نهلل و نكبر و نعزف اللحان السعادة بلأغاريد بمولد هذا النور الرابع زين العابدين و سيد الساجدين البكاء على أبيه الذي تحمل صعاب الدنيا و شيد الدين مولد أبن الحسين عليه السلام ~ (( الإمام السجاد عليه السلام ) ونبارك لمسلمي العالم، ومحبّي أهل البيت عليهم السّلام، وكلِّ أنصار العدالة هذه الذكريات العاطرة ونقدم بأحر التهاني و التبريكات مشغوفة بالعطر الولاء المحمدي و الحب
الحيدري إلى مولانا وسيدنا صاحب العصر و الزمان الإمام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء بهذا المناسبات الميمونة ، والى مراجعنا العظام وعلمائنا الأعلام لا سيما الإمام المفدى السيد السيستاني دامت فيوضاته بهذه المناسبة التى تبهج القلوب وأضاءت بهم السماء من أنوار فرحتهم
في ظل خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرسل حريث بن جابر وكان واليا على جانب من المشرق بعث إلى أمير المؤمنين بابنتي يزدرجرد بن شهريار فعرض عليهن الإسلام فدخلن فيه واعتنقن الإسلام كدين جديد لهن، ولما رغب المسلمون في الزواج منهن سألهن أمير المؤمنين وكان قد أعطاهن كامل الاختيار في الانتخاب، فاختارت شاه زنان الحسين سيد الشهداء فتزوج منها
وهكذا بقيت العترة الطاهرة تنتظر ولادة الإمام السجاد من هذه المرأة الطاهرة، وفعلا فقد جاء إلى الدنيا عام38هـ وابتهج به جده أمير المؤمنين وأبيه الحسين وعمه الحسن (عليهم السلام) وأجروا عليه المراسيم الإسلامية التي أجراها رسول الله على الحسن والحسينوبقي الإمام زين العابدين سنتين في أحضان جده نهل روحانيته ومعنوياته، وعاش مع عمه الحسن عشر سنين ومع أبيه22 أو23 سنة. وهكذا تلقفت أركان الإمامة السجاد بالعلم والأدب وحكمة الأنبياء وصفاء الأولياء، بعد أن اختار الله تعالى له هذا الاسم المبارك (علي) زين العابدين وسيد الساجدينمولده عليه السلام
قال الشيخ الأربلي رحمه الله:
«ولد علي بن الحسين عليهما السلام، نهار الخميس، الخامس من شعبان المكرم في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، في أيام جده علي بن أبي طالب عليه السلام قبل شهادته بسنتين»(1).
قال ابن شهر آشوب:
«مولده بالمدينة، يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة، ويقال: يوم الخميس لتسع خلون من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة أمير المؤمنين بسنتين، وقيل سنة سبع، وقيل سنة ست»(2). والصحيح المشهور هو القول الأول.
أمه الطاهرة
شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ويسمونها أيضا شاه زنان، وكان أمير المؤمنين عليه السلام سماها مريم، ويقال: سماها فاطمة، وقيل انه عليه السلام أوصى الإمام الحسين بها قائلا: «وأحسن إلى شهربانويه فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك» وقال في مناسبة أخرى «وهي أم الأوصياء، الذرية الطاهرة»(3).
وقد أشاد المؤرخون بها فقال المبرد: «كانت شاه زنان من خيرة النساء»(4). وقال ابن شدقم: «كانت شاه زنان ذات فضل كبير»(5)، وقال الحافظ محمد بن يوسف الكنجي: «لقد جعل الله تبارك وتعالى الأئمة من نسل الحسين من بنت كسرى دون سائر زوجاته»(6 ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف الغمة للأربلي: ج 2، ص 286.
(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج 3، ص 310.
(3) بصائر الدرجات: ص 96.
(4) الكامل: ج 2، ص 462.
(5) زهرة المقول: ص 16.
(6) كفاية الطالب: ص 454.
