يلاحق الفشل الذريع دولة الإمارات في كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وينعكس ذلك التعثر على الرؤية القاتمة التي رسمها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وحاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، للدفع بدولة خليجية صغيرة إلى مسرح العالم لتصبح لاعباً قوياً وبارزاً في الشرق الأوسط.
وساهمت دبي، ثاني أهم مدينة في الإمارات، بشكل كبير في ذلك الفشل بسلسلة فضائح وانتهاكات لدولة ارتبط اسمها بالكثير من الجرائم حول العالم، فقد تحولت دبي إلى مركز عالمياً لتداول الأموال القذرة، وشهدت انهياراً اقتصادياً كبيراً في مختلف المجالات، وصولاً إلى مثول حاكمها أمام محاكم في بريطانيا في قضايا أسرية.
ولعل آخر الأزمات التي يعيشها حاكم دبي ما كشفت عنه العديد من التقارير المسجلة والمسربة سراً عن الجحيم الذي تعيشه النساء خلف أبواب القصر، وكيف أن حياتهن مراقبة ومقيدة ومهددة دائماً بالحبس والتعذيب، واتهامات باعتقال وابتزاز رجال أعمال إماراتيين وأجانب عاشوا حياة من الجحيم في الإمارة الصغيرة.
أزمة بن راشد الأسرية
تواصل حكاية طلاق الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين من زوجها حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، الكشف عن تفاصيل تتعلق بالحياة الخاصة لحاكم دبي، وطريقة تعامله مع أسرته بما يناقض ما يظهره من دعم للحريات والحقوق.
آخر المستجدات في هذه القضية نشرته المحكمة العليا البريطانية، الخميس (5 مارس الجاري)، ويتعلق بحضانة الطفلين، قالت فيه إن ثمة "حملة تخويف قام بها عملاء الشيخ محمد بن راشد".
وأضافت: "سمعت المحكمة أن بندقية وضعت مرتين على وسادة هيا بنت الحسين، وكان المسدس في وضعية السماح بإطلاق النار، كما هبطت طائرة هليكوبتر خارج منزلها مع تهديد بنقلها إلى سجن صحراوي بعيد".
وأوضحت المحكمة أن "بن راشد يستمر في الحفاظ على نظام تحرم فيه الشابتان لطيفة وشمسة من حريتهما، فهو مسؤول عن إعادة ابنته شمسة بعد اختطافها وحقنها بمخدر من قبل عناصر تابعة له، والشيخة لطيفة التي لم تنجح محاولتها في الهرب".
ووفق القرار فإن "حاكم دبي اختطف وعذب وهدد أولاده وبناته، ولم يكن منفتحاً ولا صادقاً مع المحكمة".
ورفضت المحكمة البريطانية العليا النظر في طعن مقدم من محمد بن راشد، لمنع نشر أحكام تتعلق بالمعركة القضائية مع زوجته الأميرة هيا بنت الحسين على حضانة طفليهما.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أعلنت الشرطة البريطانية، في 7 مارس 2020، أنها ستعيد النظر في تحقيق بشأن اختفاء ابنة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم؛ بعدما بيّنت محكمة بريطانية أنها والدها اختطفها.
وأكدت متحدثة باسم الشرطة أن "شرطة كامبريدجشير، في عام 2001، أطلقت تحقيقاً بشأن الخطف المفترض للأميرة شمسة بنت راشد آل مكتوم، في عام 2000"، موضحةً أنه في ذلك الحين لم تكن هناك أدلة "كافية" لاتخاذ أية إجراءات إضافية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي 8 مارس 2020، وصفت السيدة رندا البنا، إحدى زوجات حاكم دبي محمد بن راشد منذ 47 عاماً، زوجها السابق بالرجل "الخطير جداً جداً"، وذلك رغم سنوات الابتعاد عنه، وفقاً لما نشرته صحيفة "الصنداي تليغراف" البريطانية، في تقرير بعنوان "الشيخ الذي يَحكم بالخوف".
ابتزاز لرجال الأعمال
ومساء الـ8 من مارس، بثت قناة "الجزيرة" الإخبارية تحقيقاً استقصائياً يتضمن وثائق وشهادات حصرية تكشف تفاصيل ما تعرَّض له مستثمرون عرب وأجانب في إمارة دبي من عمليات ابتزاز واستيلاء على أموالهم بغطاء جهات متنفذة في دولة الإمارات.
