأي قوة سياسية قادرة على ممارسة الضغط الحقيقي برلمانيا كان او جماهيريا ، فالمعارضة المتبقية تعاني من التصدع والتشرذم وعدم امتلاك الأدوات اللازمة لاستجواب الوزراء أو دفع تشريعات حاسمة، ما فسح المجال امام الحكومة العمل دون رقابة فعلية!!.

 

إلى جانب الجمود السياسي، انشغل البرلمان داخليا بخلافات دستورية وقانونية استنزفت الكثير من وقته، من دون تحقيق أي تقدم ملموس لقضايا مهمة مثل التعديلات الدستورية وقانون الانتخابات وملف النفط والغاز، وظلت عالقة بين التجاذبات السياسية والخلافات التراكمية، الامر الذي حال دون تمريرها.

 

الأولويات الأمنية هي الاخرى فرضت نفسها بقوة على المشهد، خصوصًا مع تصاعد التوترات في شمال العراق، واستمرار التهديدات الإسرائيلية لضرب مواقع تابعة للحشد الشعبي كل هذه التحديات دفعت البرلمان إلى الانكفاء عن دوره الرقابي والتشريعي، في وقت تهيمن فيه الحكومة على القرارات المالية بحجة الظروف الاستثنائية.

 

إلى جانب العوامل الداخلية، لعبت التدخلات الخارجية دورًا كبيرًا في تعطيل العمل البرلماني وتحقيق الخمول فيه، فالعراق لا يزال ساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تتجنب بعض الكتل السياسية اتخاذ مواقف قد تُغضب أحد الأطراف، فبينما تضغط واشنطن لعرقلة أي قوانين مهمة تحدّ من نفوذها وتدفعها بالخروج من العراق، تعمل طهران عبر حلفائها على تجميد أي تحركات لا تخدم مصالحها وتضر بالمصلحة الامريكية!!.

 

ولا ننسى أن انشغال القوى الإقليمية بملفات أخرى كالحرب في أوكرانيا وتنامي النفوذ الاقتصادي الصيني جعل البرلمان العراقي بعيدًا عن أولويات اللاعبين الدوليين الكبار ، مما أتاح بيئة مناسبة لاستمرار الركود السياسي.

 

ومع اقتراب الانتخابات المحلية والتشريعية، تمتنع العديد من الكتل السياسية عن اتخاذ قرارات حاسمة لها تأثير على شعبيتها مما يجعل الجمود الحالي امتدادًا طبيعيًا لحالة من الترقب، فبدلًا من الانخراط في تشريعات وإصلاحات جوهرية تخدم المواطن ، يركز البرلمان على إعادة ترتيب المشهد السياسي وتقاسم النفوذ في المحافظات.

 

في ظل هذا الجمود، يبقى البرلمان العراقي عاجزًا عن أداء وظيفته الرقابية والتشريعية، في قبال تفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية دون حلول واضحة، وان استمرار هذه الحالة لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين السلطة التشريعية والمواطنين، ممن باتوا يرون في البرلمان مؤسسة غائبة عن همومهم، أسيرةً لحسابات سياسية داخلية وخارجية!!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك