ظلم تاريخ الأمة الذي كتب بأقلام الشجرة الملعونة الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من كل الجهات وأناح عليه بكيل الإتهامات، لأن يعرف جيداً أن الحديث عن الامام المجتبى (ع) هو الحديث عن سر الروح في آفاقها الواسعة الصافية النقية المنفتحة على الله عزوجل، وعمق الانسانية المتحركة بالخير والحق والعدل كله.. ومعنى الحكمة في مواجهة حركة النفاق والشقاق، وشمولية العطاء في رعاية المحرومين من حوله، وسموّ الأخلاق الّتي تحتضن كل مشاعر الناس بكل اللهفة الحانية في مشاعرها، التي تتحرك في سلوكه في نفسه ومع ربه ومع الناس ومع الحياة.
هو ثاني أئمَّة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، وأول السبطين، وأحد سيَّدي شباب أهل الجنَّة، وأول ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأحد الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام). حيث ولد عليه السلام في المدينة المنورة، ليلة النصف من شهر رمضان سنة 2 أو 3 من الهجرة، وهو (ع) بِكْر الامام علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام).
ذكرت كتب السيرة ومنه ما رواه آنس بن مالك "أنَّ الأمام الحسن (عليه السلام) كان أشبهَ الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) خَلْقاً وخُلُقاً، وكان الناس إذا اشتاقوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد غيبته، فإنَّهم كانوا ينظرون الى الحسن (ع) ليجدوا فيه شمائل جده (ص)".
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يفصل بين الحسنين (عليهما السلام) قط في الفضل والمحبة، فقد كان (ص) يقول - في ما رواه السنّة والشيعة: "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهل الجنّة". وكان يقول وهو يشير إليهما: "اللهمَّ أبغضْ من يبغضهما "، وقال ايضاً:"من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني".
جاء عن السيوطي في تدريب الراوي، إنّ مشكلة كبيرة حلت بالمسلمين في عهد عمر بن الخطاب حيث منع الناس من كتابة حديث رسول الله (ص) بحجة الخوف من الخلط بينه وبين القرآن الكريم !!، وبذلك خسرت الأمة وحتى يومنا هذا وبتعمد من الشجرة الخبيثة الملعونة الكثير من تراث الرسول (ص) مما ضاع في صدور الناس الذين فارقوا الدنيا دون أن يُدوِّنوا ما حفظوه عنه.
رأى أمير المؤمنين الامام علي وولده الامام الحسن (عليهما السلام) في ذلك خطراً على الاسلام والمسلمين، لأنّ سنّة الرسول (ص) تمثّل عِدل كتاب الله في القاعدة الإسلامية على مستوى العقيدة، ففيها تفصيل ما أجمله القرآن، وفيها توضيح ما أبهمه، لذلك كانت كتابة السنّة الثابتة عن الرسول (ص) تمثل توثيقاً للاسلام في عقيدته وشريعته، بالدرجة الّتي يمكن أن يجد فيها المسلمون ما يعينهم على حلِّ الخلافات والمنازعات الناشئة من ضياع بعض أحاديث رسول الله (ص)، وهذا هو الخط الاسلامي في حركة الثقافة في حياة الانسان المسلم.
الرافضون للآخر لا يمكنهم قبول التصدي لإنحرافهم وتزييفهم للرسالة السماوية السمحاء الداعية للمحبة والمودة والتعايش السلمي والتعاضد والتكاتف والتوحيد والمساواة والعدالة؛ فجعلوا من الاسلام سيفاً يقطع الرؤوس، ومفخخات تفجر الناس الأبرياء، وسلاحاً لتدمير البلاد والعباد خدمة للمشروع الصهيوني العالمي "الاسلاموفوبيا" بأموال بترول الأمة وفتاوى وعاظ بلاطهم مرتزقي فتاة ريالهم ودرهمهم ودولارهم، يبيعون ويشترون بدماء الناس باثمانٍ رخيصة دون خوف أو فزع أو وجل من الله سبحانه وتعالى .
قام الامامان الحسن والحسين عليهما السلام بأداء رسالة واحدة، ولكن نصفها أداه الإمام الحسن عليه السلام بالاعداد الكامل وتهيئة الأرضية اللازمة، ونصفها الآخر قام بأدائه سيد الشهداء عليه السلام بقيامه المقدس الدامي في ثورة عاشوراء.
كانت مسؤولية الامام الحسن(ع) مهمة وصعبة جداً، وربما أصعب من مسؤولية الإمام الحسين عليه السلام، وذلك لأن مسؤولية الاعداد أصعب من تفجير النهضة والقيام المسلح، لأن الشخص الذي يريد بناء وتربية جيل على المفاهيم الصحيحة، فمن دون شك وترديد لابد من أن يلاقي صعوبات عديدة، وربما يهان، كما أنه يحتاج الى برنامج منظم وزمان طويل ومخطط دقيق على المدى البعيد، والكوادر الصالحة والتقية والاحتياط من أجل المحافظة على هذا الجيل في حال الإعداد والبناء، وعوامل البقاء خلال عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، وأخيراً فهو بحاجة للاستعداد الكامل لتحمل الكلمات الجارحة وأن يكون بعيداً عن كل مدح وثناء.
يؤكد الرواة أن من أبرز صفات الامام الحسن (عليه السلام) التي عرف بها صفة الحلم، حيث اشتهر عنه أنه (حليم أهل البيت)- ولابد لنا أن نشير إلى أن أهل البيت (عليهم السلام) كلهم يتصفون بالحلم- إلا أن الظروف التي عاشها الإمام الحسن (ع) اقتضت وساعدت على بروز هذه الصفة في شخصيته بشكل أجلى وأوضح، فالامام كان يواجه تشنجات واستفزازات من جهتين:
الجهة الأولى: خارجية، وتتمثل في معاوية بن أبي سفيان، وجبهة الشام، حيث سعى بكل جهده وقوته، وإمكانيات سلطته وحكمه، إلى أن يشوّه سمعة الامام الحسن (ع)، لعزله شعبياً، فعمل على إثارة الدعايات والاشاعات الكاذبة والمغرضة على الامام (ع)، وعلى أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، واستطاع نتيجةً لذلك أن يوجد تياراً في الشام يكره أهل البيت (ع)، حتى ان بعضهم صدق أن علي بن أبي طالب (ع) لم يكن يصلي!!
الجهة الثانية: داخلية، حيث إن قرار الامام الحسن (عليه السلام) بالصلح مع معاوية، والذي فرضته عليه الظروف، ورعاية لمصلحة الأمة الاسلامية، أثار مشاعر بعض المحيطين بالامام (ع)، ونظروا الى الصلح على أنه موقف ذل وخنوع واستسلام، فراحوا يوجهّون لومهم العنيف، وعتابهم الشديد، وبعبارات مسيئة وغير لائقة.
كما عرف أن الامام الحسن (ع) بالكرم والجود بين الناس جميعاً من مسلمين وغيرهم ، فقد قال ابن الصبّاغ: الكرم والجود غريزة مغروسة فيه، واتصال صلاته نهج ما زال يسلكه ويقتفيه المتقون.
فقد روى ابن عساكر بإسناده عن شهاب بن عامر: أنّ الحسن بن على (عليه السلام) قاسم الله تعالى ماله مرّتين حتى تصدّق بفرد نعله. وروى عن ابن سيرين: أنّ الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمائة ألف.
وروى عن سعيد بن عبد العزيز: أن الحسن بن علي بن أبي طالب، سمع إلى جنبه رجلاً يسأل أن يرزقه الله عشرة آلاف درهم فانصرف فبعث بها إليه.
https://telegram.me/buratha