حميد الموسوي
برزت الصناعة الوطنية العراقية الحديثة في اجلى صورة لها مع قيام ثورة 14تموز 1958وبداية العهد الجمهوري في العراق ،اذ شهدت هذه الفترة – مع ان عمرها لم يتجاوز الاربع سنوات ونصف ومع حداثة تجربتها والمخاطر التي احاطت بها والمؤامرات التي تعرضت لها – شهدت نشوء صناعة وطنية تمثلت بوجود العشرات من المعامل والمصانع المتنوعة الانتاج والتي توزعت على محافظات العراق ومدنه وباشرت الانتاج بفترة قياسية ،بعضها خلال سنة والبعض الاخر خلال سنتين اوثلاث !.
ومن هذه المصانع :-
1:- معامل الحديد والصلب في محافظة البصرة.
2:- معامل السكر في محافظة ميسان ( العمارة ).
3:- = الزجاج في محافظة الرمادي .وكذلك معامل الجص .
4:- = المعدات والاجهزة الكهربائية المنزلية في ديالى .وكذلك معامل التعليب.
5:- = الادوية والمستلزمات الطبية في سامراء .
6:- = الحرير في محافظة بابل (الحلة) .
7: - = التعليب في محافظة كربلاء.
8:- = الالبسة الجاهزة في محافظة النجف .
9:- = الاحذية في الكوفة.
10:- = الاطارات ( للسيارات والطائرات ) في الديوانية .
11:- = السكر في محافظة الموصل.
12:- = السمنت في محافظة السماوة.
13:- =النسيج والاقمشة في محافظة واسط الكوت .
14:- = القابلو والاسلاك الكهربائية في الناصرية.
15:- = معامل الطابوق في كركوك .
16:- = معامل بلوك اربيل .
17:- معامل النسيج في السليمانية.
18:- اما في محافظة بغداد:
مفاعل تموز لانتاج الطاقة النووية. شركة الصناعات الخفيفة . معامل شهداء الجيش .معامل الاصباغ . معامل المصابيح والبطاريات .معامل الالبان.معامل السجاد والبطانيات .معامل المشروبات الغازية .معامل الطابوق . معامل الاسفلت.هذا فضلا عن المعامل والورش الاهلية التابعة للقطاع الخاص والتي انتشرت في جميع محافظات العراق .
هذا غيض من فيض وقد فاتنا ذكر الكثير من المحطات الكهربائية و المعامل الصغيرة والفرعية للمنتجات الزراعية والحيوانية والعدد اليدوية والمواد الانشائية المنتشرة في جميع المحافظات .فضلا عن تشييد الجسور والمشاريع الزراعية الاروائية ،واستصلاح الاراضي ،وتطوير الثروة الحيوانية ..وغيرها .
نعود فنذكر ان كل ذلك انجز خلال اربع سنوات مضطربة بتداعيات سقوط الحكم الملكي وقيام العهد الجمهوري ومحاربة الغرب وتآمر دول الجوار وعملائهم في الداخل كما يحصل هذه الايام !.
وفي فترة السبعينات من القرن المنصرم نهضت صناعة وطنية على مستوى تجميع السيارات وانتاج الثلاجات والمجمدات والتلفزيونات واجهزة تكييف وماشابه الا ان السلطة السابقة توجهت للصناعة الحربية واهملت تجديد اوتنشيط عمل المصانع الاخرى .حيث انشأت هيئة للتصنيع العسكري ضمت اكثر من اربعين منشأة للصناعات الحربية ومستلزماتها تركز معظمها في بغداد وبابل.
خلال حرب الاحتلال الاميركي للعراق تعرضت جميع تلك المعامل والمصانع والمنشآت للقصف والتدمير تحت مختلف الذرائع والاسباب ومنها البحث عن اسلحة التدمير الشامل ومنع قيام اية صناعة حربية .
وبعد سقوط السلطة وانتشار الفوضى قام الاهالي بروح انتقامية بنهب ما تبقى من تلك المعامل من معدات ومكائن وادوات وبيعها باثمان بخسة في كردستان وفي دول الجوار حتى وصل الامر الى اقتلاع جدرانها ومساواتها بالارض ! .
