عبد الكاظم حسن الجابري
لا يمكن وصف ما يحصل في زيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام بكلمات بسيطة, فما شاهدناه ونشاهده يكاد يكون إعجازيا, بل هو المعجزة نفسها في زمن اللا معجزات.
ملايين تسير الالاف الكيلومترات, قاطعة الأراضي الشاسعة, على طول مساحة العراق, أعمار مختلفة وألوان متعددة وجنسيات كثيرة.
هذه الملايين الزاحفة نحو قبلة الأحرار, نحو المعشوق الأبدي, رسمت بهدوئها وتنظيمها, ولطيف تعاملها, أرقى صور الإنسانية, وأكمل صور السلام والتعايش, والود والوئام.
التفكير في الكلف اللازمة لتغطية الحالة الأمنية والخدمية لهذه الملايين قد يودي بالعقل إلى الجنون, فلا يمكن تصور حماية وإطعام وإسكان واستضافة أكثر من خمسة عشر مليون شخص في مدة قصيرة, وعلى مدى واسع من الأرض, وأعتقد أن أي حكومة في أي مكان من العالم, لو نسألها عن ذلك ستجيب بأنه لا يمكن, وإن أمكن فالأمر يحتاج إلى ترتيبات مسبقة, وخطط طويلة الأمد, وإلى ميزانيات هائلة.
كل هذه الأمور جعلها خدام الإمام الحسين عليه السلام سهلة وميسرة, فالمؤمنون الذين تطوعوا ونصبوا مواكب الخدمة, لم يدخروا جهدا ولا مواردا إلا واستثمروه في خدمة الزائرين الكرام.
انتشرت المواكب على طول مسير الزائرين, وفي مختلف الأماكن والاتجاهات, وكذلك في مركز مدينة كربلاء, تنافست هذه المواكب في تقديم أفضل أنواع الخدمة لزوار المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام, فلم يبخل موكب من المواكب بمأكل أو مشرب, أو مبيت أو علاج, أو أي خدمة يحتاجها الزائر, والتي وصلت إلى غسل ملابس الزائرين, وتوفير أماكن لشحن هواتفهم النقالة, وغيرها كثير من الفعاليات.
الحقيقة أن ما قدمه أصحاب المواكب هو شيء عظيم, ومدعاة للفخر والاعتزاز, وبجهود هذه الثلة المؤمنة والطيبة تيسرت مسيرة الزائرين, ولولاهم لكان للزيارة شأن آخر.
إن كلمات الشكر والامتنان لا تفي حق خدام الحسين عليه السلام, سواء أ كانوا من مؤسسات أمنية, عملت على تأمين الطرق, أو خدمية, أو منتسبي العتبات المقدسة, أو أصحاب المواكب والهيئات, وساق الآليات, الذين تطوعوا لنقل الزائرين مجانا عند عودتهم, كل أصحاب هذه الفعاليات هم محط حب واحترام وتقدير, وهذه الجهود التي بذلوها ما هي إلا تعبير عن حبهم وولاءهم لإمامهم الحسين عليه السلام, ومواساة لنبيهم الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, ولآل بيته الكرام سلام الله عليهم.
لا يفوتني أن أذكر أن في هذه السنة تحديدا, 1440 هجرية, كانت هناك مواكب نوعية, تطوعت للعمل في تنظيف وترتيب وتهيئة طرق الزائرين, وحفظها من تراكم النفايات والأوساخ.
نسأل الله أن يكون ما قدمه الخدام هدية مقبولة عن الله سبحانه وتعالى, وعند نبيه وأل بيته عليهم السلام, وأن لا يحرمنا من أن نكون في ركب الخدام, فخدمة الحسين عليه السلام مرتبة وشرف لا يناله إلا ذو حظ عظيم.
https://telegram.me/buratha