جاءت الواحدة تلو الأخرى وجلسن في ظل أشجار النخيل يروين القصة نفسها؛ أن "تنظيم القاعدة قتل أزواجهن" وأنهن يحاولن التغلب على الفقر والحزن اللذين يلفان حياتهن. جلست نحو مائة من النساء المتشحات بالسواد على كراسي من البلاستيك في فناء ساحة المجلس البلدي في العدوانية، على بعد حوالي 25 كلم جنوب بغداد. وجاءت أرامل بلدة العدوانية الواقعة في منطقة زراعية، والتي كانت قبل ثلاثة أشهر معقلا لمعارضي أسامة بن لادن, لطلب مساعدة السلطات.
وقالت المسؤولة عن البلدية زيتون حسين مراد "نريد أن نساعدهن قدر الإمكان". ونظمت مراد مع الصليب الأحمر العراقي عملية لتوزيع المواد الغذائية على الأرامل وأسرهن. وأضافت هذه المسؤولة النشيطة البالغة الخامسة والخمسين من العمر متوجهة إلى مجموعة الأرامل "إنها البداية ونريد القيام بأكثر من ذلك". ومضت تقول "نريد أن تعلموا أنكن جزء من عائلتنا وأننا سنعتني بكن جميعا".وكانت علامات التأثر واضحة على وجوه النسوة, ووقفت أكبرهن سنا وشكرت رئيس المجلس البلدي بالقول "إن الله أرسلكم إلينا لمساعدتنا، إننا نشكركم ونشكر الله".والتفاصيل التي ترويها النساء أشبه بقصص الرعب.وقالت الأرملة سناء نوري، وهي في عقدها الثالث، والتي كان زوجها من عناصر الشرطة العراقية, بصوت مشحون بمشاعر الحزن, "كنا نتناول العشاء في المنزل مساء السادس من / تشرين الثاني 2006، عندما دخل علينا مسلحون ملثمون وهجموا على زوجي عبد، وطلبوا منه أن يسلمهم سلاحه ولباسه العسكري وسيارته ثم اقتادوه إلى جهة مجهولة. لم يكف أولادي عن البكاء". وتابعت "في اليوم التالي عثر على جثته في بستان".ومنذ مقتل زوجها تعيش نوري براتبه التقاعدي، لكنه غير كاف لإعالة أولادها الثلاثة، وهم في العاشرة والسابعة والرابعة من العمر. وقالت "لا يزال أولادي يبكون بسبب غياب والدهم. تنظيم القاعدة مسؤول عن الفاجعة التي أصابت أسرتنا".أما رباب حسين راشد (32 سنة) فقد فقدت زوجها قبل أقل من سنة. وقالت "كنا في حديقة المنزل، عندما وصلت سيارتان وخرج ملثمون مسلحون منهما وأرغموا زوجي على الصعود إلى إحدى السيارتين. وفي اليوم التالي عثرنا على جثته مقطوعة الرأس".وكان زوجها سعيد عبود مزارعا بسيطا واضطرت إلى العمل مكانه لإعالة أولادها الثلاثة. وأضافت "تهتم شقيقتي بأولادي عندما أعمل في الحقول الزراعية".وفي نهاية العام الماضي تكثفت حملة الرعب التي شنها أتباع القاعدة لدرجة أن معظم سكان البلدة، ويقدر عددهم بألفين، هجروها.وطرد المتطرفون في الهجوم الذي شنته القوات الأمريكية على البلدة في / شباط الماضي. وأقنعت زيتون حسين مراد سكان البلدة بالعودة، مشيرة إلى أن "95 % من سكان العدوانية عادوا إليها". إلا أن بلدة العدوانية دفعت غاليا ثمن العنف الأعمى، الذي حصد عددا من سكانها العزل، الذين لم تؤمن لهم الحماية منذ بدء التدخل الأمريكي في العراق في مارس/ آذار 2003.وقالت "ترملت أكثر من مئة امرأة، وفقد أكثر من 350 طفلا؛ إما آباءهم أو أمهاتهم وأصبح حوالي خمسين طفلا أيتاما من ناحية الأم والأب". وتريد الآن بناء مزرعة جماعية للأرامل ودار للأيتام.وأضافت "يمكننا الاستمرار من دون شوارع نظيفة أو طرقات سليمة، لكن لا يمكننا البقاء من دون دار للأيتام.
https://telegram.me/buratha