ألقابه عليه السلام
زين العابدين، والسجاد، وذو الثفنات، والبكّاء، والعابد، من أشهرها زين العابدين، وبه كان يعرف. وقد جاء في المرويات عن الزهري أنه كان يقول: «ينادي مناد يوم القيامة ليقم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين عليه السلام ولقب بذي الثفنات لأن موضع السجود منه كانت كثفنة البعير من كثرة السجود عليه(1).
أما عن تسميته بالبكّاء فيروي الرواة عن الإمام جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: «بكى علي بن الحسين على أبيه عشرين سنة ما وضع خلالها بين يديه طعام إلا بكى. وقال له بعض مواليه: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف أن تكون من الهالكين.
فقال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع أبي وإخوتي وبني عمومتي إلا خنقتني العبرة».
وقد روى الرواة الكثير عن حزنه وبكائه فكان كلما قدم له طعام وشراب يقول: كيف آكل وقد قتل أبو عبدالله جائعاً، وكيف أشرب وقد قتل أبو عبدالله عطشاناً. وكان كلما اجتمع إليه جماعة أو وفد يردد عليهم تلك المأساة ويقص عليهم من أخبارها. وأحياناً يخرج إلى السوق فإذا رأى جزاراً يريد أن يذبح شاة أو غيرها يدنو منه ويقول: هل سقيتها الماء؟، فيقول له: نعم يا بن رسول الله إنا لا نذبح حيواناً حتى نسقيه ولو قليلاً من الماء، فيبكي عند ذلك ويقول: لقد ذبح أبو عبدالله عطشاناً. كان يحاول في أكثر مواقفه هذه أن يشحن النفوس ويهيئها للثورة على الظالمين الذين استباحوا محارم الله واستهزأوا بالقيم الإنسانية والدعوة الإسلامية من أجل عروشهم وأطماعهم وقد أعطت هذه المواقف المحقة ثمارها وهيأت الجماهير الإسلامية في الحجاز والعراق وغيرها للثورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إعلام الورى: ص 256.
أولاده
روى الشيخ المفيد أن لعلي زين العابدين عليه السلام خمسة عشر بين ذكر وأنثى. أحد عشر ذكراً وأربع بنات(1). أكبرهم سناً وقدراً الإمام محمد بن علي الملقب بـ«الباقر». أمه فاطمة بنت الإمام الحسن عليه السلام أولدت له أربعة هم: الحسن والحسين ومحمد الباقر وعبدالله وبه كانت تكنى.
ومما يبدو أن أكبر أولاده محمد الباقر ولد له سنة سبع وخمسين هجرية وكان له من العمر عندما استشهد جده الحسين عليه السلام في كربلاء ثلاث سنوات.
وله من الذكور أيضاً زيد وعمر وأمهما أم ولد.
والحسين الأصغر، وعبدالرحمن وسليمان أمهم أم ولد.
ومحمد الأصغر وعلي الأصغر وكان أصغر أولاده الذكور.
وخديجة وفاطمة وعليّة وأم كلثوم أمهن أم ولد.
إخوته
كان للإمام علي بن الحسين عليهما السلام أخوان علي الأكبر، وعبدالله الرضيع. وقد قتل علي الأكبر مع أبيه في كربلاء، ولا بقية له، وأمه كانت آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب.
أما عبدالله الرضيع فأمه الرباب بنت امرئ القيس وقد قتل أيضاً مع أبيه وأخيه يوم الطف.
أخواته
وكان له أختان أيضاً: سكينة وفاطمة، فسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس، وأما فاطمة أم إسحاق بن طلحة ابن عبيد الله(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد: ص 244.
(2) الدر النظيم لابن حاتم العاملي: ص575.
موجز عن حياته عليه السلام
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قبض علي ابن الحسين عليهما السلام وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين، عاش بعد الحسين خمسا وثلاثين سنة»(1).
