قبّةٌ طاولت السماء شموخاً ورفعة، تتلألأ سناً بوجهها المتألّق كشمس الثريّا وسط ظلام الدنيا وظلمها، كأنّها احتضنت كلّ العراق وشملته بحمايتها، وكيف لا وهي مهبطُ الأملاك ومحورُ الأفلاك.. وبرهان هذا أنّ الظلاميّين من خفافيش الكهوف التكفيرية حين أقدموا على فعلتهم المشينة ونسفوا هذه القبة الطاهرة، حدث في العراق ما حدث وكادت رياح بني أمية أن تعصف به، ولم يلتئم الجرحُ وتهدأ العاصفة حتى شُرع ببناء هذه القبّة القدسيّة من جديد.
واليوم حين نرى بأمّ أعيننا وقد اكتحلت عيون المحبّين والموالين وهي ترى هذه القبة المشرّفة قد اكتمل بناؤها واكتست بثوبها المطرّز بالذهب، ندرك تماماً أنّ يداً غيبيّة تسدّد خطى كلّ ساعٍ في هذا المضمار المبارك.
فقد تمّ الانتهاءُ مؤخّراً من رفع جميع الهياكل الحديدية المحيطة بالقبّة الشريفة لحرم الإمامين العسكريّين(عليهما السلام) لتعانق السماء بحلّتها الذهبية ورافقها كذلك الانتهاء من القبّة الداخلية وأعمال تغليفها.
ومن المعلوم أنّ أوّل بلاطة نُصبت في مشروع التذهيب كانت يوم (25آذار 2011م)، وسبق هذه الأعمال تجهيزُ الذهب في المعمل الذي أنشئ خصّيصاً في العتبة العسكرية المطهّرة، وقد شمل العمل كذلك تقطيع البلاطات النحاسية وجليها وتنظيفها، ومن ثم طلاء القطعة من الداخل بمادة الإيبوكسي العازلة؛ لتمكّن البلاطة من مقاومة العوامل الجويّة من الحرارة والرطوبة وغيرها, بعدها طلاء الوجه الأمامي لها بمادّة الكوبلت؛ لتضفي عليها حمايةً أكثر من تسرّب المياه، ثمّ تمّت بعدها عمليات الطلاء بالذهب، وتجري هذه العملية بالطريقة الإلكترونية: وهي طريقةٌ حديثة وعلمية متّبعة في العالم أجمع.
وإنّ سُمْكَ التذهيب في كلّ بلاطة ذهبية ما بين (10-12)ملم، ويبلغ وزن البلاطة الواحدة (14- 18)غم من الذهب، وهي مختلفة الأبعاد والقياسات؛ لأنّ القبة تأخذ شكلاً منحنياً فكلّما ارتفعنا إلى الأعلى قلّ قياسها, لهذا تمّ رسم القبّة بقياسات هندسية دقيقة جداً وكلّ هذه العمليات خاضعة لضوابط الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية التابع إلى وزارة التخطيط العراقية.
يُذكر أنّ مشروع إعمار العتبة العسكريّة المقدّسة جاء ردّاً على فاجعتي التفجير اللتين طالتا العتبة المقدّسة في (23محرم الحرام 1427هـ) و (27جمادى الأولى 1428هـ).