أکد المؤتمر الدولي الثامن والعشرون للوحدة الاسلامية في بيانه الاختتامي الذي صدر ليل الجمعة علي حرمة الدم المسلم الذي نطق بالشهادتين وان التقريب بين المذاهب الاسلامية هو السبيل الوحيد لتحقيق وحدة الامة الاسلامية ، وان الاختلاف
السياسي لا يجوز ان يستغل الخلاف العقائدي والفقهي والتاريخي بين المذاهب داعيا الي تعميم منطق الحوار بين المسلمين علي الاسس الشرعية.
وفي ختام جلساته أصدر المؤتمر التوصيات التالية:
أولاً: يؤکد المؤتمرون انطلاقا من مسلمات القرآن الکريم والسنة النبوية الشريفة أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودليلُه الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، کما يرون أن التقريب بين المذاهب الإسلامية سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتي المجالات، وأن المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأرکان الإسلام وأصول الإيمان ، ولا تنکر معلوماً من الدين بالضرورة، يؤلف المنتمون اليها بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وتتکافأ دماؤهم ويسعي بذمتهم أدناهم وهم يد علي من سواهم، ويتعاونون لتحقيق الأهداف الإسلامية السامية، وأن الاختلاف السياسي لايجوز أن يستغل الاختلافات العقدية أو التاريخية أو الفقهية، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية لاتخدم إلا أعداء الأمة، وتحقق خططهم الماکرة ضدها، وتکرس احتلالهم البغيض لأرضها مما ينبغي معه مقاومتها بالوسائل کافة.
ثانياً: يدين المؤتمرون کل أشکال الاعتداء الصهيوني علي شعبنا الصابر والمثابر والمرابط في فلسطين وخصوصاً ما يجري من محاولة هدم للمسجد الاقصي ومنازل ٍ الفلسطينيين في مدينة القدس وتهويدها، بالتغيير الديموغرافي في أرض فلسطين ومحاصرة هذا الشعب الأبي في غزة، کما يحيون جهاد الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الباسلة ويدعمون جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيدها ويؤکدون من جديد علي ضرورة تنفيذ الحقوق الفلسطينية المشروعة وأهمها حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على کافة الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحقهم في العودة إلي ديارهم، کما يؤکدون علي ما دعا اليه الامام القائد الخامنئي«حفظه الله» من ضرورة تسليح شعبنا في الضفة الغربية ليدعم قضية المقاومة ويطالبون المجتمع الدولي بمحاکمة المجرمين الصهاينة ومعاقبتهم علي ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ثالثاً: يعلن المؤتمرون أن المقاومة حق مشروع للشعوب، ويستنکرون کل انواع الارهاب المدان إسلامياً وعالمياً، سواء کان فردياً أو جماعياً أو ما قد تمارسه بعض الدول الکبري تحت غطاء العولمة ودمقرطة البلاد، ويعلنون دعمهم للمقاومة الاسلامية في فلسطين ولبنان.
رابعاً: تحقيقاً للوحدة بين أهل القبلة، والتقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، يدعو المؤتمرون إلي وجوب احترام المسلمين لبعضهم البعض، وإلي ترک البحث في الأمور الخلافية للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمية، وعدم الإساءة والتشهير بأحد. کما يؤکد المؤتمرون علي عدم جواز توجيه ما يُعدّ انتقاصاً أو إهانة لما يحترمه أي طرف، ويشمل هذا بوجه خاص عدم جواز انتقاص آل البيت الطاهرين أو أمهات المؤمنين أو الصحابة الکرام أو أئمة المسلمين، بالنيل منهم، أو التعرض لهم بأي نوع من أنواع الإساءة القولية أو الفعلية، وعدم جواز استباحة المساجد و دور العبادة وکذلك الحسينيات والزوايا والمراقد. وفي هذا السياق يثمن المؤتمرون الفتوي التاريخية التي اصدرها سماحة الامام الخامنئي قائد الثورة الاسلامية بخصوص تحريم النيل من رموز المذاهب الاسلامية والإساءة لأمهات المؤمنين، والتي لاقت الترحيب الواسع من لدن کبار علماء الأمة والأوساط الدينية والأزهر الشريف.
خامساً: يؤکد المؤتمرون أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات کبري تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود وتتعرض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، بل وتاريخياً. کما تسعي لإبقائها متخلفة علي الصعد الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والعسکرية وغيرها.
وتخطط لإبعادها عن إسلامها والتشکيك في قدرته علي مواجهة المشاکل الحياتية المستحدثة، وإشاعة السلوکيات المادية المنحرفة عما رسمته الشريعة، وزرع حالة التقليد والتبعية للغرب والانبهار به.
