"مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى، أتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَاَنْتَ تَاُمُّ الْمَلأ وَقَدْ مَلأْتَ الأرْضَ عَدْلاً وَأذَقْتَ أعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَأبَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَت الْحَقِّ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرينَ، وَاجْتَثَثْتَ أصُولَ الظّالِمينَ"..
يشهد عصرنا دوامة من المشاكل والصراعات والخلافات الدينية والفتنة الطائفية زرع بذورها الاستكبار العالمي واللوبي الصهيوني بالبترودولار السعودية وأخواتها وسائر الأنظمة الديكتاتورية الموروثية، بهدف بث الفرقة بين أبناء الأمة الاسلامية الواحدة وتصفية الدين المحمدي الأصيل وحماته أتباع أهل بيت الوحي والتنزيل والعصمة والطهارة عليهم السلام، بحروب فتنوية وهابية سلفية تكفيرية دمروا خلالها الأخضر واليابس، والبشر والحجر، والتراث والدين والقيم الانسانية، ورسالة السماء السمحاء؛ فأراقوا دماء الأبرياء، ومزقوا أجساد الأطفال، وصبوا جام حقدهم على الضعفاء حيث اليمن لايزال يشهد حمم إجرامهم بعد العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان، فيما نار الحرب الداخلية تطحن في ليبيا والسودان، والجزائر على الهاوية لتنتقل الفتنة الصهيونية – الوهابية الى سائر بلاد المسلمين.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي إثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال (ص): على بن أبي طالب. قيل فمن ولدك؟ قال (ص): المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب”- جاء في "فرائد السمطين” آخر ج2 للعلامة الحموينيّ، و”ينابيع المودة” للقندوزي ج3 ص395، و”غاية المرام” للعلاّمة البحرانيّ ص 43 و ص 692 .
الاعتقاد بالمنقذ والمصلح الكبير لدى البشرية أمر بدأ منذ أن وطأت أقدام أبونا آدم عليه السلام الأرض وحتى رسالة الخاتم من الانبياء والمرسلين الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ليكشف عنه بصراحة ووضوح لا يدع لأدنى شك لدى العقول البشرية إلا من أعمى الله سبحانه وتعالى قلبه قبل بصره وهو المشهود اليوم في عالمنا الحاضر من الوهابيين والسلفيين والمنافقين والقاسطين والمارقين الذين ساروا على خطى أسلافهم اولئك الذين خططوا ل”سقيفة بني ساعدة” ونفذوها ودعموها.
لبني أمية الحاقدين والساخطين على الاسلام والمسلمين والرسالة المحمدية الأصيلة اليد الطولى في تبني فكرة أنكار المهدي (عجل) منذ البداية وحتى يومنا هذا حيث دعمتهم الصهيونية العالمية كل الدعم في أنحرافهم هذا لتفتيت الأمة وتفسيخها وتقطيع أوصالها وعدم ألتفافها حول الحق والحقيقة والرسالة السماوية الناصحة والصراط المستقيم المتمثل بأهل البيت عليهم السلام أجمعين لخطورة هذا الأمر على ريادتهم للأمة والتحكم بمقدراتها ونهب ثرواتها وتسييرها بإتجاه بوصلتهم في الإنحطاط الخلقي والتفسق الإجتماعي وإبقاء الأمة في خلسة من نوم وسبات عميق لا تعي ما يدور من حولها وما ينجلي عليها من مكائد ومصائب فتشغلها بالتحارب والتقاتل فيما بينها وأستباحة بعضها لدم وحرمات ومقدسات البعض الآخر وهو ما نشهده في العديد من بلادنا الاسلامية.
لقد اتفقت جميع الاديان السماوية والمكاتب والطوائف العقائدية على وجود منقذ للبشرية من الظلم والأضطهاد في أخر الزمان، فيما أعتبرت الطوائف الأسلامية ظهور الامام المهدي (عجل) من المسلمات العقائدية حيث ملئت كتب الحديث بأخبار ظهوره مما دفع بالمنحرفين الى الاتجاه نحو التشكيك في تأريخ ولادته المباركة التي كانت في ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة بمدينة سامراء في العراق، وهنا يكمن بيت القصيد الذي يعبث فيه المنحرفون لكن الدلائل على صحة تاريخ الولادة الميمونة هذا رغم انه جاء في كبار كتب العامة قبل الخاصة حتى تجاوز عدد كبار علماء المسلمين من السنة الذين أتفقوا على ذلك بأكثر من 125 عالماً مؤرخاً وراوياً .
