تواجه فرنسا موجة حرّ غير مسبوقة منذ بداية يونيو حزيران تسببت في أسوأ جفاف مرّ على البلاد منذ 65 عاما، حيث أدت ندرة هطول الأمطار إلى تراجع كميات المياه في الأنهار، حيث أصبح نهر “سافوريوز” بلا مياه لأول مرة منذ عقود.
فقد سجّل نهر لوار، وهو أطول نهر يمتد على كامل الأراضي الفرنسية، لأول مرة مستوى انخفاض كبير للمياه أثّر على معظم المحاصيل الزراعية القريبة التي ترتوي منه والتي بات الري في اتجاهها محظورا، فضلا عن أن الأسماك هناك تضررت أيضاً فلم تعد تظهر فيه سوى الأنواع الصغيرة التي تتحمل الحرارة.
أما بالنسبة للمحطات النووية الأربع التي تحد نهر لوار فما زالت تعمل حاليا لكنها مهددة بتخفيض إنتاجها.
وفي مشهد آخر أشد قساوة، تعاني أكثر من 100 بلدة فرنسية من انقطاع في مياه الشرب ما دفع الحكومة إلى تشكيل فريق خاص لمعالجة الأزمة وقد شرعت في تهيئة شاحنات لنقل المياه إلى تلك المناطق.
ولدرء مخاطر نفاد المياه في المناطق الأكثر عرضة للحرارة، حُظر الريّ في معظم أنحاء شمال غرب وجنوب شرق فرنسا.
أزمة حقيقية
كذلك، المحاصيل الزراعية تواجه أيضا أزمة حقيقية، فبحسب وزارة الزراعة من المتوقع أن يكون حصاد الذرة في فرنسا والمستخدم بشكل رئيسي في الأعلاف الحيوانية، أقل بنسبة 18.5٪ هذا العام مقارنة بعام 2021 بسبب موجة الحرّ ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تعتمد اعتمادا أساسيا عليه.
هذا الصيف كان صعبا على مربي المواشي في جبال الألب إذ اضطروا إلى النزول إلى الوديان بالشاحنات كل يوم لجمع المياه لحيواناتهم، ما زاد عليهم أعباء تكلفة الوقود. من ناحية أخرى، لم ينجُ حتى الجبن الفرنسي الشهير عالميا من هذه الموجة القاسية فلقد أُجبرت باريس على إيقاف إنتاج جبنة “الساليرز” التي يعود عمرها إلى ألفي سنة بسبب نقص الأعشاب في منطقة أوفيرني الوسطى.
حالة تأهب قصوى
وللحدّ من مخاطر الجفاف، بدأت الإدارات المحلية الفرنسية في المناطق التي وضعت في حالة تأهب بتطبيق إجراءات صارمة حيث أصبح يتوجب على المزارعين تخفيض استهلاكهم للمياه بنسبة تصل إلى 50٪ ، بينما لم يعد بإمكان الأفراد في هذه المناطق غسل سياراتهم أو ري حدائقهم في أوقات معينة.
أما في المناطق التي رُفعت فيها حالة التأهب القصوى، فإن عمليات سحب المياه الجوفية التي يقوم بها المزارعون بهدف الري أصبحت محظورة تمامًا ، وكذلك جميع عمليات السحب التي تعتبر غير ذات أولوية. عدا عن ذلك يُسمح بسحب المياه في مجالات الصحة والأمن المدني أو لمياه الشرب والصرف الصحي.
https://telegram.me/buratha