بعد إجراءات احترازية صارمة للغاية، طالت لقرابة عامين كاملين، أعلنت السلطات الصحية الصينية عن عشرات الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، وفي العديد من مقاطعات البلاد، خاصة إقليم هيبي القريب من العاصمة بكين.
يأتي ذلك قبل عدة أسابيع من استضافة الصين لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية المتوقع إجراؤها في أوائل العام المقبل، مما يهدد ويضغط على الاستراتيجية الصينية القائمة على إجراءات العزل الحازمة، وتاليا إمكانية تفشي الفايروس في أكبر دولة بالعالم من حيث عدد السكان، البالغ 1,4 مليار نسمة.
لجنة الصحة الوطنية في الصين حذرت في بيان رسمي من "تحدٍ خطير" يواجه البلاد في الشهور المقبلة. وجاء البيان بعد الإعلان عن 74 إصابة جديدة في اليوم السابق، وفي مناطق مختلفة من البلاد، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الوضع الجديد.
لكن المسؤولين الصينيين أعلنوا الاستمرار في الاستراتيجية التقليدية للبلاد في مواجهة الوباء، عبر الاعتماد على الإجراءات الصارمة، حسبما قال المسؤول في لجنة الصحة الوطنية الصينية "وو ليانغينو" خلال مؤتمر صحفي خاص.
وأضاف أن تلك الإجراءات ستستمر طوال فصلي الشتاء والربيع المقبلين، موجها انتقادات واسعة للدول الكبرى، التي "لم تلتزم بأية إجراءات حازمة".
وكانت الصين طوال الفترة الماضية قد عانت من تباطؤ في مستويات التنمية الاقتصادية في البلاد، بسب تلك الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمنع انتشار وباء كورونا.
وكانت السلطات الصينية قد أغلقت ميناء حيويا مثل "نينغبو-تشوشان" لمدة أسبوعين كاملين، فقط لإصابة عاملين في الميناء بالوباء، رغم الازدحام الشديد للبضائع المعدة للتصدير. وأدت مثل تلك الإجراءات إلى تراجع النمو في البلاد إلى ما دون 5 بالمئة لأول مرة منذ أعوام.
الإجراءات التفصيلية التي أعلنتها السلطات الصحية الصينية، كمحاولة لتطويق الحالات الجديدة في البلاد، هي الحجر التام على جميع المصابين بالحالات الجديدة، إلى جانب إجراء 443 ألف اختبار مستعجل في جميع المناطق التي تم العثور فيها على الحالات الجديدة، بما في ذلك بعض الأحياء من العاصمة.
كما سيتم نشر فريق من "المُطهرين" الاختصاصيين، مؤلف من 1108 أشخاص، لتعقيم تام لكافة المناطق التي سجلت حضورا للمصابين خلال الأسبوعين الماضيين.
وتفسيرا لأسباب عودة انتشار الوباء في الصين، بالرغم من الإجراءات الاحترازية الصارمة التي اتخذتها السلطات الصينية، يشرح المشرف المقيم في المركز الوطني الطبي بمدينة بوخم الألمانية، الدكتور روني سيمايل، ذلك في حديث نقله موقع "سكاي نيوز عربية".
وقال: "صحيح أن جميع الداخلين والخارجين من الصين يخضعون لفحوصات دقيقة، ومع إعطاء أكثر من 2.4 مليار جرعة لقاح لمواطنيها، إلا أن الاستثناءات يمكن لها أن تخترق كلا الإجراءين".
واستطرد موضحا: "بالنسبة للفحص المسبق الذي يحدد إصابة الشخص من عدمها، فإن نسبة الخطأ فيه تتجاوز 0.1 بالألف، الأمر نفسه يتعلق بالأشخاص الذين تلقوا حتى جرعتين من اللقاح. وبجمع الاستثنائيين، فإن ثمة إمكانية بسيطة لعودة الفايروس إلى الصين، حيث يغادرها ويزورها عشرات الملايين من المسافرين خلال العام".
وكانت الصين البؤرة التي شهدت اندلاع وباء كورونا في أواخر عام 2019، إلا أن السلطات الصينية أعلنت أن مجموع الضحايا في البلاد لم يتجاوز 5000 شخص، قبل محاصرة الفيروس تماما بعد أشهر من اكتشافه، بالرغم من التشكيك بالأرقام الرسمية التي كانت تعلنها السلطات".
وإتماما للإجراءات المتخذة، أعلنت السلطات الصينية البدء بمنح جرعات من اللقاح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 إلى 11 عاما، وهي فعليا منحت 3.53 مليون جرعة طوال الأيام الخمسة الماضية.
وقال الخبير الطبي في اللقاحات، المشرف على واحدة من أهم مراكز المتابعة في مدينة شنهغاي الصينية، تاو لينا، في مقابلة نشرتها صحيفة "غلوبال تايمز"، الأحد: "إن الأطفال يمكن أن يصبحوا مصادر عدوى في المنازل، وتطعيمهم يمكن أن يمنعهم من حمل الفيروس والتسبب بإصابات عنقودية جديدة، مما يدل على أهمية تلقيح الأطفال".
https://telegram.me/buratha