أشارت وكالة "أكسيوس" إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهو المحرك الرئيسي للدورات الاقتصادية الأمريكية، قد تراجع، تاركا الساحة لسياسات إدارة ترامب التي تفتقر إلى الوضوح، إذ أكدت الوكالة أن ذلك جاء واضحا في بيانات البنك المركزي يوم الأربعاء، والتي أظهرت أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يفتقرون إلى رؤية واضحة حول كيفية تأثير التغييرات الأخيرة في السياسات الحكومية على الاقتصاد.
كما أظهرت البيانات أن "الاحتياطي الفيدرالي ما زال يتوقع خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، كما كان متوقعا في ديسمبر الماضي، لكن مع تراجع الثقة في هذا المسار".
وأقر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعدم اليقين الذي يحيط بتوقعات البنك المركزي، قائلا: "عندما يتعلق الأمر بتغيير شيء ما في هذه البيئة شديدة عدم اليقين، أعتقد أن هناك مستوى من الجمود يجعلك تقول ببساطة: ربما سأبقى حيث أنا".
وأضاف باول: "لا أعرف من لديه ثقة كبيرة في توقعاته"، مما يعكس التحديات التي يواجهها البنك المركزي في ظل التغيرات الكبيرة التي تفرضها سياسات إدارة ترامب، بما في ذلك السياسة التجارية، وتخفيضات الإنفاق، وتقييد الهجرة، وإلغاء القيود التنظيمية.
وأوضحت "أكسيوس" أنه في السنوات الأخيرة، كان السؤال الاقتصادي الرئيسي يدور حول ما إذا كانت زيادات أسعار الفائدة التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي ستنجح في خفض التضخم، وما هي التكاليف الجانبية التي ستترتب على ذلك. لكن الآن، تحولت المحركات الأساسية للاقتصاد إلى السياسات الحكومية، والتي يصعب على الاحتياطي الفيدرالي التنبؤ بتأثيراتها.
وتُعتبر الحروب التجارية وعمليات الترحيل التي تنفذها إدارة ترامب بمثابة صدمات سلبية في العرض، وهي عوامل لا يمكن للبنك المركزي مواجهتها بسياسة أسعار الفائدة التقليدية، حيث إنها تؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم في نفس الوقت.
وكشفت توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، التي تُنشر كل ثلاثة أشهر، عن لمحة من الركود التضخمي. حيث خفض البنك المركزي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 1.7%، مقارنةً بتوقعات ديسمبر البالغة 2.1%.
كما توقع ارتفاع معدل البطالة بمقدار 0.4 نقطة مئوية بحلول نهاية العام، مع ارتفاع التضخم إلى 2.7%، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 2.5%.
وعلق باول على هذه التوقعات قائلا: "تشير التوقعات إلى نمو متواضع وتضخم أعلى بكثير، مما يستدعي استجابات مختلفة، أليس كذلك؟ لذا فهما يلغيان بعضهما البعض. وقال الناس ببساطة: 'حسنا، سأبقى هنا'".
وفي ظل هذه الظروف، يواجه الاحتياطي الفيدرالي تحديا كبيرا في تحديد مسار السياسة النقدية. فبينما كان البنك المركزي أول مستجيب خلال الأزمة المالية عام 2008، يبدو الآن عاجزا عن التكيف مع التغيرات التي تفرضها السياسات الحكومية.
وسأل باول الصحفيين بشكل استفزازي: "ماذا ستكتبون؟"، مشيرا إلى صعوبة التنبؤ بالمسار الاقتصادي في ظل هذه الظروف. وأضاف: "أعني، من الصعب حقًا معرفة كيف ستسير الأمور".
وفيما يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي، الذي كان لسنوات طويلة القوة الدافعة للاقتصاد الأمريكي، أصبح الآن في موقف دفاعي، في انتظار رؤية أكثر وضوحا حول تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد قبل اتخاذ أي خطوات جذرية.
https://telegram.me/buratha
