مع حلول شهر محرم الحرام وفي كل عام، أيام تتخلل شهر الأحزان سيما في أيام محرم الأولى، تنصب فيها سرادق العزاء من قبل أهالي البصرة التي يقدمون فيها المأكل والمشرب طلبا للثواب ولجذب المعزين لإحياء واقعة الطف الأليمة وما دار على سيد الشهداء الإمام الحسين وعلى آل بيته وأصحابه عليهم السلام، من قتل وذبح وسبي.
وتقوم عدد من الفرق باستعراضات للمواكب الحسينية خاصة وقت المساء، يتخللها فعاليات مختلفة كإلقاء القصائد و(الردات) الحسينية وضرب الزنجيل، ومواكب الطبول التي تجسد طبول الحرب وساحات معارك عاشوراء، وغيرها من الفعاليات الأخرى التي يراد منها إظهار الحزن والأسى.
كل موكب له سردق يتفنن ويتسابق به في تقديم الخدمات، فمنهم من يقطع الطريق على المارة ليأخذوا مما يقدمه الموكب من الطعام أو الشراب، وأحيانا يصل إلى التوسل بالمارة لقبول أخذه عطائهم طلباً للثواب والتقرب لصاحب المصاب، ومنهم من وضع جهده في نصب منحوتات او رموز تمثل معركة الطف وما جرى فيها من مصاب على آل بيت النبوة، من قتل وذبح وحرق للخيام وسبي لعيال الحسين (ع).
مع موكب أنصار الزهراء (ع) في منطقة القبلة بمحافظة البصرة، عمد صاحبه "سيد محمد جاسم" وهو احد المهجرين من محافظة بغداد - منطقة الرضوانية، عمد إلى تشييد بوابة على الشارع العام بجانب سردق الموكب ووضع في أعلى البوابة نصب كبير يمثل سيف ذو الفقار، السيف الذي أهداه الرسول محمد (ص) الى الإمام علي (ع)، وتوارثه ابنه الحسن، ومن بعده الحسين (ع)، وجعله يزدان بلون ذهبي ومقبض عاجي، ويهدف بذلك إظهار قوة ذلك السيف في إحقاق الحق والانتصار على الظلم.
شقيق عامر جاسم قال لراديو المربد، ان شقيقه عمد إلى بيع سيارته بمبلغ تسعة ملايين ونصف المليون دينار عراقي لتشييد هذه البوابة ولم يستعن بأي دعم مادي مقدم من أي جهة كانت.
أما موكب عبد الله الرضيع في منطقة الجنينة في البصرة فقد وضع العديد من المجسمات لشخوص شهداء الطف من آل الحسين وأصحابه (ع)، بالإضافة إلى رسومات
ومجسمات لقبورهم الشريفة، الى جانب مجسمات وعظية وإرشادية تبين أهوال يوم القيامة بالإضافة إلى نواعير تحمل دلاء تصب منها الدماء.
وعن ذلك، قال صاحب الموكب أبو رضا الرماحي لراديو المربد ان هذه المجسمات تمت بجهود ذاتية من قبل فنانين مشتركين في الموكب، وهو يعرضها كل عام أمام الناس في محرم الحرام، مبينا أن أعدادها تزداد كل سنة سيما الشخوص والمجسمات.
تجسيد لشخصية حامل لواء الحسين العباس (ع) وما قدمه من مآثر بطولية في كربلاء وخيمة الهاشميات من بنات رسول الله (ص) وشخوصهن أثناء السبي، والشمر يضربهن بالسياط، هذا كله وضعه أمام الناس موكب الإمام موسى بن جعفر في حي الأندلس بالبصرة.
وقال صاحب الموكب سيد اسعد البطاط لراديو المربد أن الشخوص صنعت من البلاستك والقماش بأيدي فنانين مشاركين في الموكب وبجهود ذاتية بالإضافة إلى ما يقدمونه في الموكب من أطعمة وشراب إلى الناس.
العديد من سكنة منطقة الجمهورية استغلوا الجزرة الوسطية الكبيرة في الشارع الرئيس الذي يصل المنطقة بمناطق الموفقية والعالية والأصمعي، فملؤها بما يمثل معركة الطف والمراقد المقدسة لآل البيت (ع) بالإضافة إلى سرادق العزاء الحسيني ومن الشخوص البارزة فيها والتي صممها ونصبها الفنان ابو حيدر صاحب موكب علي الأكبر (ع)، كما وضع جذع شجرة كبيرة رسم عليها جسد العباس (ع) وفي جوانبها يد ترفع راية الإمام الحسين (ع) والأخرى يد ترفع السيف ووضع عوضا عن الرأس الشريف قربة تصب الماء، أما الجسد فقد نشبت فيه العديد من الأسهم.
أبو حيدر صاحب موكب علي الأكبر قال لراديو المربد أن الشجرة تمثل ثبات الإمام في المعركة والجسد يمثل ما أصابه من سهام، أما الرأس فان المعروف ان جيش يزيد قد قطعه ووضعه مع باقي الرؤوس، أما القربة التي وضعت محل الرأس المقطوع فتحكي صولة العباس على (نهر) الشريعة بكربلاء طلباً لسقاية الماء لعطاشى الحسين (ع)، وكل هذا وضع في نافورة هادئة قال ابو حيدر أنها تمثل هدوء نفسية العباس (ع) السكينة التي حلّت على نفسه في ساحة القتال وعدم خوفه عند مقارعة الأعداء.
المشهد لايختلف كثيراً عن بقية مناطق محافظة البصرة وشوارعها الرئيسة وفي الأفرع، وعلى الجزرات وأمام المنازل، وكل يجود بما يملك ليبذله والغاية من ذلك كما قالوا لراديو المربد أنها حباً بالحسين وآله (ع) وتجسيداً لتلك الواقعة الأليمة على القلوب.
https://telegram.me/buratha