ويوضح خبراء أخرون إن الجدل الحالي بين النخب السياسية الأمريكية يشبه إلى حد ما الجدل الذي عاشته الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بين الشمال والجنوب.
وكدليل مؤثر على هذه المخاوف أشار خبراء إلى أن رفض ولاية تكساس التسامح مع تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود بموافقة الرئيس الأمريكي جو بايدن لقي دعما من 25 حاكما. ويؤكد خبراء أنه لا يوجد سيناريو معقول يمكن أن يؤدي إلى استقلال تكساس سلميا عن الولايات المتحدة، حتى لو كانت هذه إرادة سكانها، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى تتغير جغرافية أمريكا الشمالية بشكل خطير، إذ قبل ذلك أعلنت كاليفورنيا نيتها الاستقلال أيضا.
وفي السياق ذاته، عزز إعلان ولاية كولورادو مؤخرا بأنها لن تسمح لدونالد ترامب للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة من فكرة انشقاق المجتمع الأمريكي.
كما حذّر ظل الانقسام السياسي يحذر خبراء من تداعيات الاضطراب في الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي ودول أخرى، خاصة الدول التي تمتلك استثمارات كبيرة في أمريكا.
يذكر محللون أن الدين العام الأمريكي وصل إلى رقم فلكي عند 34.1 تريليون دولار، وينمو بمعدل يقارب 3 تريليونات دولار سنويا وبوتيرة تتجاوز تقديرات الحكومة الامريكية ما يزيد الأعباء على الميزانية الأمريكية إذ أن الفائدة يمكن أن تصل إلى 1.3 تريليون دولار سنويا.
وذكر خبراء بمقولة أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة عن أن سداد الديون هي مسألة كرم وليست حقا.
وكمؤشر على احتمال خروج رؤوس الأموال من الاقتصاد الأمريكي، تحدث خبراء عن أن عائدات السندات الأمريكية لأجل 30 عاما بلغت أعلى مستوى لها هذا العام ما يعني أن الطلب على السندات الأمريكية آخذ في الانخفاض.
وفي هذا الصدد قال الخبير ألكسندر نازاروف، وصلت عائدات السندات الأمريكية لأجل 30 عاما إلى أعلى مستوى لها هذا العام، أي الطلب على هذه السندات يتراجع، وقد يبدأ هروب رؤوس الأموال غير المنضبط من الديون الأمريكية في المستقبل القريب. وإذا حدث هذا، فهناك طريقة واحدة فقط لتجنب انهيار الاقتصاد الأمريكي، وهي طباعة عشرات التريليونات من الدولارات الجديدة في غضون أسابيع قليلة، وبعد ذلك سيبدأ التضخم المفرط في الولايات المتحدة.
وأوصى الخبير نازاروف، بإعادة النظر في الاستثمار في السندات الأمريكية إذ أن التداعيات الاقتصادية لأية أزمة جديدة في الولايات المتحدة ستكون أكثر حدة من سابقاتها.
وقال نازاروف في منشور في قناته بتطبيق تلغرام مواجها حديثه لاقتصادات عربية رائدة:
"إلى السعودية والإمارات والكويت والعراق وغيرها من الدول التي تحتفظ باحتياطياتها من النقد الأجنبي في السندات الأمريكية، لا أستطيع إلا أن أقول كلمة واحدة أهرب!".
أجبرت سياسة العقوبات التي تنتهجها واشنطن ضد دول ، وفي مقدمتها روسيا والصين، على إعادة حساباتها حول الاستثمار في سندات الخزانة الحكومة الأمريكية.
وبالفعل سحبت روسيا أموالها بشكل شبه كامل من هذه السندات، كما خفضت بكين استثماراتها في أوراق الدين الأمريكية بعشرات المليارات من الدولارات، وتراجعت إلى المرتبة الثانية في قائمة كبار حائزي السندات الأمريكية.
وبحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية لنوفمبر 2023، تتصدر اليابان القائمة، حيث استثمرت 1.12 تريليون دولار في هذه الأوراق المالية، وفيما يلي كبار مالكي السندات الأمريكية (بيانات نوفمبر 2023).
ويتساءل الخبراء عن مدى الأمان من استثمار الأموال في الاقتصاد الأمريكي في ظل الواقع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه الآن الولايات المتحدة. ولفتوا إلى أن دول الخليج خسرت مليارات الدولارات في الأزمة المالية 2007 - 2008 جراء استثمارها في أسواق المال الغربية.
كبار الدول العربية المستثمرة في السندات الأمريكية (بيانات نوفمبر 2023).
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha