نساء عاصرْنَ الأئمة وعشْنَ أبداً/40
أمل الياسري
خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، بن عبد الله بن ثعلبة بن يربوع، بن الدؤال بن لحيم بن حنفية، وأمها بنت عمرو بن أرقم الحنفي، من قبيلة إمتنعت عن دفع الزكاة، إلا لمَنْ بايعته يوم غدير خم، كانت من بين الأسارى في حملة لخالد بن الوليد على قبيلتها، أيام الخليفة أبي بكرالصديق وخاطبت الإمام علي (عليه السلام):( من أجلك سُبينا ولحبك أصابنا ما أصابنا).
دخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المسجد النبوي وفيه ضجة، فقالوا له: هذه إمرأة من بني حنيفة، حرّمت ثمنها على المسلمين، فقالت: ثمني حرام إلا على مَنْ يخبرني بالرؤيا التي رأتها أمي، فقال علي: ما دعت الى باطل، أخبروها تملكوها، فقال أبو بكر: أخبرها يا علي، فقال علي: أخبرُها أملكُها بلا إعتراض أحد منكم، قالوا: نعم، فماذا كان خبر هذه السيدة الجليلة؟!
قال الإمام علي (عليه السلام): يا حنيفية أخبركِ فأملككِ، فقالت: ومَنْ أنتَ الجريءُ دونَ أصحابكَ؟ فقال: أنا علي، فقالت: لعلك الرجل الذي نصّبك محمد خيمة الجمعة بغدير خم علماً للناس، فقال: أنا ذلك الرجل، فقالت: إن رجالنا لا تسلم صدقات أموالنا، ولا طاعة نفوسنا إلا للذي نصبه محمدا فينا وفيكم علماً، فقال علي: يا حنيفية ألم تحمل بكِ أمكِ في زمان قحط منعت السماء مطرها؟!
يا حنيفية: كانت أمكِ تقول لكِ: إنكِ حمل مشؤوم في زمان غير مبارك، وكأنكِ في رحمها تقولين لها: يا أماه، لا تشأمي بي، إني إنثى مباركة يملكني سيد معصوم يولدني ولداً، يكون عزاً لبني حنيفة، فقالت: صدقتَ أنى لكَ هذا؟ قال هو إخبار النبي لي، فقالت: صدقتَ، فأين اللوح؟ قال: في عنقكِ، فدفعت اللوح الى علي فملكها، وتزوجها فولدت له ذكراً كان بحق عزاً لقبيلته.
أكرم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هذه السيدة، وتزوجها بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والسيدة فاطمة بنت حزام (أم البنين)، وأنجبت السيدة خولة الحنفية ولداً أسمياه (محمد الأكبر وكنيته أبو القاسم )، فسمي بعدئذٍ بـ (محمد بن الحنفية)، الذي تزوج من (أم عون بنت محمد بن جعفر الطيار الهاشمية، وجدتها أسماء بنت عميس) ،وعاش في المدينة المنورة مهياباً في مكانته العظيمة.
محمد بن الخنفية لم يدرك جده النبي محمد (صلواته تعالى عليه)، لكنه متعلق بجده من كثرة ما سمعه من أبيه علي (عليه السلام)، فنشأ بطلاً مغواراً له مواقف مشهودة يوم الجمل، وصفين، والنهروان، ثائراً ضد قتلة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان مؤمناً بإمامة علي السجاد (عليه السلام) ماضياً بطاعته، وهو أحد رجال الإسلام، وأبطاله في العلم والزهد، والعبادة والشجاعة، فلنِعمَ ما أنجبتْ خولة الحنفية!
خولة بنت جعفر الحنفية، عاصرت زمن الإمام علي والحسن والحسين (عليهم السلام اجمعين)، لها دور كبير في نشر علوم آل البيت، فكانت بحق قوة علوية هائلة، لتقف مع نساء البيت الهاشمي الطاهر في قضيتهم العادلة، وحضورها محوري إرتبط وجودها بالدفاع عن قضية الإمامة والولاية، ودورها في عملية التغيير والإصلاح، وبالتالي فحضور النساء نابع من سيرة حياتهم المباركة، المتؤامة مع حياة إئمة أهل البيت (عليهم السلام).
https://telegram.me/buratha