لا غرابة في أن يكون سعر المتر الواحد بالقرب من “مقبرة البقيع” يصل إلى نحو نصف مليون ريال، وذلك لأهمية المكان الدينية والتاريخية، فأموات تلك المقبرة هم الجيل الأول من صدر الإسلام، صحابة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، فالقرب منها يعتبر أمنية للدفن فيها لكثير من المسلمين ومجاورة الصحابة، والخروج يوم البعث من القبور مع أكثر من عشرة آلاف صحابي إلى أرض المحشر.
وأفاد موقع “الحياة” ان “مقبرة البقيع” أو كما يطلق عليها البعض «جنة البقيع»، هي الأرض التي أمر الله رسوله محمداً (صلى الله عليه وآله) أن يجعلها مقبرة للمسلمين في المدينة عند هجرته إليها، لتكون مطلباً ووصايا للأحياء عند موتهم، ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي الشريف حالياً.
تقع المقبرة في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد النبوي، وقد ضمت إليها أراض مجاورة وبني حولها سور جديد مرتفع مكسو بالرخام، تبلغ مساحة المقبرة أكثر من 180 ألف متر مربع، وتحظى باهتمام بالغ وكبير من لدن الحكومة السعودية، وذلك لما لها من قيمة كبيرة لدى المسلمين، وتاريخ عريق مرتبط بالنبي الكريم.
يقول المؤرخ الدكتور تنيضب الفايدي إن أصل البقيع في اللغة هو كل مكان فيه (أُرُومُ الشجر) من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العوسج، مبيناً أن بقيع الغرقد من أهم المعالم المهمة والمأثورة منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى الآن، إذ يحتضن الصحابة والتابعين، وأول من قبر هناك من المهاجرين عثمان بن مظعون (ره).
ويوضح الفايدي لـ «الحياة» أن بقيع الغرقد لم تكن المقبرة الوحيدة في المدينة المنورة قبل الإسلام، بل كانت هناك عدة مقابر متفرقة في المدينة وما حولها، ولم يكن البقيع ذا شأن عن غيره، حتى اتخذه الرسول (صلى الله عليه وآله) مقبرة للمسلمين، مفيداً بأن الأحاديث النبوية بينت أن اختيار موقعه جاء من عند الله لرسوله الكريم.
ويضيف: «اختيار موقع مقبرة البقيع كان من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله)، ففي الحديث النبوي عن طريق أبي رافع عنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرتاد لأصحابه مقبرة يدفنون فيها الأموات، وطلب نواحي المدينة وأطرافها، وقال: (أمرت بهذا الموضع) يعني البقيع، فكان أمر الله عز وجل لرسوله (صلى الله عليه وآله) باتخاذ البقيع مقبرة للمسلمين أكبر فضل له وقد تعهدها الرسول الكريم بالزيارة».
ويبين أن زيارة مقبرة البقيع يتعاهد عليها المسلمون في كل عام وموسم لزيارة المدينة المنورة، يأتون إليها ويدعون لأهلها، فمن الصحابة والصحابيات الذين عرف مواقع دفنهم فيها مثل: قبور بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته، وزوجاته، وعماته رضي الله عنهن جميعاً، مضيفاً: «وردت أحاديث كثيرة صحيحة في فضل من دفن في بقيع الغرقد، إذ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، (من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها) أي البقيع».
عقاري: متر الأرض القريبة من «البقيع» و«الحرم النبوي» الأغلى عالمياً
اعتبر المثمن العقاري أحد أعضاء اللجان التثمينية بغرفة تجارة منطقة المدينة المنورة جمال فرغل أن ارتفاع أسعار العقار ومتر الأرض بالقرب من مقبرة البقيع أمر طبيعي، مبيناً أن أسعار المتر تتراوح ما بين 400 و500 ألف ريال، والتي تعد الأغلى في العالم.
وأوضح لـ «الحياة» أن ارتفاع أسعار العقار ومتر الأراضي لا غرابة فيه، وذلك بسبب الإرث التاريخي والديني للمسلمين في العالم، واحتواء المقبرة على قبور الصحابة والتابعين، إضافة إلى ورود الأحاديث النبوية التي تؤكد فضل الدفن في مقبرة البقيع، وهذا يدل على مكانة المقبرة واهتمام المسلمين بها
18/5/150107
https://telegram.me/buratha