وإشغالها بالحروب الطائفية والعرقية وإبعادها عن مسارها المقاوم وهذا ما نشاهده فيما تقوم به المجموعات التکفيرية المسلحة في نقاط مختلفة من العالم الاسلامي وکذلك عبر إضعاف التربية والتعليم الإسلاميين والتشکيك في قدرتهما علي النهوض بالأمة،
واختراق الإعلام الإسلامي بإشاعة روح الهزيمة والإذعان والانحلال الخلقي لئلا يقوم بدوره المطلوب في وأد الفتن والتوعية وبناء الشخصية الاسلامية المتوازنة.
سادساً: يري المؤتمرون أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصيلية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية في المجالات التالية:
أ- رفع مستوي الوعي لدي المسلمين في مختلف المجالات وبخاصة في مجال فهم الإسلام وتعاليمه وأهدافه وفهم الواقع القائم علي مختلف الأصعدة.
ب – مطالبة الدول الاسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية في کل مجالات الحياة.
ج – تفعيل العملية التعليمية والتربوية الشاملة لمختلف قطاعات الأمة وفق تعاليم الإسلام.
د– الاستفادة الأنجع من الإمکانات السياسية والاقتصادية والجغرافية، والطاقات العلمية للأمة وتعبئتها لتحقيق الأهداف الکبري ومقاومة التحديات.
هـ- مساعدة الأقليات الإسلامية في أنحاء العالم علي الاحتفاظ بهويتها وأداء شعائر دينها وتفعيل دورها في المجتمع، مع مراعاة حقوق غير المسلمين في المجتمع الاسلامي.
و ـ تربية الجيل الاسلامي علي ثقافة المقاومة والعزة وتشکيل بناء مستقبلي أفضل مع التأکيد علي الدور الايجابي للنساء والشباب وسائر فئات المجتمع.
سابعاً: يدعو المؤتمرون إلي الابداع في مجال الفکر المؤدي إلى التقريب من خلال ما يلي:
1 – تعميق المنهج الوسطي في فهم الشريعة النابع من الکتاب والسنة الشريفة .
2- مراعاة فقه الأولويات، ومعرفة المآلات، ومراعاة الظروف المتغيرة عند اتخاذ المواقف الشرعية.
3- مراعاة مقاصد الشريعة الثابتة، وخصائص الإسلام العامة.
4- إحياء علم المقارنات و علم الخلاف.
5- الاهتمام بالتعمق في فکر التقريب في مختلف البحوث والدراسات ولاسيما الفقهية منها.
ثامناً: وعلي الصعيد العملي يقترح المؤتمرون مايلي:
1 - تعميم منطق الحوار بين المسلمين علي الأسس الشرعية.
2- تقوية نشاطات لجنة المساعي الحميدة ولجانها الفرعية لتحقيق حالة التصالح بين المسلمين وحل أزماتهم. والقيام بدور الوساطة بين الحکومات والشعوب والفئات لتقريب وجهات النظر والوصول الي حل اسلامي للمشکلة في سوريا والبحرين والعراق وميانمار
وسائر مناطق النزاع والخلاف.
3- تشجيع الدراسات التقريبية في الجامعات عبر فتح الأقسام الجامعية في هذا التخصص وتشجيع الرسائل العلمية وتقوية التبادل التخصصي .
4- ضبط عملية الفتوي وفق الضوابط التي أقرتها المجامع والمصادر الفقهية.
5- تشکيل لجنة من القانونيين تتبني متابعة حقوق متضرري التطرف والتکفير والارهاب.
6- تشکيل لجنة من المفکرين تقوم بإعداد برامج و خطط لضمان سلامة الاسرة المسلمة والدفاع عن حقوقها وخاصة حقوق المرأة والطفل وفقاً للقيم الانسانية والشريعة المحمدية.
تاسعاً: يعلن المؤتمرون أن الدعوة إلي التقريب لاتعني التعصب المذهبي ولاتسعي الي نشر مذهب بين أتباع مذهب آخر وأن ما تروجه بعض الجهات من محاولات تشييع اهل السنة او تسنين الشيعة لايقصد منه إلا إثارة الفتن بين المسلمين وتوسيع دائرة الخلاف بين صفوف الأمة.
عاشراً: يدعو المؤتمر العالم الاسلامي وشعوب المنطقة لتوحيد صفوفها في مواجهة حرکات التطرف والتکفير ودعم المقاومة الجماهيرية في العراق وسوريا حتي استتباب الامن والاستقرار في هذين البلدين.
حادي عشر: يدعو المؤتمرون الي تضافر الجهود من اجل اغاثة المهجرين والمتضررين من عصابات التطرف والتکفير في مختلف مناطق العالم الاسلامي خاصة العراق وسورية.
ثاني عشر: يدعو المؤتمرون الأخوات المسلمات ممن يتمتعن بالقدرة العلمية الي المساهمة بأبحاثهن وآرائهن في انجاح الدعوة الي التقريب وأن يکون لهن دورٌ اکثر فاعلية في مؤتمرات الوحدة الاسلامية ونشر الوعي التقريبي بين المجتمعات الاسلامية.
