سيطول بعدي يا سكـينـةُ فاعلمي *** منكِ البكـاءُ إذا الحِمامُ دهـاني
لا تُحرقي قلبي بدمعك حسـرةً *** مـادام منّي الـروحُ في جـثماني
فإذا قُتـلتُ فأنـت أولى بالـذي *** تأتينـه يــــــا خيـرة النّسـوانِ
عزيزةُ الإمام الحسين (عليه السلام) كما سمّاها أبوها (سلام الله عليه) وهي آمنة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أمّها: الرّباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبيّ، اشتهرت بلقب (سكينة) المعبّر عن السكينة والهدوء والوَدَاعة والوقار، ولها خمس إخوة هم: علي بن الحسين الأكبر وعليّ بن الحسين زين العابدين، وجعفر بن الحسين وعبد الله بن الحسين (عليهم السلام) والأخير هو شقيق السيدة سكينة حيث أنّ أمّه الرّباب أيضاً. وفاطمة بنت الحسين (عليها السلام)، وأمّها: بنت طلحة بن عبيدالله التيمي.
ولدت في العام السابع والأربعين من الهجرة الشريفة وفي اليوم الحادي والعشرين من شهر رجب الأصبّ على أغلب الروايات، وكان عمرها عند استشهاد والدها الإمام الحسين (عليه السلام) أربعة عشر عاماً تقريباً قضتها (سلام الله عليها) تحت رعاية أبيها وإشرافه، وتربية المعصوم المباشرة لها أثرٌ بالغ في بناء شخصيّتها، ومن النواحي كافة العلمية والدينية والأخلاقيّة والخُلقية أيضاً، فضلاً عن تأثير البيئة الأُسرية المتضمّنة لأكثر من معصوم، وشخصيّات أُخَر كانت بحقّ واصلة الى الدرجات العُليا من العلم والمعرفة والتهذيب.
لقد نشأت السيدة سكينة (عليها السلام) وتربّت في البيت النبويّ في أحضان والدتها الرباب وإشراف أبيها الإمام الحسين (عليه السلام) فتشرّبت مبدئيّات وأخلاقيّات الرساليات الداعيات من بيت النبوّة محتذيةً بقدوة النساء بعد الزهراء(عليها السلام) السيدة زينب(عليها السلام).
بعد واقعة الطفّ وما جرى فيها من أحداث ومصائب كانت قد جرت عليها، وخير مجاهدة فيها في سبيل ربّها، مثبتةً للعالم أجمع قوّة الموقف والمبدأ والعقيدة.
انتقلت السيدة سكينة (عليها السلام) إلى رعاية أخيها الإمام السجاد (سلام الله علية)، حيث عاشت حياة حافلة بالعلم والأدب والنشاط الاجتماعي، وكان خصومها يقرّون لها بعلمها ومناقبها، فكانت السيّدة سكينة سيدة نساء عصرها، وأوقرهنّ ذكاءً، وعقلاً، وأدباً، وعفّةً، تزيّن مجالس نساء أهل المدينة بعلمها وأدبها وتقواها، ذات بيان وفصاحة، يشهد بعبادتها وتهجّدها.
تعرّض تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) إلى حملات تشويه طويلة الأمد، متعاقبة من جيلٍ إلى جيل؛ من أجل زعزعة مكانتهم في قلوب الناس، وقد تعرّضت سيرتها إلى الكثير من قسرية التزييف، فدوّنوا لنا صحائف كثيرة، والسيدة سكينة (عليها السلام) لم تتزوّج غير ابن عمّها عبد الله بن الإمام الحسن (عليهما السلام) فقط، وزواجها بغير ابن عمّها من الأباطيل التي طبّل لها رواة السوء والمرتزقة من حثالات الأمّة، فنسبوا تعدّد الأزواج للسيدة سكينة (عليها السلام)، وغاب عنهم مقياس العلم والأخلاق والأمانة، فكالوا لأهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) وأتباعهم ومحبّيهم شتّى أنواع البهتان والتهم والإفتراءات، كلّ ذلك بسبب ولائهم لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.
https://telegram.me/buratha