فقد ذكر قضية قدوم المنقذ الموعود الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ابن الاثير الجزري عز الدين "الكامل في التاريخ” في حوادث سنة (260 هـ)، وابن خلكان "وفيات الاعيان”، والذهبي "العبر من خبر من غبر”3/ 31، و”تاريخ دولة الاسلام”، و”سيرة اعلام النبلاء” 13/ 119 ـ الترجمة رقم 60، وأبن الوردي في ذيل تتمة المختصر المعروف بـ”تاريخ ابن الوردي”، ونقله عنه مؤمن بن حسن الشبلنجي الشافعي في "نور الابصار” 186، وأحمد بن حجر الهيثمي الشافعي "الصواعق المحرقة” الطبعة الثالثة ص 313، والشبراوي الشافعي "الاتحاف بحب الاشراف” ص 68، ومؤمن بن حسن الشبلنجي "نور الابصار” ص 186، وخير الدين الذكلي "الاعلام” ح6 ص 80 في ترجمة الامام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري، والجويني الحموئي الشافعي "فرائد السمطين” 2 / 337- طبع بيروت، ونور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي المعروف بابن الصباغ "الفصول المهمة” ص237 - الباب 12، والامام محمد بن يوسف أبو عبد الله الكَنجي الشافعي "كفاية الطالب” جزء "البيان في أخبار صاحب الزمان”، ومحمد بن طلحة الحلبي الشافعي "مطالب السؤول في مناقب آل الرسول” 79:2 الباب 12، وعبد الوهاب بن احمد الشعراني الشافعي "اليواقيت ” و”الجواهر”ذكر أشراط الساعة، والملا علي بن حسام الدين الهندي "البرهان في علامات مهدي آخر الزمان” و”تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان”، ومحيي الدين بن العربي "الفتوحات المكية”، باب 366 في المبحث 65، والحافظ جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي "العرف الوردي في أخبار المهدي”، والامام ابن حجر الهيتمي المكي "القول المختصر في علامات المهدي المنتظر”، والملا علي بن سلطان القاري الهروي "المشرب الوردي في مذهب المهدي”، والشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي "فوائد الفكر في الامام المهدي المنتظر”، وجلال الدين السيوطي "رسالته: إحياء الميت بفضائلاهل البيت (ع)”، وشمس الدين محمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق "الائمة الاثنا عشر” ص 117، وأحمد بن يوسف ابو العباس القرماني الحنفي "اخبار الدول وآثار الاول” ص 353 الفصل 11، وسليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي "ينابيع المودة” ج3 /114 في اخر الباب 79، والامام عبد الرزاق بن هشام الصنعاني "المصنف” وقد أفرد باباً بعنوان (باب المهدي).. وعشرات غيرهم لايسع المقال ذكرهم.
فلسنا لوحدنا ننتظر بزوغ شمس الحرية والعدل والمحبة والسلام على يدي القائد الكوني الذي يملك ما بين المشرق والمغرب وسبب الارتباط بين الأرض والسماء.. بل أن مختلف الأديان السماوية تؤمن بأن "الايمان بالمهدي الموعود (عجل)” هو إيمان برفض الظلم والجور، ومصدر قوة ودفع لا تنضب، وبصيص نور يقاوم اليأس في نفس الانسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما إدلهمت الخطوب وتعملق الظلم; وأنه يثبت أن العدل قادر كل المقدرة على مواجهة عالم مليئ بالظلم والجور، فيزعزع ما فيه من أركان الظلم مهما تجبر وأمتد في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته.. ولا بد أن ينهزم .
وأقر بقضية الظهور ايضا كل من، الحافظ محمد بن محمد الحنفي النقشبندي في "فصل الخطاب”، والشبلنجي الشافعي "نور الأبصار”، وابن خلكان "وفيات الأعيان”، وابن الخشاب "تاريخ مواليد الأئمة”، وعبد الحق الدهلوي "رسالته في أحوال الأئمة”، ومحمد أمين البغدادي السويدي "سبائك الذهب”، والمؤرخ أبن الوردي "تاريخه”، ومحمد بن هارون أبوبكر الروياني "المسند”(مخطوط)، وأبو نعيم الاصبهاني "الأربعين حديثا في المهدي”، وأحمد بن الحسين البيهقي ”شعب الايمان”، والخوارزمي الحنفي ”مقتل الامام الحسين (ع)"، وسراج الدين الرفاعي في "صحاح الأخبار”، وكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي "مطالبالسؤول”، ونور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي "الفصولالمهمة”، والشاه ولي اللّه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الحنفي "المسلسلات المعروف بالفضل المبين” .
ونقل ذلك ايضاً، الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في”صفة المهدي”، والامام جلال الدين يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي "عقد الدرر في أخبار المنتظر”، والعلامة ابن بريدة "العواصم عن الفتن القواصم”، وعبد الله بن محمد المطيري الشافعي "الرياض الزاهرة”، والامام الحافظ أبو جعفر العقيلي "الضعفاء”، والامام البربهاري "شرح السنة”، والحافظ أبو الحسن الآبري في كتاب "مناقب الشافعي”، والحافظ ابن حجر "تهذيب التهذيب "عن الامام البيهقي، والامام السفاريني "لوامع الأنوار البهية”، وسبط ابن الجوزي الحنفي "تذكرة الخواص” ص363، والشبراوي الشافعي "الإتحاف بحب الأشراف”، والفضل بن روزبهان "ابطال الباطل”.
مولاي لقد ضقنا ذرعاً من الظلم وأهله، ومن دعاة الفسق والفجور بلباس الدين، وأنكسرت قلوبنا من هيمنة أعداء الله والحق والانسانية والعدل.. مولاي أشتقنا لك ولنور وجهك المبارك، متى نجاهد بين يديك ونشاركك ثأر الله سبحانه وتعالى ونعيش بدولتك دولة العدل الالهي.. نحن ننتظرك وأنت تنتظر، وندعو الله بفنون الدعوات الخالصة لأن يعجل فرجك ويسهل أمرك وأن تشرق الأرض بنور ربها فأنتم نور الله في الأرض وبكم يخرج الله الناس من الظلمات الى النور...
https://telegram.me/buratha