المقالات

ماذا لو سقط أردوغان ؟!

278 2025-03-23

علي عنبر السعدي ||

وكأنه الرد على مجازر الساحل السوري ،انفجرت مظاهرات في مختلف المدن التركية ،مناهضة لرجب طيب أردوغان ، ظهر من خلالها ان المعارضة أقوى وأكثر انتشاراً مما كان يتوقع .

مهما تكن نتائج تلك التظاهرات ،وسواء نجحت في ازاحة ارد وغان ،أم استطاع تجاوزها ، الإ انها أكدت بأن الرئيس التركي ليس بالقوة المزعومة ،وانه مجرد دكتاتور لايختلف عن انظمة العرب ، لذا فان رفض الاتحاد الاوربي المتكرر،لطلب تركيا الانظام اليه ، كان يحمل مخاوف حقيقية .

لكن ماذا لو سقط نظام اردوغان فعلاً ؟

ذلك ما يعيد أحداثاً تاريخية للصراع بين الشيعة والسنة في المنطقة ، والنقاط التي سجلها كل منهما ضد الآخر .

في العام 1171،أسقط صلاح الدين الايوبي ،الدولة الفاطمية بانقلاب دموي ،بعد أن كان أحد قادتها ، تلك الدولة التي يقول بعض مؤرخي مصر ،انها هي من أدخلت الاسلام الى مصر ومعها اللغة العربية ، كما انها أسست أكبر مدنها – القاهرة – وأكبر مؤسساتها الدينية – الأزهر – والمرة الأولى التي شهدت فيها مصر ممارسة الحريات الدينية ،حيث كان في الأزهر ، أجنحة لكل مذهب من المذاهب الاربعة .

قاد صلاح الدين حملة عسكرية وقمع قاس ضد المصريين فصل فيه الرجال عن النساء ،وأجبرهم على اتباع المذاهب السنية ،كما اغلق الأزهر ، لكن جذور التسامح الشيعي ،بقيت ممتدة في المجتمع المصري ،ما جعل غلاة السلفية ودعاتها من المصريين ،هم الأكثر تشدداً وانغلاقاً في نشر الكراهية ضد الشيعة ، خشية من عودة انتشار التشيع في مصر.

ذلك الحدث المحوري في تاريخ الصراع ، ردّ عليه الشيعة بطريقة مختلفة ، لكنها فاعلة .

ففي العام 1501 ، الشاه اسماعيل الصفوي ، وبعد استماعه الى مناظرة بين الشيخ الشيعي (الحلي) وأربعة من مشايخ المذاهب الاربعة ،حول مسائل فقهية ، أعجبه تسامح الشيعة مقابل تشدد السنة ، فأمر بأن يقوم شيوخ الشيعة بالخطابة في مساجد الدولة ،وشجع على اقامة الطقوس والابتهالات الشيعية في مختلف الارجاء .

وهكذا انتشر التشيع في ايران واذربيجان وما حولها ،ما اثار غضب الدولة العثمانية ،ووقعت بين الطرفين معارك عديدة – حربية وفقهية – ،لم يستطع احد فيهما الغاء وجود الاخر .

في العامين 1915/1916- ارتكب العثمانيون تطهيراً عرقياً ضد الأرمن من سكان تركيا ، ما أثار غضباً شديد اً في أوربا ضد الاسلام عموماً وتركياً بشكل خاص ، مازال صداه يتردد في موقف أوربا من تركيا ،قبلها ،كان العثمانيون وبفتاوى ابن تيمية ،قد قتلوا الاف الشيعة بدعوى تمردهم أو الشكّ بولائهم .

سنوات قليلة بعد مذابح الارمن ، سقطت الدولة العثمانية عسكرياً عام 1922 ، وبعدها بأقل من عام – 1923- أزيلت تلك الدولة قانونياً .

في ذلك العام ،أعلن عن قيام الجمهورية التركية بقيادة الضابط مصطفى كمال اتاتورك ، الذي عمل على ازالة ماتركه العثمانيون من تشدد ديني ،وأدخل الحداثة في مؤسسات الحكم بجعلها علمانية ، لكنه كان مقرباً من البكتاشية – الرؤوس الحمراء- وهي حركة صوفية بجذور شيعية أو حركة سنية غير متشددة .

استمرت العلمانية (البكتاشية ) تحكم تركيا ،حتى ظهور حزب العدالة والتنمية ، الذي حاول اعادة (أمجاد) الدولة العثمانية باعتبارها بيضة الاسلام ،وأكبر امبراطورية أقامها السنّة عبر تاريخهم .

رجب ديب اردوغان ، ظهر بكونه الزعيم الأبرز للعثمانية الجديدة ، بثوبها الاخواني ، وقائد الأمة السنّية .

سقوط نظام الأسد- المقرب من الشيعة- ،بيد المتشددين السنّة المدعومين من تركيا ،شكل ما اعتبر اعادة للتوازن ،بعد انهيار حكم صدام ،وتبوء الشيعة في العراق ،مقاليد السلطة ديمقراطياً – وان بمشاركة كل الطوائف – التشدد السنّي ،اعتبر انتقال الحكم في سوريا ، انتصاراً كبيراً ينبغي استكماله بضرب ومحاصرة الشيعة في لبنان ، وتهديد الشيعة في العراق بمقولة (جايينك ياكربلاء ) التي لم تكن مجرد انشودة من متعصب ،بل عنوان لمرحلة مقبلة ،جرى التهديد بحصولها علناً ،بعد مجازر ارتكبت بحق العلويين الشيعة في سوريا ،أعادت الى الأذهان مافعله العثمانيون في الأرمن ..

في ذروة الانتشاء الاردوغاني الاخواني بالانتصار في سوريا ،لم يكن يدرك انه يواجه خصوماً أقوياً ،يمتلكون طرقاً عديدة في ردّ ،يجعل اردوغان في موقف حرج ،فهو لا يستطيع ارتكاب مجازر شبيهة بمجازر العلويين في الساحل السوري ،ولا يستطيع الصبر على مظاهرات ضده تتسع ، فيما لايكاد يجد حلفاء يقفون الى جانبه ، حتى في الدول بأنظمتها السنية ،فباكستان واندونيسيا وماليزيا ، شقت طريقها في عالم الحداثة ،ولم يعد في حسابها دعم زعيم متشدد كأردوغان بكل ادعاءاته والاعيبه ، ومصر تخشى على وضعها الداخلي اضافة الى الاخطار الخارجية المحيطة بها – من ضمنها احتمال التصادم مع اثيوبيا – .

أما الدول الأوربية ،فيهمها ان يسقط اردوغان ،كي لا يبقى يحاول ابتزازهم بإرسال المهاجرين القادمين في طريقهم نحو اوربا .

الخلاصة :أردوغان في مأزق – داخلياً وخارجيا – وسكرة اسقاط الأسد وتنصيب تلميذه الجولاني ،أجهضت أولاً في حركة نتنياهو الذي ابتلع جنوب سوريا ويواصل ضربها كل يوم في كل مدنها ، فيما يقف اردوغان والجولاني ،عاجزين مخذولين .

للحديث بقية ———

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك