أثارت الوقائع السياسية في العاصمة العراقية، بغداد، المسؤولين الأمريكيين ودفعتهم للجم رؤيتهم للديمقراطية في العراق، وبدلاً من ذلك، بدأ هؤلاء المسؤولين يتحدثون عن استعدادهم لإقامة حكومة فاعلة تجلب الأمن للبلاد ، ولكن بعيد عن الديمقراطية، بعد ان كانت إقامة حكومة ديمقراطية وسيادية في العراق أحد أهداف إدارة بوش المعلنة للحرب، ولكن وللمرة الأولى يتحدث الجنرالات الأمريكيون على الخطوط الأمامية في العراق علانية عن إقامة بدائل حكومية غير ديمقراطية.
وفيما ما يزال اثنان من كبار القادة الأمريكيين في العراق يتحدثون عن حماية المؤسسات الديمقراطية فيها، فإنهما يقولان إن طموحاتهما لم تعد نبيلة وسامية كما كانت فيما مضى.فقد قال الجنرال جون بدنارك، القائد العسكري في قوات الصاعقة بمحافظة ديالى: "المؤسسات الديمقراطية ليست بالضرورة المؤدية الوسيلة التي يمكنها أن تقود البلاد للأمام على المستوى البعيد."وتعكس تصريحات الجنرال الأمريكي هذه ما يجول في خاطر الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين الذين يحاولون كسب ود وعقول شعوب الشرق الأوسط والدول الأخرى غير الغربية، حيث لا تشكل الديمقراطية تقليداً فيها.ورفض كل من السفير الأمريكي لدى العراق، ريان كروكر والجنرال ديفيد بيتريوس، أعلى مسؤول في القوات الأمريكية في العراق إجراء مقابلات حول هذه المسألة، لكنهما أصدرا بياناً لشبكة CNN كررا فيه أن "إطار العمل الديمقراطي الأساسي في البلاد يجري العمل فيه"، وأن "تطور المؤسسات الديمقراطية يتم تشجيعه والترويج له."وقالا أيضاً إنهما يساعدان القادة السياسيين في العراق على إيجاد سبل "لتقاسم السلطة وتحقيق تقدم في البرلمان."ولكنهما أشارا إلى أنهما الآن منهمكان في وضع "أهداف أقل طموحاً مما كان عليه الأمر في البداية."على أن القائد في قوات الصاعقة، الجنرال بنجامين ميكسون، رغم أنه شارك المسؤولين البارزين في الحديث عن أهداف أقل طموحاً قال: "يمكنني أن أصف الأمر على أنه يجب ترك حكومة فاعلة يمكنها توفير الخدمات والأمن لشعبها."وأضاف ميكسون، الذي لم يكن مهتماً فيما إذا تم تحقيق الأهداف من دون ديمقراطية، قائلاً: "إنها تحتاج إلى أن تكون حكومة فاعلة يمكنها أن تكون شريكة للولايات المتحدة وبقية دول العالم في الحرب على الإرهاب."وأوضح ميكسون بالقول: "حسناً، انظر إلى كل دول الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أن الديمقراطية مجرد خيار، وأن العراقيين أحرار في أن يقبلوا بها أو يرفضوها.وأشار الجنرال الأمريكي إلى أن الجنود يقاتلون من أجل تحقيق الأمن، وهو هدف وصفه ميكسون بأنه "محور مهمتي."يشار أن الأيام الأخيرة شهدت تصريحات عنيفة متبادلة بين رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، والقادة الأمريكيين، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي عبر الثلاثاء عن "إحباطه" حيال حكومة المالكي، رغم أنه عبر الأربعاء عن دعمه له ووصفه بأنه "طيب".فقد رد المالكي، من دمشق الأربعاء ، بعنف على الانتقادات الأمريكية التي استهدفت حكومته مؤخراً، وقال إن أحداً لا يمتلك الحق بوضع جداول زمنية أمام حكومته المنتخبة ديمقراطيا" وهدد بـ"البحث عن أصدقاء في مكان آخر.وقال المالكي الذي يزور سوريا حالياً، إن الحملة الأمريكية التي استهدفته مؤخراً تعود إلى الأوضاع الأمريكية الداخلية بسبب حملة الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أنه لن يكترث سوى للدستور ومصلحة شعبه.واعتبر رئيس الوزراء العراقي، الذي تلقى خلال الساعات الماضية الكثير من النقد من قبل البيت البيض والسفير الأمريكي في بلاده، ريان كروكر، إن بعض الهجمات التي شنت عليه سببها قراره زيارة سورياوعموما فان الادارة الامريكية بدأت تتناقض كثيرا مع الشعارات والوعود التي اطلقتها بشان العراق ، واخذت تبحث عن حلول خارج اطار الحياة الديمقراطية ، لذلك بدا التخبط والتناقض يسود الخطاب السياسي الامريكي .
https://telegram.me/buratha