ضياء المحسن ||
يشهد العالم ومنذ أكثر من ستة أشهر، أزمة تفوق أزمة الكساد الكبير التي حصلت في القرن الماضي، وما تلته من أزمات والتي كان أخرها أزمة الرهن العراقي عام 2008، المختلف في هذه الأزمة أنها أصابت مفاصل الحياة جميعها تقريبا، حتى أنها أثرت على الوضع الصحي لكثير من بلدان العالم، بعض هذه البلدان إستطاع تجاوز الأزمة الصحية (على الأقل)، بينما البعض الأخر يكاد يئن من هذه الأزمة.
يقع العراق ضمن الفئة الثانية من الدول التي تعاني من هذه الأزمة المركبة، فهي أزمة لامست الصحة العامة للمواطن، بالإضافة الى تأثيرها الإقتصادي على نفس المواطن.
لو راجعنا بموضوعية إجراءات الحكومة فيما يتعلق بالجانبين الصحي والمالي، نجد فشل كبير في معالجة هاتين الأزمتين، لسنا هنا في محاولة للتشهير بالحكومة وإلقاء اللوم عليها، بقدر ما نحن نحاول تسليط الضوء على الأخطاء التي رافقت الإجراءات الحكومية في معالجة أزمة جائحة كورونا، والتي أثرت على الوضعين الصحي والمالي.
في الجانب الصحي نجد هناك تخبط واضح في كيفية السيطرة على الفايروس، ويصاحب ذلك عدم وعي المواطن بخطورة الوضع، وحتى هذا يعود الى ضعف التوعية الصحية التي كان من المفترض أن تقوم بها وزارة الصحة وهي الجهة المعنية بذلك الأمر، فتركت المواطن يتخبط بين التصريحات المتضاربة، وحتى تأكيد الحكومة على حصر التصريحات بوزارة الصحة كونها الجهة المسؤولة لم يجد أذان صاغية، فأخذ المواطن يسمع أقاويل لم يجد لها تفسير مقنع وحقيقي، ما أدى الى إرتفاع كبير بعدد الإصابات، حتى أن الرقم وصل الى أكثر من 1500 إصابة في بعض الأيام، وهو تطور خطير في تفشي الفايروس في العراق، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار ضعف البنية التحتية للقطاع الصحي بشقيه الحكومي والخاص.
ولو نظرنا الى دول العالم في كيفية معالجة الأزمة، نجد هناك جهد توعوي كبير قامت به الأجهزة الصحية في هذه البلدان، بحيث أنها أخذت تعطي توقيتات لفتح حدودها وعودة الحياة الى طبيعتها، لكن مع المحافظة والإلتزام بالإرشادات الصحية التي رافقت هذه الإعلانات، بالتالي كان على الأقل بالأجهزة المختصة أن تنظر الى ما تفعله هذه الأجهزة، ولا نقول أن تفعل مثلها وتحاكيها، بل تتعلم وتفعل الشيء الذي يجب أن يقبله المواطن هنا، وحتى هذا الأمر لم يحصل.
في الجانب الأخر وهو مؤلم أكثر من الجانب الأول، ونقصد به الجانب المالي، معلوم للجميع أن العراق يعتمد في تمشية أموره المالية على الإيرادات النفطية بنسبة كبيرة، وقد مرت على السوق النفطي سنوات كانت هناك طفرة في أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث وصل سعر برميل النفط الى 140 دولار، لكن المشكلة أن الحكومات السابقة لم تعرف كيف تستفيد من هذه الوفرة المالية والفوائض الكبيرة، لتنشيط القطاعات الإقتصادية الأخرى، لتكون رديف للصادرات النفطية، فكما يقول المثل (القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود)، وكأن من تصدى للمسؤولية في تلك الفترة لم يسمع بهذا القول المأثور.
رافق ذلك مستوى المدينوية بلغ حد كبير، ما أدى بالحكومة الى تفعيل بعض القرارات غير المدروسة، وحتى هذه القرارات سرعان ما عادت وتراجعت عنها، الأمر الذي يمثل مثلبة على الحكومة، وهي التي كان شعارها هو محاربة الفساد والعودة بالعراق ليمارس دوره الحقيقي.
أزاء كل ذلك يبقى سؤال يدور في الأذهاب، ما العمل؟
نحتاج حقا الى رجال يعرفون كيف يديرون الأمور، ليس لهم مصلحة لدى هذا الحزب أو تلك الكتلة، حتى يستطيع أن يعمل بحرية، يجب وضع اليد على مواطن الضعف وتقويتها، ووضع اليد على مواطن القوة وتنميتها، مواطن القوة في الإقتصاد العراقي كثيرة ولا حصر لها، فمهما أردنا أن نحصر ذلك نجد أنه قد فاتنا أشياء كثيرة لم نتطرق إليها، على سبيل المثال لا الحصر، تفعيل السياحة الدينية وهذه ليست حصرا بالمراقد المنتشرة في بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف وسامراء، بل هناك بيت نبي الله إبراهيم في ذي قار، هناك مرقد الكفل وهناك مرقد العزير وهناك مراقد وكنائس كثيرة منتشرة في أرجاء العراق، طبعا كثير من هذه المراقد يزورها سياح مسيحيين ويهود، لكن ما ينقص هو البنى التحتية (فنادق وطرق ومرشدين سياحيين يتحدثون اللغات الأجنية ويعرفون ماذا يقولون للسائح الأجنبي.
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha