حُبابةُ الوالبيةُ أنموذجاً...
أمل الياسري
أن تكون جزءاً من حيثيات القضية الحسينية، فذاك يعني أنك تتميز بصفات العبادة الخالصة، والعقيدة الصادقة لله عز وجل، وبالتالي فأنت جزء من القضية المهدوية العالمية، وبما أن المجتمع الإنساني رجالاً ونساء، هم مَنْ يحيون هذه القضايا المقدسة، كان هناك عدد من النسوة العالمات الفاضلات، اللواتي عاصرنَ مصائب أهل البيت (عليهم السلام)، ومنهم حُبابة الوالبية، فطوبى لنساء بلغنَ درجة عالية من الجهاد، للوقوف بوجه الطغاة.
ورد في كتاب إثبات الهداة، الجزء الثالث صفحة (575 )، عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبي عبد الله الباقر (عليه السلام) يقول: (يكون مع القائم ثلاث عشرة إمرأة، قلت: وما يصنع بهن؟ قال: يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى، كما كُنَ مع رسول الله، فقلت: فسمهنَّ لي؟ قال: القنواء بنت رشيد، وسمية، وأم أيمن، وزبيدة، وحبابة، وصبانة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعيد الحنفية، وأم خالد الجهنية).
حُبابة الوالبية أم الندى، بنت جعفر من بني أسد، تعرف بصاحبة الحصاة التي ختمها أمير المؤمنين، وإعتبرت من دلائل الإمامة، لأنها عاصرت علي بن أبي طالب، وحتى الإمام الرضا (عليهم السلام)، وبشرّها بأنها من المكرورات القائمات مع الحجة المنتظر(عج)، وقد ذكرها الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله: كانت عابدة زاهدة، ومن أهل النجاة، ومن الملازمات لزيارة الإمام الحسين، يوم بايع المنافقون إبن معاوية يزيد عليهما اللعنة.
توفيق إلهي بارع وحياة أبدية، هو ما كتب لهذه السيدة الجليلة، فقد دأبت على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في حياته، وجاهرت بفضائله في المجالس ومحافل النساء، وإنتصرت لقضيته المقدسة، وواظبت على زيارته والبكاء على مصيبته بعد وفاته، ومواساة أهل بيته (عليهم السلام) حيث لا يخفى لما للزيارة من أهمية، وما فيها من تحمل للمصاعب ومقابلة الأخطار، أيام الأمويين والعباسيين، إنها كرامة ما بعدها كرامة!
نساء خالدات بتأريخهن، بذلنَ الأرواح والمهج لنصرة الحق، لم تخف قط من زيارتها للإمام الحسين (عليه السلام)،عندما كان الناس يفدون الى معاوية، لأنها إمرأة شديدة الأيمان بمنهج محمد وآل محمد، فكان جهادها قولاً وفعلاً، لتحظى بهذه المنزلة العظيمة، بأن تظهر أيام خروج الحجة المنتظر (أرواحنا لمقدمه الفداء) لينهض بشعار: يا لثارات الحسين، فيقمنَ هؤلاء النسوة الفاضلات معه، وهي منزلة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
إمرأة من الشيعة الحقيقيين المخلصين، واكبت محنة الحسين، وحملت قضيته مع نساء البيت العلوي، فنشرت مظلوميته وقصة إنتصاره بأرجاء المعمورة، خاصة إذا ما علمنا أنها عاشت (113) سنة، وعاصرت سبعاً من الأئمة الأطهار، وذلك جعلها مؤهلة لأن تكون من ضمن 313 ،الذين يقومون مع صاحب العصر المنتظر، حيث يصبح همها الوحيد نصرة إمام زمانها، فكانت تقرأ دائماً وأبداً الأية الكريمة:" يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة".
لم يكن الحسين (عليه السلام) وحيداً في معركة الطف، بل كان بجانبه الشيخ، والشاب، والطفل، والرجل، والمرأة، وحتى بعد إستشهاد أصحابه وأنصاره وبنيه، باتت المرأة أحد أجهزة الإعلام الرسالي لنصرة القضية الحسينية، وكشف قبح فعل الطاغوت الأموي، ولهذا كانت حبابة الوالبية إحداهن، خاصة وأنها عاشت عهد الإمام الحسين (عليه السلام)، وعاصرت تضحياته العظيمة، فسلاماً لكِ وطوبى لكِ أيتها المكرورة السعيدة، يا صاحبة المنزلة الرفيعة.
https://telegram.me/buratha