وطيلة السنوات التي مرت من زمن التغيير اي منذ العام 2003 ولغاية اليوم غابت السياسة الاقتصادية الواضحة نتيجة تسابق الكتل المتنافسة وانشغالها بتحقيق مكاسب شخصية وفئوية وسقوط معظمها بمشاريع فساد وهمية الامر الذي عطل قيام اي نهضة صناعية او زراعية و ادى الى تجميد انتاج المعامل والمشاريع الصناعية القديمة وتحويل ملاكاتها الى بطالة مقنعة، اذ احيل اكثر من 10000 عامل من اصل 30000عامل من منشآت التصنيع العسكري المدمرة الى دوائر خدمية فيما يتقاضى 20000 عامل رواتب دون تقديم اي عمل !.
هذا فضلا عن عدم استحداث مصانع حيوية لاستقطاب البطالة وتشجيع المنتج الوطني .
محافظة بابل لوحدها تعطلت فيها مصانع الحديد والصلب والاسمنت والطابوق والزجاج والقطن والالبسة الجاهزة والمعلبات والسيراميك والبطاريات والبتروكيمياويات ومعامل ومخازن تبريد وتجميع الحليب وبعضها استولى عليها المتجاوزون .
منشآت الاسكندرية معطلة دون استثمار وهي اكبر منطقة صناعية في الشرق الاوسط وبالامكان جعلها منطقة حرة للتبادل التجاري الصناعي.
الشركة العامة للسيارات وشركة الصناعات الميكانيكية ما زال عملها وسيط مروج للصناعة الاجنبية من خلال تجميع اجزاء يسيرة للسيارات.
معامل الطابوق في الحلة بعضها توقف تماما بسبب تقادم المكائن والبعض الاخر انخفض انتاجه للربع .فيما تتعرض جميع المعامل للاغلاق كحل بسيط لاي مشكلة فيه وتحويل منتسبيه الى بطالة مقنعة .حتى معمل اسمنت المسيب المنتج تعزف الشركات التي تنفذ مشاريع البناء للمحافظة عن شراء منتجه بسبب وجود منتج منافس اجنبي باسعار ادنى مع ان المعمل يعمل بنظام التمويل الذاتي وان منتسبيه البالغ عددهم 780 عاملا لم يتقاضوا الاّ القليل من الاجور بسبب توقف مبيعاته للاسباب المذكورة .جميع معامل القطاع الخاص توقفت عن العمل بسبب فتح باب الاستيراد على مصراعيه لجميع السلع والمنتجات الاستهلاكية والمعمرة وباسعار تنافسية دون توفير دعم للمنتج الوطني.
الصناعة الوطنية - بشقيها الخاص والعام - في خطر وفترة خمسة عشر عاما لاتترك مجالا لقادة العملية السياسية للاعتذار والتذرع بالحجج الواهية ،وقد تقصدنا في ذكر منجزات ثورة 14 تموز في مجال الصناعة وتشجيع المنتج الوطني مع انها مرت بنفس ظروف المرحلة الراهنة مع عمرها القصير وميزانيتها الخاوية قياسا بالميزانية الانفجارية الحالية والتطور التكنولوجي المتسارع !.
كان الاخلاص والوطنية الصفة الاغلب والاطغى لرجالات العهد الجمهوري الاول،وكانت اياديهم الانظف وجيوبهم الانزه،ولم تكن رواتبهم مليارية مع انهم يتبرعون بجزء كبير منها للعوائل المتعففة .كانوا يحسبون الامانة وخدمة الوطن شرف مابعده شرف والفساد المالي والاداري هو السقوط بعينه !.
نترك وضع الحلول للمختصين والمتضلعين من رجالات التخطيط والتنمية والاقتصاد والذين بمقدورهم تدارك ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية وخاصة في مجال الصناعة الوطنية وكيفية انعاشها والنهوض بها كونها عصب الحياة والرديف الابرز لانتاج النفط والمعادن لتمويل الميزانية العمومية التي تمول قطاعات الامن والجيش والدفاع الوطني وجميع المشاريع الخدمية والصحية والتربية والتعليم والاعمار وتقضي على البطالة وتضمن وجود العراق ومستقبل الاجيال الحاضرة والقادمة.
https://telegram.me/buratha