الصفحة الإسلامية

كلمة المنبر الحسيني، ومحورية الحداثة‎ / محمد الشذر

2701 2016-05-07

محمد الشذر

لا شك ان عجلة الحياة في تطور مستمر، وان اساليبها تتغير بين تراجع تارة، وتقدم تارة اخرى، واستحداث لمنهج جديد، واقصاء لآخر، ونظرا للتطور الحاصل في عالم الامم والشعوب، فستجد ان الجيل الصاعد يقع في شباك التناشز الاجتماعي، وخصوصا في المجتمع الشرقي المحافظ، والذي اصبحت تصدر اليه الايديولوجيات التي تصبوا للإطاحة به من كل حدب وصوب، فهو يقف بين عاداته وتقاليده التي تدعوه للمحافظة واحترام القيم، والسير بمنهجية ابائه وفق العقل والمنطق والادب.

امام المحافظة والعودة للتراث واحياء الصفات الحميدة والجميلة، يظهر قسم اخر، يدعوه الى التطور والحداثة، وتحت عنوان بأن كل قديم قد بلى، وان التحجر سبب تخلف الشعوب، وبسبب قلة التجربة الحياتية التي يمتلكها هذا الجيل، وقلة معرفته بتبعات ما يتلى عليه من النسق الجديد، ولان طبيعة الانسان تحب التطلع والاكتشاف، وتجربة كل ما هو جديد، تراه قد انساق من حيث لا يشعر نحو من اراد له الضياع، فأنطلق بدون تمحيص ودراسة ومقارنة، للانفتاح على افق جديد.

تحدٍ صعب يحتاج الى كفاح مستمر، ورسم لخطى بناء سليم، ومحاربة كل ما يريد بأسم التطور والحداثة، قتل الدين، والانقضاض على القيم والمبادئ، وجرف الجيل والناشئة الى تيارات تنصله عن العرف، والدين والمبادئ السامية، ومن هنا يأتي دور الوعظ والارشاد، والتوجيه والتدعيم، وشرح الاسس الصحيحة، وتفعيل دور العقل والتمحيص، والمقارنة، ورسم الخطى لتطور علمي، واجتماعي، يرتقي بالإنسان نحو مراتب التطور المنشود، وفق الشريعة السمحاء والتي طالبت بذلك مسبقا.

المنبر الحسيني هو اداة بناء، ورسالة توجيه، وورقة وعظ وارشاد، ونسق تقويم لحياة المجتمع، هو دفة حكم، ودكة عدل، هو عقل بناء لشخص سديد، ومعلم فيض اسري، ونهج تركيب مجتمعي قويم، هو مجهر الكشف عن الحقائق، ومبضع التشريح، وإخضاعها للنقاش والتحليل، وآلة عزل الرديء عن الجيد، ومحل تمحيص لمجريات امور الافراد، والدولة، ومقارن الاحداث، ووضع الحلول، وتعميم النتائج، فمن ذلك المنبر قد اخرج العظماء الناس من الاستعباد الى الحرية.

المنبر الحسيني هو صرخة حق وسط براثن الجور، ليقوم بإحقاق الحق، وهو صوت يصدح عبر السنين لينهج سبيل الصلاح والفلاح، ومسايرة التطور وفق المبادئ السامية والرصينة، والتي تحافظ على هيكلية الدين والعرف والمجتمع والاخلاق، وبالتالي تقضى على كل ما يؤدي الى الانحلال، والانحطاط الفكري، والاخلاقي ارساءا واحياءا لرسالة سيد الكائنات محمد "صلى الله عليه واله وسلم"، فمن ذلك المنبر تم اسقاط الحكومات، وتغيير الشرائع المظلمة، وبكلمات ذلك المنبر تم تنبيه الناس من الغفلة الى واقعهم الاليم ليقوموه.

عدائية المنبر اليوم تتكاثر يوم بعد اخر، ومهامه تتشعب، نظرا للتطور الحاصل، فالشبكات العنكبوتية، ووسائل الاعلام التلفزيوينة، وغيرها قد اخذت مأخذها، وكل يطرق على الوتر الذي يرى القيم والمبادئ تتنافى مع ما يدعوا اليه، فشرع العداء له، حتى راح يستخدم البعض ممن يطلقون على انفسهم دعاته، وهمه ضرب المؤسسة الدينية لا غير،
المنبر سيبقى شعلة تضيء الطريق ليستهدي بنورها الاخرون، ولو كره المبغضون.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك