الصفحة الإسلامية

الامام العسكري والمسؤولية الكبيرة في فترة إمامته القصيرة

2349 2018-11-19

ست سنوات هي فترة إمامة الامام أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (254-260هـ . ق)، ليقوم خلالها بالمسؤولية السماوية الكبيرة في التصدي للطغاة والفراعنة وأئمة الزيف والتزوير والانحراف الذين يعبثون بعقائد الناس، الى جانب الشق الأهم من تلك المسؤولية ألا العمل على إعداد الأمة الاسلامية لعصر الغيبة والظهور ذلك العصر الذي بشرت به جميع الأديان السماوية وتحدث عنه جميع أنبياء ورسل رب العالمين خاصة أولي العزم منهم عليهم السلام أجمعين. 

أكد الدين الاسلامي الحنيف على وجوب أن تكون قيادة الأمة وسيرتها السياسية والعقائدية من مهام الأئمة المعصومين عليهم السلام أولئك الذين بشر يهم خاتم الرسل محمد بن عبد الله الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم بقوله " يكون من بعدي أثنا عشر أميراً، كلهم من قريش" - رواه صحيح البخاري: في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (صفحة 175 طبعة مصر سنة 1355 هجري)، وصحيح الترمذي: (صفحة 45 الجزء الثاني طبعة دهلى سنة 1342 هجري) في باب ما جاء في الخلفاء، وصحيح مسلم: في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش (صفحة 191 الجزء 2 ق 1 طبعة مصر سنة 1348 هجري)، مسند أحمد: (طبعة مصر المطبعة الميمنية سنة 1313 هجري جزء 5 ص 106)، والمستدرك على الصحيحين: (طبعة حيدر آباد الدكن سنة 1334 هجري) في كتاب معرفة الصحابة (صفحة 618 الجزء 3). 

من هذا المنطلق نجد أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) وحتى الامام الحسن العسكري (عليه السلام) حملوا لواء المعارَضة للسلطات الطاغية والفرعونية الحاكمة، ونادوا بالعمل في كتاب الله عزوجل وسُنَّة النبي (صلى الله عليه وآله) . 

كما انهم عليهم السلام اتَّخذوا أساليب مختَلفة لمواجهة الانحرافات التي اجتاحت الأمة الاسلامية وسعوا كثيرا من أجل احياء القيم الحقيقية للاسلام المحمدي الاصيل وقدموا الغالي والنفيس وتحملوا أشق المعاناة كالملاحقة، والسجون، والقتل، والتنكيل والأسر وغيرها من أجل ذلك . فكان الامام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام هو الامام الحادي عشر من هذه السلسلة الذهبية الربانية الذي أنتخبوا لهداية الأمة، حيث تحمل ما تحمل رغم صغر سنه (232 - 260 هـ . ق) أي 28 عاماً، حيث عايش خلالها ثلاثة من الخلفاء العباسيين هم: المعتز العباسي 252ـ 255هـ والمهتد 255- 256 ق والمعتمد العباسي 256- 279هـ - الطبري، محمد بن جرير، دلائل الامامة، ج1، ص223، وعانى ما عانى منهم من الويلات والسجن والمضايقات حيث تردد إلى سجونهم عدّة مرات وخضع للرقابة المشدّدة وأخيراً محاولة البطش به بعيداً عن أعين الناس والتي باءت بالفشل. 

رغم قلة سنوات عمره وإمامته لكن الامام أبا محمد الحسن (ع) أستغل ضعف السلطة العباسية وسيطرة الأتراك على مقاليد الحكم وأستطاع من إجهاض كل هذه المحاولات التتزييفيه والتحريفية للسلطة وذوي النفوس الضعيفة والمنافقين ليسير بالمسلمين نحو الطريق الصحيح، مما أكسبه احتراماً خاصاً حتى لدى أتباع السلطة بحيث كانوا يتحولون من خلال قربهم له إلى أناس ثقات وموالين وحرصاء على سلامته. كما وأنه (ع) تمكن من تفويت الفرصة على الحكم العباسي ومخططهم المشؤوم القاضي بدمج أئمة أهل البيت وصهرهم في بوتقة الجهاز الديكتاتوري المنحرف الظالم الحاكم وإخضاعهم للمراقبة الدائمة والإقامة الجبرية لعزلهم عن قواعدهم ومواليهم. 

المضايقات التي كان يعانيها الامام العسكري (ع) خلال فترة أمامته ومن قبلها عندما كان يعيش مع والده الامام الهادي (عليه السلام) تحت الرقابة العباسية المشددة في سامراء، دفعته (ع) أدت لإختياره نواباً للإتصال بشيعته، وكان عثمان بن سعيد أحد نوابه الذي تولى النيابة في حياته وبعد وفاته، وبقي فيها حتى عصر الغيبة الصغرى، فأصبح كأول وكيل ونائب خاص للامام المهدي (ع). كما استغل هذه السياسة لإيهام السلطة بعدم الخروج على سياستها. ليدفع عن أصحابه الضغط والملاحقات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الدولة العباسية، دون أن يعطي السلطة غطاءاً يكرّس شرعيتها ويبرّر سياستها المزيفة الماكرة، كما ظهر من خلال موقفه (ع) من ثورة الزنج التي إندلعت بسبب ظلم السلطة العباسية وإنغماسها في حياة الترف. فكان موقف الامام العسكري (ع) الرفض لكنه آثر السكوت وعدم إدانة تصرفات الثورة لكي لا تعتبر الإدانة تأييداً ضمنياً للسلطة الفرعونية الجائرة. 

أستغل الامام أبا محمد الحسن (ع) إنشغال السلطة بإخماد ثورة ليمارس دوره الرسالي التوجيهي والإرشادي مشجعاً أصحابه على إصدار الكتب والرسائل بالموضوعات الدينية الحيوية، وكان يطلّع عليها وينقحها. كما تصدى للرد على كتب المشككين وإبطالها. ويُروى أنه اتصل بالفيلسوف "الكندي" الذي شرع بكتابة كتاب حول متناقضات القرآن. فأقنعه بخطئه. مما جعل الكندي يحرق الكتاب ويتوب. كما وترك الامام العسكري (ع) مجموعة من الأحاديث في مجال التفسير والأخلاق والقضايا العقائدية إضافة الى الأدعية. 

فانفرد عليه السلام دون غيره من الأئمة الهداة من أهل البيت عليهم السلام أجمعين في حمله لعبء قيادة المسلمين واعداد الأمة لعصر الغيبة وامامة الامام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف في وقت قصير جداً وظروف بالغة الخطورة والقمع الدموي الذي ينتهجه الحكام الطغاة آنذاك. 

إختيار الامام العسكري (ع) نواباً للإتصال بشيعته شكل صدمة نفسية وإيمانية للمسلمين المؤمنين الذين كانوا قد إعتادوا على الارتباط المباشر بالامام ولو في سجن بني العباس أو عبر نوابه حيث كانوا يشعرون بحضوره وتواجده بين ظهرانيهم ويحسّون بتفاعله معهم، والآن يُراد لهم أن يبقى هذا الايمان بالامام المنتظر (ع) حيّاً وفاعلاً وقويّاً بينما لا يجدون الإمام في متناول أيديهم وقريباً منهم بحيث يستطيعون الارتباط به متى شاؤوا. 

عانى الامام الحسن بن علي العسكري (ع) الذي نعيش اليوم الثامن من ربيع الاول ذكرى استشهاده الاليمة والمفجعة، ذات المعاناة التي عاشها آباؤه الميامين بغية إرشاد الامة ومكافحة الظلم والانحراف والعمل على ابقاء الرسالة المحمدية قائمة ما بقي الدهر. ليستشهد في الثامن من ربيع الأول سنة 260 للهجرة وبعد خمس سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام من امامته المباركة، لتفقد الأمة القائد والموجه والمصلح الذي كان يحنو على ضعفائهم وأيتامهم وفقرائهم وارتفعت الصيحة من دار الامام (ع) وعلت أصوات العلويات والعلويين بالنحيب والبكاء. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك