أمل الياسري
داخل صندوق مظلم مغلق لا مخرج له، كانت خارطة العراق أبان حكم الطاغية صدام مرسومة، بما يخص إحياء الشعائر الدينية، ولكن هناك ثقوب عراقية تنبض حباً بالإمام الحسين (عليه السلام) فتخرج منها صرخات وآهات، رغم القمع والطغيان البعثي، الذي كان يراهن بعنجهيته على طمس معالم الثورة الحسينية، بيدَ أن الشمس لم تحجبها صناديق المقابر الجماعية، ومطامير السجون، بل على العكس أزهر وأثمر حب محمد وآل محمد يوماً بعد آخر، ليعلن صوت الحسين الثائر صيحته: هيهات منا الذلة.
كربلاء خلال مسيرة عشقها الأزلي، رُميت بكثير من الأحجار، أريد لها أن تسيء للشعائر المقدسة، لكن علماءنا وأعلامنا العظام جعلوا من هذه الحجارة، سُلماً يصعد به الحسينيون نحو الشموخ، فإرتفعت راية الطف علواً وسمواً، وإنتكست راية الباطل بإمتياز، وما هذه الحشود المليونية الزاحفة صوب كعبة الأحرار، إلا دليل مواساتنا وعمق إيماننا بقضية مسيرة السبايا، بقيادة عقيلة الطالبين السيدة زينب(عليها السلام)، وبيان مظلومية الإمام الحسين(عليه السلام)، ولتوثق ملحمة كل العصور والدهور، قصة إنتصار الدم على السيف.
مفتاح النصر والإنتصار في كربلاء، كان الرأس الشريف للإمام الحسين(عليه السلام)، فقد رأى السعادة الثمينة في كل مصيبة يتعرض لها، على مدى ظهيرة عاشوراء، رغم أن المعطيات كلها كانت ضده في العدة والعدد، لكن مقدار القوة والغلبة تحسب لمعسكر الامام الحسين، لأنها مشاعر مؤيدة ومسدد من العلي الأعلى، لذلك لن ينكسر قلب متعلق بحب الباريء عز وجل، وعليه لجأ يزيد عليه اللعنة لقتل الحسين(عليه السلام)، متوهماً القضاء على شريعة محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله).
المتتبع لكربلاء يدرك أنها قضية إنسانية عقائدية، أنتجت أمة عظيمة، بفضل رأس رجل أراد الإصلاح في أمة جده، وإعلم أيها الزائر المتوجه لكربلاء، أنك أبكيتهم بإستمرارك على نهج الحسين(عليه السلام) لذا كن زيناً لهم ولا تكن شيناً عليهم، وكل الأشياء تتحدث بداخلك عن كربلاء تنطق بخط أحمر لأن الظروف القاهرة التي تعرض لها آل البيت(عليهم السلام) وإنفردوا بمواجهتها، وتفردوا بنتائجها الباهرة، التي كان سببها الإيمان القوي واليقين العظيم، وبذلك إجتازت كربلاء كل العصور والدهور.
https://telegram.me/buratha