ثالث عشر: يري المؤتمرون أن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية قام – خلال مسيرته التي دامت حوالي ثلاثين عاماً – بأدوار مهمة لتحقيق ما مرّ في المواد السابقة بشتي الوسائل المتاحة. والمؤمل رفع بعض المعوّقات والنواقص التي تحول دون التسريع في تحقيق الاهداف المنشودة.
رابع عشر: يدعو المؤتمر المجلس الأعلي والأمانة العامة للمجمع لدراسة تقييمات اللجان و توصياتها، وکذلک دراسة مقترحات اللجان الدائمة للجمعية العمومية، والاتحاد العالمي لعلماء المقاومة.
خامس عشر: يؤکد المؤتمرون علي أن القرآن الکريم والسنة النبوية الشريفة حققا للأمة الاسلامية أجواءً انسانية حضارية رائعة، وأشاعا العقلانية وروح الحوار البناء، وحرية الاجتهاد بضوابطه الشرعية، وغرسا روح الأخوة والوحدة بعد أن وضحا خصائص الأمة الاسلامية ورسالتها السامية إلي العالم کله ومن ثم کان تعدد المذاهب حالة طبيعية لها أثرها الإيجابي في تنوع الحلول للمشکلات علي ضوء أحکام الشريعة الإسلامية وأصولها.
سادس عشر: يري المؤتمرون أن الأهواء والنزعات السياسية، وشيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الاخري انحرفت بالحالة السوية تلك إلي حالة طائفية ممزقة سادتها ظاهرة الغلو والتکفير والتطرف والتنافر والتمزق ونقل النزاع الفکري إلي الساحة العملية مما ترك آثاراً سلبية خطيرة علي قوة الأمة وتماسکها وسهل السُبل ليقوم اعداؤها بطعنها في صميم عقيدتها وتوجهاتها النظرية والعملية الأصيلة.
سابع عشر: يحيي المؤتمرون جهاد الشعب الإيراني وقيادته في سبيل تطبيق شرع الله في مختلف مناحي الحياة، ويدينون کل تآمر علي هذه المسيرة الخيرة، کما يعلنون دعمهم لموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية ويدينون کل الأساليب الملتوية التي تحاول منعها من الاستفادة من حقوقها المشروعة التي تکفلها لها المعاهدات والقرارات الدولية. ويدعون بلدان العالم الإسلامي إلي الاستفادة من هذه التجربة.
ثامن عشر: يشيد المؤتمرون بجهود رواد التقريب والوحدة الإسلامية کالسيد جمال الدين الحسيني والامام الشيخ محمد عبده والامام الشيخ محمود شلتوت و الامام البروجردي والامام الخميني والامام المودودي والامام کفتارو والامام الشيخ سعيد شعبان «رحمهم الله» والامام المغيب السيد موسي الصدر والامام الخامنئي «حفظه الله ورعاه».
تاسع عشر: يؤکد المؤتمرون علي أن المذاهب الإسلامية الثمانية کلها مذاهب إسلامية والمنتمي الي أي منها يعتبر مسلماً، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ويؤکدون علي المواقف التي صدرت من مراجع الدين السنة والشيعة وخاصّة أئمة الازهر الشريف ومراجع الدين في قم المقدسة والنجف الاشرف بشأن ضرورة الاجتناب عن کل ما يؤدي إلي تمزيق الصف الإسلامي ويشجبون کل ألوان التکفير والدعوة الي الاعتداء علي دماء المسلمين واعراضهم واموالهم.
عشرون: يشکر المؤتمرون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخامنئي(دام ظله)، کما يشکرون المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية علي إقامة هذا المؤتمر المبارك واستضافته، ويرون في إقامة أمثال هذه اللقاءات خيراً کثيراً.
وقد عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية في ذکري ميلاد الرسول الأکرم(صلي الله عليه وآله وسلم) والإمام جعفر الصادق(عليه السلام)،مؤتمره الدولي الثامن والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران من 15-17 ربيع الأول 1436هـ الموافق 7-9 يناير/کانون الثاني 2015م بحضور مئات الشخصيات الدينية والنخب العلمية من الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن سائر أنحاء العالم.
وتدارس المؤتمرون موضوع المؤتمر علي مدي ثلاثة أيام وفي خمس عشرة جلسة عمل ومن خلال عرض أکثر من مائة بحث وکلمة. هذا وقد تناول المشارکون حسب اختصاصهم الموضوعات المستجدة في مجالات التجارة والاعمال ، وشؤون الشباب وطلبة الجامعات، والاحزاب السياسية والنساء والأساتذة والجامعات، والاعلام في إطار لجان تخصصية مستقلة، فضلا عن دراسة الأزمات الراهنة في عالمنا الاسلامي في لجنتي المساعي الحميدة والجمعية العمومية لمجمع التقريب وبالتالي اللجنة الخاصة بالاتحاد العالمي لعلماء المقاومة وذلك للوصول الي حلول واقعية لها.
...................
11/5/150111
https://telegram.me/buratha