وقال المفيد: «فبقى مع جده أمير المؤمنين عليه السلام سنتين ومع عمه الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه الحسين عليه السلام ثلاثا وعشرين سنة وبعد أبيه أربعا وثلاثين سنة»(2). قال الحسيني العاملي: «وكان في زمان إمامته عليه السلام بقية ملك يزيد بن معاوية إلى أن توفى سنة أربع وستين، وبايع أهل الشام لابنه معاوية، فأقام على الخلافة مدة أربعين يوما. وبايع الناس بعده لمروان بن الحكم فبقى خليفة أربعة أشهر، ثم توفى وبايع الناس بعده لابنه عبد الملك. وولى عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي على الكوفة، وكان من أبغض الناس لأهل البيت عليهم السلام وقتل من الشيعة خلقا كثيرا؛ منهم كميل بن زياد صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، وقنبر عبد أمير المؤمنين عليه السلام، وسعيد بن جبير... واستقر الأمر لعبد الملك وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة، ومات سنة ست وثمانين. ثم تولى بعده ابنه الوليد، وكان في إمامة زين العابدين عليه السلام، جانب من ملكه»(3).
رسالته عليه السلام إلى شيعته وأصحابه
بسم الله الرحمن الرحيم: «كفانا الله وإياكم كيد الظالمين، وبغي الحاسدين، وبطش الجبارين. أيها المؤمنون، لا يفتنكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا، المائلون إليها، المفتنون بها، المقبلون عليها، وعلى حطامها الهامد، وهشيمها البائد غدا فاحذروا ما حذركم الله منها، وازهدوا في ما زهدكم الله فيه منها... إنها لترفع الخميل، وتضع الشريف، وتورد أقواما إلى النار غدا، ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه... فاستعينوا بالله، وارجعوا إلى طاعة الله، وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع فأطيع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي للكليني: ج 1، ص 468.
(2) الإرشاد للشيخ المفيد: ج 2، ص 137.
(3) موسوعة شهادة المعصومين: ص 26.
فالحذر، الحذر، من قبل الندامة والحسرة والقدوم على الله، والوقوف بين يديه. وتالله ما صدر قوم قط عن معصية الله إلا إلى عذابه، وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة، إلا ساء منقلبهم، وساء مصيرهم. وما العلم بالله والعمل بطاعته إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله. وإن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له، ورغبوا إليه، فقد قال الله:«إنما يخشى الله من عباده العلماء» فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعة، وأدنى من العذر، وأرجى للنجاة. فقدموا أمر الله، وطاعة من أوجب الله طاعته، بين يدي الأمور كلها، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من الطواغيت، من زهرة الدنيا، بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الأمر منكم. واعلموا أنكم عبيد الله، ونحن معكم، يحكم علينا وعليكم سيد غدا، وهو موقفكم، ومسائلكم، فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسألة والعرض على رب العالمين. واعلموا أن الله لا يصدق كاذبا، ولا يكذب صادقا، ولا يرد عذر مستحق، ولا يعذر غير معذور، له الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء. فاتقوا الله عباد الله واستقبلوا في إصلاح أنفسكم طاعة الله، وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما قد ندم في ما فرط بالأمس في جنب الله، وضيع من حقوق الله. فاستغفروا الله، وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئة، ويعلم ما تفعلون. وإياكم، وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم. واعلموا أنه من خالف أولياء الله، ودان بغير دين الله، واستبد بأمره دون ولي الله كان في نار تلهب، تأكل أبدانا قد غاب عنها أرواحها، وغلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار، ولو كانوا أحياءً لوجدوا مضض حر النار. فاعتبروا يا أولي الأبصار واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته، وسيرى الله عملكم ورسوله، ثم إليه تحشرون. وانتفعوا بالعظة. وتأدبوا بآداب الصالحين».
فسلام على زين العابدين وقرة عين الناظرين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
نسألكم الدعاء
https://telegram.me/buratha