حظيت زيارة الاربعين في الواقع الشيعي باهتمام منقطع النظير منذ الايام الاولى لنشوء مثل هذا العمل بعد معركة كربلاء , وقد كانت على مر الاجيال ملحمة انسانية وليست زيارة عادية . وقد بدات الانظار تتجه نحو منع الناس من القيام بهذه الزيارة منذ ظهورها الاول على شكل مبسط الا ان الامر لم يتم بالمطلق للمانعين ابدا حتى صار امرها عصيا بدرجة تقرب من المستحيل .
ومثل حجم المشاركة الواسعة في هذه الزيارة امرا مفزعا لكل الظالمين وبالخصوص حكام العراق لانهم اول الناظرين لمن يشارك في هذه الزيارة .
وقد حاول عدد من الحكام الظلمة التقليل من حجم المشاركين بكل وسيلة حتى الحديد والنار ولم يفلحوا في ذلك ابدا حتى صارت هذه الزيارة من اكثر الزيارات المؤثرة على اوضاع الحكام الظالمين . ومن المعروف معاداة البعثيين لهذه الزيارة وغيرها من الزيارات الا ان هذه الزيارة كانت الاكثر منعا لانها تتم مشيا على الاقدام وباعداد كبيرة جدا وبعد موسم حزن محرم ولهذا كان الاهتام بمنعها اكثر مطلوبية من قبل الحكام الظلمة ...
وسقط على مدى الاعوام الثلاثين الماضية مئات الضحايا في طريق كربلاء بسبب المشاركة في هذه الزيارة العظيمة وكان الاهتمام شديدا بالمشيء الى كربلاء بدل الذهاب في سيارة رغم بعد المسافة بين المدينتين (النجف وكربلاء).وارتبط ايضا اسم هذه الزيارة ببعض التحركات السياسية في العراق في زمن السبعينات في اوجه الصراع الدامي مع السلطة البعثية . ومن المعلوم ان هذه الزيارة يشارك فيها الملايين من دون وجود منسق او منظم لهذه الاعداد الغفيرة من الناس لكن العدد لم يقف عند حد معين وهو في حالة ازدياد مستمرة .
وكانت المشاركة في هذه الزيارة تقتصر على ابناء البلد من العراقيين او المقيمين في النجف من غير العراقيين وبقي الحال هكذا حتى سقوط النظام البعثي فدخل عدد من الزوار القادمين من الخارج في عداد المشاركين فيها ولكن بقي الامر بشكل محدود حتى ظهر الفضائيت التي تنقل مراسيم هذه الزيارة مباشرة وهي الحالة التي اصبحت عليها الاوضاع في العراق في السنوات الخمس الاخيرة .
وكان هذا التطور في النقل دافعا كبيرا لبقية الشيعة ومن كل البلاد الاسلامية للمشاركة في هذه الزيارة وقد بدا الامر بافراد معدودين وصار الان العدد يتجاوز عشرات الالاف .
ومن الطبيعي ان يكون البلد الاقرب للعراق هو الاقدر على المشاركة بحجم اكبر الا وهو ايران والايرانييون قد شاهدوا خلال سنوات فتح الحدود لهم في زمن النظام وكذلك بعد سقوطه الاعداد الغفيرة جدا من المشاركين في هذه المظاهرة المليونية .
وخلال السنتين الاخيرتين انتشرت ظاهرة المشاركة من قبل الزوار في زيارة الاربعين بشكل كبير وكان الحجم الاكبر للزوار الايرانيين خصوصا الزوار الذين ينحدرون من اصول قريبة من المدن العراقية كالبصرة وميسان وذي قار وهم سكان مدن الاهواز والمناطق القريبة منها وذلك لتشابه طبيعة المدن المذكورة مع طبيعة المدن العراقية المشاركة بشكل اكبر وهي المدن الثلاث المذكورة ...
وكان الكرم والضيافة التي تبذل خلال هذه الزيارة مدعاة فخر واعتزاز من قبل الشيعة في بقية البلدان وقد اشاد العديد من مراجع التقليد بالشعب العراقي المؤمن من جهة تقديمه الغالي والنفيس في طريق كربلاء وعلى مدى السنوات التي مرت وصارت الان اماكن البذل والعطاء في طريق الزوار محلات للتضحية من اجل الزوار القادمين من الخارج والداخل ويشارك في هذا العمل جميع صنوف المجتمع العراقي دون تمييز ومن المتوقع ان تزداد ظاهرة المشاركة المذكورة لتكون حالة ثابتة في السنوات القادمة لتشمل الزوار الاخرين من بقية البلدان والذين يشاركون ولكن بنسبة اقل وهذا هو ما يتوقع لهذه الزيارة في السنوات القريبة القادمة..
https://telegram.me/buratha