محمد كسرواني
تصوير : موسى الحسيني
بين الإنفتاح على كافة أطياف المجتمع الأوروبي وبين درء الفكر التكفيري يقف "مجلس علماء الشيعة في اوروبا" امام مسؤوليات صعبة. ففي حين على المجلس أن يتداخل ويتعاون مع المجتمع الاوروبي ومؤسساته وجمعياته يقع على عاتقه ايضاً أن يؤكد للغربيين أن أفعال التكفيريين والمتطرفين، المنسوبة زوراً الى الإسلام، حالة شاذة.
لا يقتصر دور "مجلس علماء الشيعة في اوروبا" على المسلمين فحسب، بل نشاطه يطال كافة أطياف المجتمع الأوروبي من الغير المسلمين وحتى الغير كتابيين". بهذه العبارة يلخص الأمين العام للمجلس السيد علي رضا رضوي، الدور الذي يلعبه المجلس في الدول الاوروبية.
فالمجلس الذي يعد من أكبر المنظمات الشيعية في أوروبا (والذي يضم أكثر من 26 مركزاً على أراضيها و70 حسينية ومسجداً في بريطانيا وحدها)، يتشارك في الكثير من نشاطاته مع جميع المنظمات الإسلامية والمدنية. فالنشاطات المشتركة لا تقتصر على تلك التي تكفلها الدولة والتي يمثل فيها المجلس جزءاً من المسلمين، بل تتعداها الى حوارات ومشاورات ولقاءات مع الجمعيات المسيحية والسيخية والهندوسية وغيرها.
المجلس الذي حاز منذ 3 سنوات على ترخيص رسمي من المملكة المتحدة، يضم أيضاً فروعاً للشباب تحت أسم "امامية شباب" وفروعاً للنساء "إمامية نساء"، ويشارك الإعلام البريطاني في مجلة شهرية وعبر موقع إخباري. السيد رضوي يؤكد، في مقابلة خاصة مع موقع "العهد " الإخباري أن المجلس اراد لنفسه أن ينفتح على كل اوروبا فأخذ مبادرات عدة في الذهاب الى مجلس النواب ومجلس الشيوخ البريطاني ونقل الى السياسيين وجهة نظر المجلس في الكثير من القضايا خصوصاً الشرق اوسطية. ويلفت إلى أن المجلس بصدد المشاركة في اتحاد جديد لكافة المنظمات والفرق الإسلامية في اوروبا تحت اسم "مسلمة لينز - muslim lines (إتحاد المسلمين في اوروبا)".
وفي حين يؤكد السيد رضوي أن تطلعات المجلس استراتيجية وتهدف الى إظهار الدين الإسلامي الأصيل في أوروبا والعالم، يبدي سماحته تخوفاً من الصورة السلبية التي يعكسها بعض المتطرفين عن حقيقة صورة الدين.
ويقول في هذا الاطار: التكفيريون الذين يتواجدون في الأعم الأغلب اليوم في سوريا وبلاد الشرق الأوسط ينقلون صورة بشعة عن الدين الإسلامي الى العالم، ونحن نرى من موقعنا أنه من الضروري إظهار الصورة الحقيقية للدين وما هؤلاء سوى حالة شاذة.
وللتصدي لهذه الحالة الشاذة، يشدد السيد رضوي على أن المجلس سيّر في هذا المجال الكثير من المناظرات والبيانات والكتابات لإظهار حقيقة التكفيريين. كما أن المجلس قد ساهم في العديد من التظاهرات التي رفضت أن ينسب للدين الأصيل افعال هؤلاء التكفيريين. ولا يخفي السيد أن البريطانيين انفسهم يشعرون بالقلق والخوف من المتشددين الذي غادروا المملكة للذهاب الى سوريا والقتال ضد الجيش العربي السوري.
السيد رضوي يكشف لـ"العهد"، أن أكثر من 2000 أوروبي وأميركي تركوا بلادهم وتوجهوا الى سوريا لدعم الجماعات التكفيرية، وأن أكثر من 300 بريطاني عادوا الى المملكة من سوريا، ما استعدى الدولة لتوقيفهم والتحقيق معهم، وهذا ما يشير خوفاً عند الأوروبيين.
ويلفت إلى أن موقف المجلس مما يجري في الدول العربية هو صحوة إسلامية ونظرةٌ من الشعوب في التطلع نحو الديموقراطية ومناهضة الإستكبار وفساد الحكام. ويرى أن ما حدث في تونس وليبيا ومصر وما يجري اليوم في البحرين، هو ثورة ضد الفساد ورغبة شعبية في التغيير.
أما في سوريا فللمجلس رأي آخر. يقول سماحته "المعارضون السوريون كانوا في البداية يحملون مطالباً محقة، وهذا ما قابله النظام بالقبول والرغبة بالإصلاح لكن ما يجري الآن ليس ثورة بل هو أزمة وإنقلاب يقودها متشددون من الخارج"، ويسأل مستغرباً "كيف لثورة أن يكون أكثر ثائريها من غير السوريين، وبل وأنهم عناصر من "القاعدة" كـ "جبهة النصرة" و "داعش"، هؤلاء ليسوا ثواراً بل مرتزقة".
السيد رضوي يقارب ما يجري في سوريا بما يحصل في أوكرانيا على انه زعزعة أميركية للبلاد تدعم المشروع الممانع في المنطقة. ويوضح أن هناك قراراً بضرب سوريا عقاباً لها على وقوفها الى جانب المقاومة وهو ما ينسحب على روسيا التي ساندت دمشق فتمت المؤامرة على اوكرانيا.
الأمين العام لمجلس علماء الشيعة في اوروبا، المتفقّه في غير علوم الدين على إطلاع أيضاً بعلم الإقتصاد والمال. يشير إلى أنه منذ 7 سنوات تتعرض الدول الأوروبية وأميركا الى مشاكل عصيبة، تدفع بإقتصادها نحو الهاوية. ويوضح أن أكبر الدول الأوروبية إقتصاداً بدأت تعاني من أزمات قاهرة، وتتحمل أعباء الدول الفقيرة، وهذا ما دفع بعضها مؤخراً الى الإعلان أنها غير قادرة على دعم أي دولة أوروبية ينهار اقتصادها، اسوةً بما جرى في اليونان مؤخراً.
ويتحدث السيد رضوي عن الإقتصاد الإسباني والإيطالي، برأيه هذا الاقتصاد الذي يحظى بمرتبة مهمة في أوروبا يعاني من مشاكل وعجز كبيرين، ويتوقع أن تحل هذه الازمة الإقتصادية في روما ضيفاً ثقيلاً على أكتاف الإتحاد الاوروبي.
رئيس مجلس علماء الشيعة في اوروبا السيد علي رضا رضويويرى السيد رضوي أن القوة الإقتصادية العالمية اليوم بدأت تتدحرج تدريجياً من العالم الغربي في اميركا شرقاً الى الصين. فيشير الى أن 70% من الإنتاج الصيني يغزو الدول الاوروبية الأميركية، وهذا ما يشكل نبض الإستهلاك الأميركي.
هذا الواقع الإقتصادي القوي الذي تفرضه الصين على العالم، وفق السيد رضوي، ينعكس على دورها السياسي في المنطقة. وهذا ما دفعها الى إتخاذ قرار "الفيتو" مرتين خلال 6 أشهر فيما يتعلق بالأزمة في سوريا، علماً انها نادراً ما استخدمت "الفيتو" منذ تأسيس مجلس الأمن.
وعن الإقتصاد الخليجي، يعتبر السيد رضوي أنه سيكون عرضه للإنهيار قريباً خصوصاً مع إحتمال نفاذ النفط الخليجي أو غلاء سعره، بعد كثرة الحديث عن سهولة استخراج النفط الحجيري في أميركا. ويرى أن هذا الإقتصاد سيتأذى كثيراً إذا ما بحث عن صناعات بديلة، كما تقوم تركيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
أما الإقتصاد الإيراني، فمن وجهة نظر رئيس تجمع علماء الشيعة في أوروبا، والمطلع في الشأن الإقتصادي، يرى أنه يذهب نحو المزيد من التقدم خصوصاً في ظل انهاء الحصار الإقتصادي الغربي المفروض عليها. ويشير الى أن ايران تصنف اليوم بالرغم من كل العقوبات على لائحة الدول الـ 25 الأقوى عالمياً من الناحية الإقتصادية.
16/5/1403021
https://telegram.me/buratha