الاعتقاد بالمنقذ والمصلح الكبير لدى البشرية أمر بدأ منذ أن وطأت أقدام أبينا آدم عليه السلام الأرض وحتى رسالة الخاتم من الانبياء والمرسلين الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ليكشف عنه بصراحة ووضوح لا يدع لأدنى شك لدى العقول البشرية إلا من أعمى الله سبحانه وتعالى قلبه قبل بصره حيث اتفق العلماء والرواة والمحدثون أن عدد الآيات النازلة في شأن الامام المهدي (ع) هي (132) آية؛ وهو المشهود اليوم في عالمنا الحاضر من الوهابيين والسلفيين والمنافقين والقاسطين والمارقين الذين ساروا على خطى أسلافهم اولئك الذين خططوا ل"سقيفة بني ساعدة" ونفذوها ودعموها.
لبني أمية الحاقدين الساخطين على بيت الوحي والنبوة والرسالة وعلى الدين الاسلامي الحنيف اليد الطولى في تبني فكرة أنكار المهدي (عجل) منذ البداية وحتى قيام الساعة، حيث دعمتهم الصهيونية العالمية في أنحرافهم هذا لتفتيت الأمة وتفسيخها وتقطيع أوصالها وعدم ألتفافها حول الحق والحقيقة والرسالة السماوية الناصحة والصراط المستقيم المتمثل بأهل البيت عليهم السلام أجمعين لخطورة هذا الأمر على ريادتهم للأمة والتحكم بمقدراتها ونهب ثرواتها وتسييرها باتجاه بوصلتهم في الأنحطاط الخلقي والتفسق الاجتماعي وإبقاء الأمة في خلسة من نوم وسبات عميق لا تعي ما يدور من حولها وما ينجلي عليها من مكائد ومصائب، فشغولها بالتحارب والتكفير والتقاتل الأخوي، وأستباحة بعضهم لدم وحرمات البعض الآخر وهو ما نراه حالياً في العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها من البلاد الاسلامية بمال سعودي - قطري - اماراتي نفاقي تحجري قبلي وثني، وفتاوى التكفير السلفي - الوهابي التي لا تنم للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد وانما دعوة بالعودة للجاهلية الأولى والشرك والظلمة واستحمار الفقير وسيطرة القوي الغني التي كانت تعيشها الأمة قبل بعثة منقذ البشرية ورحمة للعالمين المصطفى محمد (ص).
جميع الاديان السماوية والمدارس والطوائف العقائدية متفقة على وجود منقذ للبشرية من الظلم والأضطهاد في آخر الزمان، فيما أعتبرت الطوائف الأسلامية ظهور الامام المهدي (عجل) من المسلمات العقائدية حيث ملئت كتب الحديث بأخبار ظهوره مما دفع بالمنحرفين الى الاتجاه نحو التشكيك في تأريخ ولادته المباركة وطول عمره الشريف، وهنا يكمن بيت القصيد الذي يعبث فيه المنحرفون لكن الدلائل على صحة تاريخ الولادة الميمونة هذا رغم انه جاء في كبار كتب العامة قبل الخاصة حتى تجاوز عدد كبار علماء المسلمين من السنة الذين أتفقوا على ذلك بأكثر من 125 عالماً مؤرخاً وراويا .
ولد الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام محمد بن الحسن العسكري المهدي المنتطر(عجل) والذي نعيش هذه الأيام ذكرى ولادته الكريمة، في ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة بمدينة سامراء في العراق، كما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن محمد (كمال الدين : 648 | 1 ـ 4). وكان سنه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عند استشهاد أبيه الامام الحسن العسكري (ع) خمس سنين، حينما آتاه الله سبحانه الحكم صبياً كما آتاه النبي يحيى (ع)، وجعله في حال الطفولة إماماً كما جعل نبينا عيسى (ع) نبياً في المهد صبياً. وهو امام عصرنا، نعتقد بهذا لإخبار النبي (ص) به. وطول غيابه وعمره الطويل لا يثير الدهشة بعد أن نسمع بأشخاص آخرين عمروا طويلاً كالنبي نوح (ع) والخضر (ع)، وكذلك سلمان الفارسي (رض).
كرس الحلف التكفيري - الصهيوني المشؤوم كل قواه الاعلامية والدينية بفتاوى الكذب والدجل والنفاق على تكذيب "ظاهرة المهدي (عجل)" خوفاً من أتباع الأمة لنهج أهل البيت عليهم السلام في التصدي للظلم والزور والنفاق والتزوير والاستعمار، واكتساح مكتب المقاومة كل الميادين مما سيعكر أجواء سطوتهم وسلبهم سلطتهم وافلاسهم من العبث في مقدرات الأمم وثرواتها ومعتقداتها كون أن "الايمان بالمهدي الموعود (عجل)" هو إيمان برفض الظلم والجور والفرعنة والانحراف والتزييف والتزوير، ومصدر قوة ودفع لا تنضب، وبصيص نور يقاوم اليأس في نفس الانسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما ادلهمت الخطوب وتعملق الظلم; وانه يثبت أن العدل قادر كل المقدرة على مواجهة عالم مليئ بالظلم والجور، فيزعزع ما فيه من أركان الظلم مهما تجبر وأمتد في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته.. ولا بد أن ينهزم؛ ومن هذا المنطلق نرى آثار الخوف والفزع ترتسم على وجوه الطغاة الظلمة ومنهم آل سعود الحاقدين على الأمة والملة والدين كلما جاء ذكر للامام المنتظر (عجل) حيث شهد كيف ارتعد ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أيام وهو يرد على سؤال بهذا الخصوص على الفضائيات السعودية .
لسنا لوحدنا ننتظر بزوغ شمس الانسانية والعدل والمحبة والسلام على يدي القائد الكوني الذي يملك ما بين المشرق والمغرب وسبب الارتباط بين الأرض والسماء.. بل أن مختلف الأديان السماوية خاصة كبار علماء أهل العامة (السنة) ايضاً يؤمنون مثلنا بحقيقة شمس الحقيقة في وضوحها ولم يأت إيماننا وإيمانهم من فراغ بل يستند الى الأدلة البينة والبراهين الساطعة والدلائل الواضحة.. ولو أحصينا أسماءهم التي جاءت بالمئات وعددنا آلاف المصادر من أقوالهم وكتبهم وأدلتهم التي جاءت في ذلك، لتطلب الأمر تأليف مجلدات ضخمة وجهودا جبارة لكننا نكتفي بالنزير منه .
فقد ذكر ذلك ابن الاثير الجزري عز الدين في "الكامل في التاريخ"، وابن خلكان في "وفيات الاعيان"، والذهبي "العبر من خبر من غبر"3/ 31، ومؤمن بن حسن الشبلنجي الشافعي في "نور الابصار" 186، و"تاريخ دولة الاسلام"، و"سيرة اعلام النبلاء" 13/ 119 ـ الترجمة رقم 60، و"تاريخ دولة الاسلام"، و"سيرة اعلام النبلاء"، وابن الوردي في ذيل تتمة المختصر المعروف ب"تاريخ ابن الوردي"، واحمد بن حجر الهيثمي الشافعي في "الصواعق المحرقة"، والشبراوي الشافعي "الاتحاف بحب الاشراف" ص 68، وخير الدين الذكلي في "الاعلام" ح6 ص 80، والجويني الحموئي الشافعي في "فرائد السمطين" 2 / 337، ونور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي المعروف بابن الصباغ في "الفصول المهمة" ص237 - الباب 12، والامام محمد بن يوسف أبو عبد الله الكَنجي الشافعي في "كفاية الطالب" جزء "البيان في أخبار صاحب الزمان"، ومحمد بن طلحة الحلبي الشافعي في "مطالب السؤول في مناقب آل الرسول" 79:2 الباب 12، وعبد الوهاب بن احمد الشعراني الشافعي "اليواقيت " و"الجواهر"ذكر أشراط الساعة، والملا علي بن حسام الدين الهندي في "البرهان في علامات مهدي آخر الزمان" و"تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان"، ومحيي الدين بن العربي "الفتوحات المكية"، باب 366 في المبحث 65، والحافظ جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي في "العرف الوردي في أخبارالمهدي"، والامام ابن حجر الهيتمي المكي في "القول المختصر في علامات المهدي المنتظر"، والملا علي بن سلطان القاري الهروي في "المشرب الوردي في مذهب المهدي"، والشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي في "فوائد الفكر في الامام المهدي المنتظر"، وجلال الدين السيوطي في "رسالته: احياء الميت بفضائل اهل البيت (ع)"، وشمس الدين محمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق في "الائمة الاثنا عشر" ص 117، واحمد بن يوسف ابو العباس القرماني الحنفي في "اخبار الدول وآثار الاول" ص 353 الفصل 11، وسليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي في "ينابيع المودة" ج3 /114 في اخر الباب 79، والامام عبد الرزاق بن هشام الصنعاني في "المصنف" حيث أفرد باباً بعنوان (باب المهدي) .
ونقل ذلك ايضاً الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني في"صفة المهدي"، والامام جلال الدين يوسف بن يحيى بن على المقدسي الشافعي "عقد الدرر في أخبار المنتظر"، والعلامة ابن بريدة "العواصم عن الفتن القواصم"، وعبد الله بن محمد المطيري الشافعي "الرياض الزاهرة"، والامام الحافظ أبو جعفر العقيلي "الضعفاء"، والامام البربهاري "شرح السنة"، والحافظ أبو الحسن الآبري في كتاب "مناقب الشافعي"، والحافظ ابن حجر "تهذيب التهذيب "عن الامام البيهقي، والامام السفاريني "لوامع الأنوار البهية"، وسبط ابن الجوزي الحنفي "تذكرة الخواص" ص363، والشبراوي الشافعي "الإتحاف بحب الأشراف"، والفضل بن روزبهان "ابطال الباطل".
وكذلك ذكره الحافظ محمد بن محمد الحنفي النقشبندي في "فصل الخطاب"، والشبلنجي الشافعي "نور الأبصار"، وابن خلكان "وفيات الأعيان"، وابن الخشاب "تاريخ مواليد الأئمة"، وعبد الحق الدهلوي "رسالته في أحوال الأئمة"، ومحمد أمين البغدادي السويدي "سبائك الذهب"، والمؤرخ ابن الوردي "تاريخه"، ومحمد بن هارون ابوبكر الروياني "المسند"(مخطوط)، وابو نعيم الاصبهاني "الاربعين حديثا في المهدي"، واحمد بن الحسين البيهقي " شعب الايمان"، والخوارزمي الحنفي " مقتل الامام الحسين (ع)، وسراج الدين الرفاعي في "صحاح الأخبار"، وكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي "مطالبالسؤول"، ونور الدين على بن محمد بن الصباغ المالكي "الفصولالمهمة"، والشاه ولي اللّه احمد بن عبد الرحيم الدهلوي الحنفي "المسلسلات المعروف بالفضل المبين" .
وغيرهم الكثير من الرواة والمؤرخين والعلماء الذين شددوا على حقيقة ولادة الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في 15 شعبان سنة 255 للهجرة وهو حيّ يرزق حتى يومنا هذا.. لا يسع لهذا المقال القصير أن يأتي ولا لوقتنا اليسير مقدرة على ذكرهم جميعاً وشملهم جميعاً بل وجدنا أن ننقل جزءاً يسيراً من ذلك لتبيين حقيقة الشمس وأتضاح صورة الهداية السماوية لدى اولئك الذين لا يزالون يجهلونها ولم يتسع الوقت أي يدركوها بمجملها .
https://telegram.me/buratha