جميل ظاهري
كما أن فاطمة الزهراء (ع) أكملت احتجاجها بعد موتها عندما أوصت بعلها الامام علي (ع) أن يدفنها ليلاً وأن لا يحضر جنازتها الذين ظلموها حقها واضطهدوها؛ وأرادت بذلك أن تعبّر عن معارضتها واحتجاجها وغضبها حتى بعد الموت، كما عبّرت عن ذلك قبل استشهادها، ليتساءل الناس: لماذا أوصت أن تُدفن ليلاً؟ وما هي القضية؟ هذا أمر لم يسبق له مثيل في الواقع الاسلامي؛ حيث الجميع كانوا ينتظرون المشاركة في تشييع الجثمان الطاهرة لخير نساء الأولين والآخرين الزهراء المرضية(ع)، ولكنّها دُفنت ليلاً وقيل لهم: إنها أوصت بذلك، وبدأ التساؤل بين المسلمين: لماذا ولماذا؟! وكانت (ع) تريد أن تثير التساؤل حتى يتحرك الجواب، وحتى يعرف الناس حقيقة مشروعها السياسي الاسلامي الرافض للتزييف والتزوير والاستعباد والاستحمار والظلم والعدوان والعودة للجاهلية والقبلية .
وقبل التحاقها بالباري عزوجل أراد الخليفتان الأول والثاني اللذان اضطهداها أن يأتيا الى بيتها تحت تأثير الضغط الاجتماعي، ليطلبا من علي (ع) أن تستقبلهما حتى يسترضياها، فقالت لهما: "أنشدكما بالله، هل سمعتما النبي (ص) يقول: فاطمة بضعة مني وأنا منها، مَن آذاها فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومَن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي. قالا: اللهم نعم، فقالت: الحمد لله. ثم قالت: اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا مَن حضرني، أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي..."(صحيح البخاري).
ما نشاهده اليوم من الصراع بين الحق والباطل وبين الظلم والعدالة وبين الطاغية والمظلوم والتحريف والحقيقة والتزوير والواقع والجاهلية والمدنية والقبلية والأخوة هنا وهناك بدءاً من العراق وحتى البحرين ومروراً باليمن ولبنان وسورا ومصر وليبيا وفلسطين المحتلة هو من دروس مدرسة الرفض والاباء لسيدة النساء وخيرهن فاطمة الزهراء (ع). تلك المرأة التي تعد أنموذجاً للمرأة الرسالية العالمة والمربية الصالحة لم ولن نجد ما يقابلها من النساء ولن تتكرر ظاهرة أم أبيها الزهراء البتول (ع)، ولكن يبقى الاشعاع الذي انطلق قبسه من بيت النبوة ضياءاً وهاجاً للبشرية جمعاء على طول التاريخ .
وختاماً.. "لقد عاشت فاطمة الزهراء عليها السلام حياتها من اجل الاسلام فكان دفاعها عن حق آل البيت (ع) في الخلافة وحقها في الارث ليس من منطلق شخصي وهي تعرف أنها أول من يلحق برسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولكن صراعها جرى برمته من اجل الاسلام والطريق القويم والالتزام بما جاء بكتاب الله المجيد فمثلما بدأت حياتها بالإسلام ختمته بالاسلام، تاركة لنا أثرا يبقى بقاء الأرض ومن يرثها متمثلاٌ بأئمة الهدى وسنة أبيها (ص) وعطائها المتمثل بخطبتها الشريفة المعروفة بالخطبة الفدكية" - (الملل والنحل للشهرستاني).
https://telegram.me/buratha