قيس النجم
الرؤية وبناء الرؤية, التي تأتي من تخطيط ناجح, لتشيد أُسس قوية ومتينة لدولة عصرية عادلة, مطالب انطلقت من رحم الألم والحرمان, مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالظهور المبارك لإمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
هناك من اعتبر(إنتظار المهدي)أروحنا لتراب مقدمه الفدا, فوق المنطق واللامعقول, في عصر ماتت فيه الحقيقة, وامتزجت مع الخيال, ومن أهم ما يجعلها واضحة للموالين, هو الأمل؛ ودوره في التمهيد للظهور المبارك، والدور الذي سيلعبه في نشر العدل بين الناس, ولكن الجهلاء والمخالفين, ينظرون الى قضية التمهيد، مثلما ينظرون الى صناعة الوهم، يعتبرون ذلك خرافة ليس لها وجود, ألفوها لصناعة جيل يؤمن بشيء لا يدرك, وإذا لم يكن وهماً أصلاً, فإنه بعيد المنال, كما تتصوره عقولهم المريضة!!, مما ولد كراهية لدى المتشددين, الذين يملكون المال والجاه, إذ باتت ترهبهم فكرة الظهور, وقاموا بصناعة قوى, جعلوها مرادفه للفكرة المهدوية.
رجالٌ عاشوا في قعر القرن الماضي, ومن ذاك الزمن حتى يومنا هذا, كان التأثير واضحاً عليهم, فاصبحوا مبدعين في زراعة الخوف وثقافة الموت, لأن الحكومة كانت قوية في بطشها, نستنتج أن الثوب القديم الذي فصلته بدقة وإتقان مكائن السياسيين, في الحكومات السابقة صار شيئاً مقدساً, وإرثاً قد ورثوه, حتى إنهم اورثوه بالعمد المقصود, وكان مدروساً, بأيادٍ قد تدربت تدريباً متقناً, مما جعل فكرة تحقيق العدالة شيئاً فوق المنطق, في زمن اختفت فيه المعجزات.
يعيش فينا الأمل منذ الأزل, وأصبح موروثاً لدى الموالين, فهناك ثورة حقيقية قائمة, تأخذنا الى حيث الاعتقاد الصادق والجاد بالظهور, ونحن نعلم أنه ولد من نسل الأئمة, إماماً قائماً بالعدل والقسط في أُمةِ جده, حيث قال ابن عم الرسول, وزوج البتول, عن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم),"لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ, لبعث الله رجلاً من أهل بيتي، يملؤها قسطاً وعدلاً, كما ملئت ظلماً وجوراً ".
هنا نجد, إن الامل الموجود في الظهور, ظاهرة طبيعية لجميع الديانات, ومنها الطائفة المسيحيةً, بعودة المنقذ في آخر الزمان (عيسى عليه السلام), وصدّق بها أيضاً "الزرادشتيون بانتظارهم عودة (بهرام شاه), وكذلك مسيحيو الأحباش, بترقّبهم عودة ملكهم (تيودور), (كمهدي) في آخر الزمان، ومثلهم المجوس, أزاء ما يعتقدونه من حياة (أوشيدر), كما ينتظر الإسبان, ملكهم (روذريق)، والمغول قائدهم (جنكيز خان)".
رغم كل هذه الادلة, مازال التحشيد والإعلام المرادف لفكرة الظهور, تشن حملاتها المسعورة, وشحن الطاقات التكفيرية بالسموم القاتلة, لغرض إبطال فكرة الانتظار والتمهيد؛ وتكفير كل من يعتقد إن للزمان منقذ, سوف يظهر كي يملأها عدلاً, بعد ما ملئت جورا, هنا يتطلب أن يكون لنا وقفة جادة حقيقية, ونقول لكل المخالفين والمعارضين, إن الثورة الالهية قائمة, بقلوب الموالين والمحبين, لكن مازال هناك سؤالين, الاول لماذا كل هذا الخوف من فكرة الظهور؟ والثاني لماذا هذا التحشيد؟ ربما لن يجيبوا عليهما بصدق, لكون اجوبتهم ستدور بتكفيرنا وإدخالنا في خانة الشرك والكفر بالله, وهم على علم ودراية بمصداقية الظهور, لكن قلوبهم ملئت بالكفر والفسوق والعصيان, وهم للحق كارهون, حتى صاروا متعالين على الله ومنافقين, وهذا ديدنهم وليس بجديد.
https://telegram.me/buratha