أغلقت مراكز الاقتراع في البحرين أبوابها بعد انتهاء التصويت في ثالث انتخابات برلمانية تجرى في البلاد منذ تبنيها النظام الملكي الدستوري عام 2002.وفيما أعلنت المعارضة أن ألفا من الناخبين في المناطق الشيعية أعيدوا من مراكز الاقتراع دون أن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم بعد إبلاغهم بعدم وجود أسمائهم في سجل الناخبين، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن قوائم الناخبين في الانتخابات البرلمانية قد نشرت في آب/أغسطس الماضي، مما يظهر ويدلل على أن العمليةالانتخابية متواصلة وراسخة وقوية".
وأعلن عبد الله العكري رئيس مركز الشفافية في البحرين أن "المعارضة تقول إن أتباعها يتم استهدافهم، وإن هؤلاء هم من الذين كانوا من الناشطين في حملاتها الانتخابية".وأضاف العكري أن "الشكاوى جاءت بشكل رئيسي من المحافظات الشمالية والوسطى". وهذه مناطق غالبية سكانها من الشيعة.وتنافس 127 مرشحا على أصوات الناخبين البالغ عددهم 138 ألف ناخب من أصل 1.3 مليون هم عدد سكان البحرين.فيما يبلغ عدد مقاعد البرلمان 40 مقعدا.
ويذكر أن البحرين لا تسمح بمراقبة أجنبية على سير الانتخابات فيها، إلا أن رئيس مفوضية الانتخابات عبدالله البوعينين يصر على التزام المفوضية بشفافية الانتخابات، مؤكدا على أن 379 مراقبا من منظمات بحريينية غير حكومية سيشرفون على صناديق الاقتراعات.ويقول مراسلون إن المنازلة الحقيقية التي تشهدها هذه الانتخابات هي بين الاسلاميين من جهة وذوي التوجه العلماني من جهة اخرى.
فيما تشهد البلاد تصعيدا في التوتر بين الاقلية السنية المسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد والاغلبية الشيعية.
وأثارت موجة من الاعتقالات طالت ناشطين من الأغلبية الشيعية تحذيرات من قبل منظمات حقوق الإنسان من مغبة العودة الى "النظام التعسفي الذي سبق الإعلان عن العمل بدستور جديد في البلاد عام 2002".
وكانت السلطات البحرينية قد اعتقلت نحو 23 من قادة الشيعة بمن فيهم بعض رجال الدين متهمة إياهم بالتخطيط لقلب النظام السياسي من خلال التحريض على الاحتجاجات.وطالب زعيم المعارضة الشيعية في البرلمان البحريني، رئيس رابطة الوفاق الاسلامي الوطني الشيخ علي سلمان، خلال الحملة الانتخابية الأسرة الحاكمة بإرخاء قبضتها عن رئاسة الوزراء ومواقع أخرى حساسة في السلطة.
وقال سلمان أمام حشد في إحدى ضواحي العاصمة المنامة: "من غير المقبول أن تحتكر عائلة واحدة السلطة، حتى وإن كانت عائلة نقدرها ونحترمها".كما أثارت مسألة مشاركة النساء في الترشح انتباه المراقبين، إذ لا توجد في مجلس النواب الحالي الا نائبة واحدة فقط. فبالرغم من حصول المرأة على حق التصويت في عام 2001، ما زالت مشاركتها في الحياة السياسية تواجه معارضة قوية من جانب قطاعات واسعة من المجتمع، فالاحزاب الاسلامية الرئيسية ما زالت تمتنع عن دعم المرشحات.
وحذرت منظمات المعارضة قبل الانتخابات من مخاطر حصول تزوير، فيما أعربت منظمات حقوقية عن خشيتها من عدم التزام مراكز الاقتراع بالمعايير الأساسية لتحقيق "عدالة التصويت".وتفرض الحكومة التي تسيطر عليها عائلة آل خليفة الحاكمة قيودا صارمة على الانتخابات إذ عمدت إلى تغيير الدوائر الانتخابية حتى تمنع المعارضة الشيعية من الحصول على أغلبية الأصوات حسب آراء بعض المراقبين. ويؤدي هذا الوضع إلى إذكاء شكوك الشيعة بأن عملية الإصلاح التي انتهجتها الحكومة البحرينية إنما هدفت إلى احتوائهم.
وتنظر الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى البحرين التي تحتضن الأسطول الأمريكي الخامس إلى أنها تمثل حصنا ضد نفوذ إيران المجاورة.وعانت الشركات الدولية المستثمرة في البحرين من أزمات مالية كبيرة بسبب انهيار سوق العقارات الإقليمي. كما أن التأثير السياسي على البنوك من شأنه منع المستثمرين الأجانب من تقييم مدى الأضرار التي لحقت بالقطاع المصرفي والعقاري.ونصف سكان البحرين من الوافدين الأجانب. ويُشار إلى أن أغلبية الشيعة البحرينيين يشتكون من تعرضهم للتمييز فيما يخص الوظائف الحكومية والإسكان والعناية الصحية لكن الحكومة تنفي هذه الاتهامات.
ويطالب الشيعة بتوقف الحكومة البحرينية عن منح الجنسية إلى أفراد سنة من خارج البحرين وتوفير فرص العمل لهم في القوات المسلحة ومصالح الأمن البحرينية بهدف تغيير التركيبة السكانية للإمارة.وتشغل حركة الوفاق وهي أكبر حركة سياسية شيعية في البحرين 17 من أصل 40 مقعدا في البرلمان الحالي وتتنافس مع الجماعات الإسلامية السنية وجماعة وعد العلمانية من أجل مقاعد البرلمان في بلد تحرص واشنطن على استقراره.
والبحرين بلد صغير منتج للنفط لكنه يحتاج في المدى البعيد إلى التخلي تدريجيا عن الإعانات الحكومية الممنوحة للمواطنين وفرض ضرائب لخفض عجزه المالي ووقف الاستثمارات في البنية التحتية.وسيكون من الصعوبة أن تمضي الحكومة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية دون السماح في المقابل بمزيد من المشاركة السياسية.
https://telegram.me/buratha