ضياء المحسن ||
تعد الضريبة عقد إجتماعي بين الدولة المواطن، يقوم بموجبها المكلف بدفع نسبة من العوائد التي يحصل عليها خلال سنة الى هيئة الضرائب، في المقابل تقوم الحكومة بتقديم خدمات للمواطن تتمثل في البنى التحتية وبناء المدارس والمستشفيات التي تقدم خدماتها بالمجان له، هذا هو المتعارف عليه في أدبيات الإقتصاد.
طرحت حكومة السيد الكاظمي في بداية عملها الورقة البيضاء، والتي تؤكد فيها على الإصلاح في كافة مرافق الدولة العراقية، ما يهمنا في ما نكتبه اليوم هو الإصلاح الضريبي الذي تبنته الحكومة في الورقة البيضاء، والتي أكدت على "تطوير النظام الضريبي بشكل نسب بسيطة وعادلة ومتساوية من المعدلات الضريبية" بالإضافة الى زيادة الإيرادات فيما يتعلق بالكمارك والضرائب من خلال تحسين الإدارة والتحصيل.
الذي حصل هو عكس ما قرأناه في ((الورقة البيضاء)) والتي كانت سوداء بكل معاني هذه الكلمة، ذلك أنه بمراجعة بسيطة لبيانات وزارة التخطيط العراقية التي تعتمد على بيانات هيئة الكمارك نلاحظ إنخفاض حصيلة الضرائب والكمارك المفروضة على البضائع الداخلة الى البلد، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار مبيعات البنك المركزي العراقي لأغراض الإستيراد والتي تزيد على سبعين مليار دولار سنويا، حيث تؤكد بيانات وزارة التخطيط مثلا على أن إستيرادات العراق من الجمهورية الإسلامية الإيرانية مليار ومائتين مليون دولار؛ بينما بيانات غرفة تجارة طهران تؤكد أن العراق استورد ما قيمته أربعة مليارات ومائتين مليون دولار! في نفس السياق فإن بيانات وزارة التخطيط التي تعتمد على بيانات هيئة الكمارك العراقية تؤكد على أن العراق استورد خمسمائة ألف سماعة أذن، بينما الشركات المصدرة تؤكد على تصدير خمسة مليون سماعة لنفس الفترة (هذه البيانات لعام 2020).
نعلم جميعا أن السيد مصطفى الكاظمي قام في العام الماضي بزيارة الى موانئ العراق، وتحدث عن بسط سلطة الدولة في هذه الأماكن، التي يشوبها الفساد وتسيطر عليها أحزاب وعشائر، وكان المؤمل أن تزيد الحصيلة الضريبية، لكن حصل العكس حيث أخذ التجار بتحويل دخول بضائعهم الى ما يقرب من ستة وعشرون منفذ غير رسمي في شمال العراق، وهذه المنافذ تقوم بتسهيل دخول البضائع الى العراق مقابل دفع مبالغ بسيطة لا تدخل في حسابات الكمارك ولا الضريبة.
إن الضريبة التي تريد أن تفرضها الحكومة على رواتب الموظفين ليس لها إلا معنى واحد لا غير، وهو أنها تحاول أن تجعل المواطن يهرب من الوظيفة الحكومية.
لكن الى أين؟
نعتقد أن الحكومة سوف تقضي على أخر ورقة تستر به عوراتها عندما تذهب بهذا الإتجاه، يفترض بها أن تقوم بتفعيل موضوعة أتمتة المنافذ الحدودية بأسرع، وقت فهي الطريقة الوحيدة للقضاء على الفساد في المنافذ، بالإضافة الى ضرورة العمل على تقديم خدمات جيدة للمواطن بعد ذلك يمكن لها أن تفكر في فرض ضرائب على المواطنين، أما ونحن في هذه الحالة من رداءة في نوعية وحجم الخدمات التي تقدمها الحكومة على قلتها، فإن موضوع فرض الضريبة سيكون القشة التي قصمت ظهر الحكومة ولن تقوم لها قائمة.
https://telegram.me/buratha