ويكشف التحقيق، الذي يأتي ضمن سلسلة تحقيقات مختلفة في برنامج "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، شهادات مستثمرين تعرضوا للاعتقال في إمارة دبي، التي يُنظر إليها باعتبارها عاصمة اقتصادية للإمارات.
ويقول مُعد البرنامج، الإعلامي الفلسطيني تامر المسحال، إنه حصل على نسخة من تقرير غير منشور لخبراء أمريكيين حققوا في هذه القضايا.
كما يوثق التحقيق الذي يحمل عنوان "استثمار على الرمال"، تفاصيل صادمة تخالف ما تروجه حكومة دبي والسلطات الإماراتية من النهوض الاقتصادي، الذي جاء بسبب نهب وابتزاز التجار ورؤوس الأموال.
مركز لتبييض الأموال
يبدو أن إخفاق دولة الإمارات العربية المتحدة في وضع حد لعمليات غسل وتبييض الأموال، رغم دخولها بعدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المرتبطة بذلك، مقصود؛ في ظل تجميعها لعدد كبير من رجال الأعمال الذين يبيضون أموالهم، حتى باتت في السنوات الأخيرة إحدى الوجهات الرئيسية في العالم لهذه الجرائم.
وصنف العديد من التقارير الدولية الإمارات على أنها مركز رئيسي لتمويل الإرهاب وعمليات تبييض وغسل الأموال، التي يقدر حجمها العالمي سنوياً بنحو تريليوني دولار، أي ما نسبته 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحسب تقديرات أصدرها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في أغسطس 2018.
وعمليات غسل أو تبييض الأموال جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال تم الحصول عليها من مصدر غير شرعي؛ لغرض حيازتها، أو التصرف فيها، أو إدارتها، أو حفظها، أو استبدالها، أو إيداعها، أو استثمارها، أو تحويلها، أو نقلها، أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم.
وكان تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، في مارس 2017، أكد انخراط مؤسسات مالية في الإمارات في معاملات نقدية تنطوي على مبالغ كبيرة من العائدات المتأتية من الاتجار الدولي بالمخدرات.
خسائر اقتصادية
في فبراير 2020، أعلن مصرف الإمارات المركزي أن متوسط أسعار العقارات السكنية واصلت انخفاضها خلال الربع الأخير من عام 2019 في كل من دبي وأبوظبي.
وقال المصرف في المراجعة الربعية، يوم الأحد، إن انخفاض أسعار العقارات السكنية وصل إلى نسبة 5.7% في دبي.
وعلل المصرف التراجع بأنه جاء تماشياً مع "الاتجاه طويل الأجل"، مشيراً إلى انخفاض متوسط أسعار المنازل على أساس سنوي، منذ الربع السابق في دبي.
وأوضح المصرف أن أسعار العقارات في دبي شهدت انخفاضاً في الربع الأخير من 2019 بنسبة 5.7% على أساس سنوي، مقارنة بانخفاض بنسبة 8.2% في الربع السابق له، وعلى أساس ربع سنوي انخفضت أسعار المبيعات السكنية بنسبة 0.6% في الربع الرابع من 2019، مقارنة بانخفاض بنسبة 1% في الربع الثالث.
وأشار المصرف إلى أن سوق دبي ما زالت تشهد انخفاضاً في الإيجارات، وهو ما يُعزى في المقام الأول إلى زيادة العرض.
كما توقّف نمو الأعمال في دبي، واختفت الوظائف بأسرع وتيرة خلال عقد على الأقل، في أحدث بوادر اضطرابات اقتصادية في المركز التجاري الرئيسي بالشرق الأوسط، وفقاً لتقرير حديث لإحدى الشركات المستقلة المتخصصة في تقييم سوق العمل ونمو الأعمال في جميع أنحاء العالم.
ويقول تقرير شركة (IHS Markit)، إن ظروف التشغيل في القطاع الخاص غير النفطي في دبي انخفضت بشكل كبير، في يناير الماضي 2020، للشهر الثالث توالياً، وإلى أدنى مستوى منذ نحو أربع سنوات، وفق ما ذكرت "بي بي سي عربي".
وذكر التقرير بعض المؤسسات التي أغلقت آلاف الوظائف، ومن بينها بنك "الإمارات دبي الوطني"، أكبر مصرف في دبي.
https://telegram.me/buratha